صناعة القوارب في اليمن.. حرفة تقليدية تسترد عافيتها
في محافظة الحديدة، غربي اليمن تعد صناعة القوارب، واحدة من أبرز الأنشطة التقليدية الرافدة لقطاع الصيد الذي تعتمد عليه آلاف الأسر على ضفاف البحر الأحمر.
ويعتمد المئات من الصيادين اليمنيين في عشرات القرى المتناثرة على امتداد الشريط الساحلي للبحر الأحمر على اقتناء قواربهم من معامل تقليدية تمتهن صناعة القوارب بطرق يدوية خصوصا تلك المنتشرة في مدينة الخوخة جنوبي الحديدة نظرا لتمتعها بمواصفات فريدة.
وتشيد هذه المعامل قواربها من الأخشاب، لكن كلفة الأخشاب وارتفاع أثمانها، فضلا عن وجود بدائل زهيدة الثمن، أجبر أصحاب هذه المهنة المتوارثة على التخلي عن الخشب، والتحول لصناعة قوارب الفيبر جلاس.
وتتراوح أسعار القوارب من 480 ألف ريال يمني إلى ما يقارب من 48 مليون ريال يمني، إذ يعود ذلك إلى طول وحجم القارب.
مراحل صناعة القوارب
وتبدأ صناعة القارب في معمل"الزئبق" ، ومعمل "الحمادي للفيبر جلاس"، بوضع مقاسات أقمشة "الفيبر جلاس"، على قارب قديم يستخدم كمجسم لرسم القوارب الجديدة.
ثم يتم طلاؤه بالصمغ، ويترك ليجف عدة ساعات، حتى يصبح ذلك المجسم صلبا، قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية.
وقال أمجد مجيمير، وهو أحد العاملين في معمل "الزئبق" في الخوخة اليمنية، إنه "يتم نزع ذلك الإطار المرسوم من القماش الرقيق من القارب الأساسي بعد أن يكون قد وضع طبقة عازلة، وحينما تشاهده لا تعتقد أن ذلك الإطار سيصبح قاربا".
وأضاف مجيمير، والذي يعمل في هذه المهنة منذ 15 عاما، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، يتم تثبيت قطع اسفنجية سميكة بمادة الصمغ في ذلك الإطار كي يكتسب متانته، وحجمه الطبيعي، ثم تضاف الألوان مع الرسومات الخارجية، وهي المرحلة النهائية من صناعة القارب.
ويتراوح إنتاج معملي "الزئبق"، و"الحمادي للفيبر جلاس"، من القوارب ما بين 3 إلى 7 قوارب لكل منهما يوميا، لكن القوارب الكبيرة تأخذ وقتا أطول لتجهيزها .
ويسهم عدد من العمال والفنيين في الوصول إلى ذلك العدد يوميا، إذ يعمل في كل مصنع نحو 11 عاملا فنيا، لكن في الأيام التي يشتد الطلب فيها على القوارب، يوظف المعمل الواحد نحو 30 فنيا.
كما زاد الطلب على القوارب، نتيجة قيام بعض المنظمات بشراء كميات من القوارب، حتى توزعها على أسر الصيادين الفقراء، ما ساهم أيضا في انتعاش هذه الصناعة التقليدية.
وأسهم إعادة الهلال الأحمر الإماراتي تأهيل مراكز الإنزال السمكي على طول السواحل الغربية لليمن في عودة نشاط الاصطياد التي دمرتها مليشيات الحوثي، ما دفع الطلب على القوارب إلى الارتفاع.
كما أن قيام منظمات بشراء كميات من القوارب التي توزعها على أسر الصيادين الفقراء، ساهم أيضا في انتعاش هذه الصناعة التقليدية.
تبعات تدهور الريال
وتحت وطأة التبعات الاقتصادية لتراجع الريال اليمني، أجبر المعملين على بيع القوارب بالريال السعودي، عوضا عن العملة المحلية، لتفادي الارتفاعات السعرية المستمرة، وتقلب أسعار العملة الوطنية أمام سلة العملات الأجنبية.
وبدوره قال عبد محمد سالم، المسؤول المالي في معمل "الحمادي للفيبر جلاس"، أن المواد الأولية لصناعة القارب يتم شرائها بالريال السعودي حاليا، بعد أن كانت أسعار الصرف تشكل لنا معضلة كبيرة .
وأضاف سالم، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن إدارة المعمل، قررت بيع القوارب بالريال السعودي، وبذلك لا تشكل الارتفاعات السعرية قلق بالنسبة لنا طالما أن المواد الأساسية يتم شراؤها بالريال السعودي، وتبقى الأسعار ثابتة على ذلك النحو.
وأوضح أن أسعار القوارب تبدأ من 1200 ريال سعودي، أي ما يقارب من 480 ألف ريال يمني لأصغر قارب، فيما تصل حتى 120 ألف ريال سعودي، أي ما يقارب 48 مليون ريال يمني، حسب طول وحجم القارب.
وأكد أن إدارة المعملين لا تكتفي ببيع القوارب في المدن الساحلية الواقعة غرب البلاد، بل إنها تقوم ببيعها لأغلب المدن اليمنية الساحلية، إذ يزداد الطلب عليها من الحديدة وحتى محافظات كحضرموت والمهرة.