ألبرت غودوين.. شرارة أول إضراب عمالي يهز كندا

في الثاني من أغسطس/آب عام 1918، دخلت مدينة فانكوفر الكندية في حالة شلل شبه تام إثر إعلان أول إضراب عام تشهده البلاد عبر تاريخها.
ولم يكن هذا الحدث مجرّد توقف جماعي عن العمل، بل مثّل صرخة مدوية ضد التفاوت الطبقي والاستغلال الاقتصادي وتضييق الحريات السياسية، وفتح الباب أمام مرحلة جديدة في نضال العمال الكنديين.
غضب شعبي صنع التاريخ
وبدأت بوادر الاحتقان الذي أشعل أول إضراب في تاريخ كندا، تظهر في أوساط العمال الكنديين في خضم الحرب العالمية الأولى (1914-1918).
إذ تسببت الحرب في ارتفاع تكاليف المعيشة وتجميد الأجور، بينما حصدت الشركات الصناعية أرباحاً قياسية بفضل الطلبيات العسكرية.
وتفاقم التوتر مع عودة الجنود من الجبهات ليجدوا قلة من فرص العمل ومعدلات بطالة مرتفعة، وسط شعور متزايد بأنهم خُدعوا من قبل الحكومة والرأسماليين.
وفاة مأساوية تشعل شرارة الإضراب
وفي يوم 27 يوليو/تموز 1918، لقي الناشط العمالي ألبرت غودوين (Albert "Ginger" Goodwin) مصرعه برصاص شرطي أثناء هروبه من الخدمة العسكرية الإجبارية.
حيث كان من أبرز دعاة حقوق العمال ومطالبهم بتحسين ظروف العمل، وأثار مقتله موجة غضب عارمة واعتُبر "شهيد الحركة العمالية".
وعلى إثر ذلك، دعت النقابات في فانكوفر إلى تنظيم إضراب عام يوم الجمعة 2 أغسطس/آب 1918، حداداً على غودوين واحتجاجاً على ظروف العمال المتدهورة.
يوم توقفت فيه فانكوفر عن العمل
وفي صباح الثاني من أغسطس، شارك أكثر من 6,000 عامل من مختلف القطاعات، بما في ذلك عمال النقل، والسكك الحديدية، والموانئ، والنجارين، والكهربائيين، في الإضراب، فتوقفت المدينة عن العمل بشكل شبه كلي.
وكان هذا أول إضراب عام موثّق في كندا، وقد تمّ تنفيذه تحت مظلة مجلس العمل في فانكوفر (Vancouver Trades and Labour Council).
واستمرت الحركة ليوم واحد فقط، لكنها كانت كافية لتوجيه رسالة قوية إلى الحكومة وأرباب العمل.
وعلى الرغم من سلمية الإضراب، إلا أنه قوبل بحملة قمع إعلامية وسياسية، حيث اتهمت الصحف العمالية بالتحريض على التمرد، واعتُقل بعض قادة النقابات لاحقاً.
ردود الفعل والتداعيات اللاحقة
وأحدث الإضراب صدمة في الأوساط السياسية الكندية، خاصة مع تنامي مخاوف من عدوى انتشار الأفكار الثورية الروسية، من يوصفون بالبلاشفة، إلى كندا، إذ اتهمت السلطات بعض المنظمين بتبني أجندة شيوعية.
ومع ذلك، أسهم الحدث في رفع وعي الطبقة العاملة الكندية، ومهّد الطريق نحو سلسلة من التحركات النقابية الكبرى، أبرزها إضراب وينيبيغ العام في مايو/أيار 1919، والذي يُعد الأوسع في تاريخ البلاد.
كما أصبح مقتل "غودوين" رمزاً للنضال العمالي، وكرّست ذكراه في أدبيات النقابات على مدى عقود.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMiA= جزيرة ام اند امز