فون دير لاين.. امرأة "استثنائية" بأعلى منصب في القارة العجوز
السيدة التي انتخبت على رأس المفوضية الأوروبية كأول امرأة بالمنصب، سبق أن حققت سبقا مماثلا في 2013، حين أصبحت أول وزيرة دفاع ببلادها
بعد انتخابها بأكثرية ضئيلة من قبل نواب البرلمان الأوروبي، باتت وزيرة الدفاع الألمانية، أورسولا فون دير لاين، أول امرأة تترأس المفوضية الأوروبية أعلى منصب سياسي في القارة العجوز.
- انتخاب أورسولا فون رئيسة لمفوضية الاتحاد الأوروبي
- "أورسولا" وزيرة دفاع ألمانيا تقود المفوضية الأوروبية
وحصلت فون دير لاين على 383 صوتاً (من أصل 747 نائبا) بالتصويت الذي جرى مساء الثلاثاء في ستراسبورج، أي ما يتجاوز بفارق ضئيل 374 صوتاً، وهي الأغلبية المطلقة في البرلمان الأوروبي التي تتيح لها خلافة جان كلود يونكر في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل .
و"دير لاين" شخصية اعتبرها مراقبون «قوة ناعمة» قادمة على مهل لقيادة أوروبا الجديدة، وتعتبر حليفا مقربا للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ومرشحة مفضلة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وحظيت وزيرة الدفاع الألمانية بدعم ماكرون الذي التقته خلال معرض بورجيه الأخير لصناعة الطيران في يونيو/حزيران الماضي، وتتقن اللغة الفرنسية بطلاقة كبيرة وتحظى برضى باريس خصوصا للجهود التي قامت بها لتعزيز التعاون في مجال الدفاع بين برلين وباريس.
وحتى وقت قريب، اعتقد الألمان أن فون دير لاين ستخلف ميركل في منصبها، وهي التي يجزم المحللون بأنها تتمتع بكل ما ينقص المستشارة، وتصنف على أنها واحدة من الصقور التي بدأت برلين تستعيدها مع صعود الحاجة إلى القوة في العالم الجديد.
تخمينات لم تكن وليدة الصدفة، فالسيدة التي انتخبت على رأس المفوضية الأوروبية كأول امرأة بالمنصب، سبق أن حققت سبقا مماثلا في 2013، حين أصبحت أول وزيرة دفاع ببلادها.
ولدت "دير لاين" بالعاصمة البلجيكية بروكسل في 8 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1958، حيث كان والدها إرنست ألبرشت، أحد أوائل موظفي الخدمة المدنية الأوروبيين.
وفي عمر الـ 13 انتقلت إلى هانوفر الألمانية في عام 1971 عندما دخل والدها السياسة ليصبح رئيس وزراء ولاية ساكسونيا السفلى 5 سنوات.
وفي أواخر سبعينيات القرن الماضي، عاشت في لندن، عندما كانت تدرس الاقتصاد باسم روز لادسون، وهو اسم أم جدتها الأمريكية من تشارلستون بكارولاينا الجنوبية.
وفي عام 1987، امتهنت الطب بعدما تخرجت من كلية هانوفر الطبية، وتخصصت في صحة المرأة، وهي متزوجة من زميلها الطبيب هايكو فون دير لاين، وأم لسبعة أطفال.
واختبرت فون دير لاين معنى أن تكون ربة منزل حين عاشت لمدة 4 سنوات في ستانفورد بكاليفورنيا، في الوقت الذي كان فيه زوجها عضوا في هيئة التدريس بجامعة ستانفورد.
وفي 1996، عادت العائلة إلى ألمانيا، لتقرر حينها دخول عالم السياسة في عمر 38 عاما، في خطوة بدت متأخرة نوعا ما، لكن نشأتها في بيت تولى فيه والدها منصب رئيس وزراء ولاية سكسونيا، ومنصب المدير للمفوضية الأوروبية، إضافة إلى مناصب أخرى، جعلتها قريبة من هذا العالم، وإن لم تغص فيه قبل ذلك.
والرئيسة الجديدة للمفوضية الأوروبية هي عضو في الحزب الديمقراطي المسيحي المحافظ، الذي تتزعمه ميركل، وتقلدت العديد من المناصب السياسية في هانوفر بين عامي 2001 و2004، ثم انتخبت لعضوية برلمان ولاية سكسونيا السفلى في عام 2003، قبل أن تصبح عضوا في مجلس الوزراء كوزيرة للشؤون الاجتماعية والمرأة وشؤون الأسرة والصحة.
وطنيا، سطع نجمها في 2005، حين عينتها ميركل وزيرة لشؤون الأسرة وكبار السن والنساء والشباب، لتفتح بذلك أمامها الطريق نحو انتخابها من قبل البرلمان «البوندستاغ»، وتتولى بعد ذلك منصب وزيرة العمل والشؤون الاجتماعية الفيدرالية حتى العام 2013.
وفي 2013، عينت فون دير لاين وزيرة للدفاع، لتكون بذلك أول امرأة تتقلد المنصب ببلادها، وهذا ما منحها مكانة خاصة ببلادها، حيث كان ينظر إليها كنموذج للمرأة الاستثنائية التي كسرت معدل الإنجاب المحلي، واستطاعت أن تطبق مقاربة ناجحة تجمع بين ربة المنزل والسياسية أو المسؤولة المحنكة.
وعلاوة على ما تقدم، هناك تفصيل دقيق يقول بعض المطلعين إنه شكل أيضا أحد عوامل نجاح هذه المرأة.
فإن كانت الطبقة السياسية الألمانية السائدة تعتمد بشكل كبير على الكوادر المهنية، فـ"فون دير لاين" التي تتمتع بأصول أرستقراطية، تبعث بنوع من الحنين إلى الثقافة الألمانية المشبعة بالإعجاب بالفلسفة والفكر النابعين أساسا من أصول رفيعة.
فهذه المرأة سليلة بارونات وابنة بيئة النبلاء، تغري الألمان بتجربة نموذجها في السلطة، وهذا ما رشحها أن تكون من الأسماء التي لطالما وقع تداولها لتكون خلفا لميركل، فالمؤكد هو أن جزءا من الألمان أرادوا تجربة «نقيض» لميركل التي عاشت في ألمانيا الشرقية الفقيرة والشيوعية السابقة.
لعلهم أرادوا تلك المرأة التي عاشت ونشأت في بلجيكا في كنف والدها المسؤول البارز في السوق الأوروبية المشتركة، ودرست في «لندن سكول أوف إيكونوميكس»، والطب في جامعة هانوفر.
ذاك ما أرادوه، لكن هي يبدو أن طموحها كان أكبر من قيادة بلدها ألمانيا، قد تكون أرادت أن تكون القوة الناعمة القادمة على مهل لقيادة أوروبا بأسرها.
والمفوضية الأوروبية أهم مؤسسات الاتحاد الأوروبي، باعتبارها السلطة التنفيذية للاتحاد، ومسؤولة عن تفتيش وتطبيق مكتسبات الاتحاد وبرامجه وموازنته، كما تتمتع بصلاحية فتح تحقيق بحق الدول الأعضاء وتنتهي ولاية رئيسها الحالي في 31 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
aXA6IDE4LjIyNC4zMS44MiA= جزيرة ام اند امز