5 حيوانات ذكية تعالج أمراضها بنفسها.. منها القرود والفراشات
في عالم الطبيعة الغني بالتنوع والتحديات، تتجلى قدرة الحيوانات على التأقلم والبقاء بشكل مذهل.
قد نعتقد أن البشر هم الوحيدون الذين يستخدمون الأدوية والعلاجات لحماية أنفسهم، لكن العديد من الحيوانات طورت استراتيجيات علاجية فطرية باستخدام البيئة المحيطة بها. على مدى العقود الأخيرة، سجل الباحثون حالات رائعة تكشف عن قدرة بعض الحيوانات على معالجة أمراضها أو الوقاية منها بطرق ذكية. هنا نستعرض خمس حالات بارزة تظهر كيف تعالج الحيوانات أمراضها بنفسها.
يرقات الدب الصوفي وتعديل النظام الغذائي
في عام 1993، لاحظ عالم الأحياء مايكل سينجر سلوكًا غير معتاد لدى يرقات الدب الصوفي في سهول أريزونا. عادةً ما تلتزم هذه اليرقات بنظام غذائي محدد، لكنها بدأت في استهلاك نباتات سامة تحتوي على ألكالويد البيروليزيدين، وهي مواد كيميائية قد تساعد في علاج الطفيليات الداخلية. هذه الطفيليات، التي تتغذى على أحشاء اليرقات، تؤدي إلى موتها في النهاية. النبات السام الذي بدأت اليرقات في تناوله يحتوي على مواد كيميائية قادرة على قتل هذه الطفيليات، مما يساعد اليرقات المصابة على البقاء. ورغم أن تناول النباتات السامة قد يكون ضارًا لليرقات السليمة، فإن هذه الاستراتيجية تبرز تشابهًا مع العلاجات البشرية التي قد تسبب آثارًا جانبية.
قرود الكابوتشين واستخدام الديدان الطاردة للحشرات
في غابات أمريكا الجنوبية، طورت قرود الكابوتشين وسيلة فعالة لحماية نفسها من الحشرات المزعجة. خلال مواسم الأمطار، تلجأ هذه القرود إلى استخدام حشرة الألفية كطارد طبيعي للحشرات. تقوم القرود بالبحث عن هذه الحشرات، ثم تقضمها وتسحقها، وتدهن أجسامها بالسائل السام الذي تفرزه. يحتوي هذا السائل على مواد كيميائية مثل البنزوكوينونات التي تطرد الحشرات. رغم أن العلماء لم يتأكدوا تمامًا من إدراك القرود للفوائد الصحية، فإن هذا السلوك يقلل من خطر تعرضها للدغات الحشرات والعدوى.
الشمبانزي وعلاج الجروح باستخدام الحشرات
في عام 2022، اكتشف العلماء في الغابون أن الشمبانزي تلجأ إلى استخدام الحشرات لعلاج جروحها. في 19 حالة من أصل 76 جرحًا، شوهدت الشمبانزي وهي تلتقط حشرة وتهرسها بلطف ثم تضعها على جروحها. هذا السلوك لم يكن مقتصرًا على العناية الذاتية فقط، بل تم تسجيل مشاهد لحيوانات تساعد بعضها البعض بتقديم الحشرات لعلاج الجروح. ورغم أن الباحثين لم يتأكدوا تمامًا من تأثير الحشرات في تسريع الشفاء، فإن هذا السلوك قد يعزز قدرة الشمبانزي على مواجهة الالتهابات.
الطيور وأعقاب السجائر لمكافحة الطفيليات
في مكسيكو سيتي، لاحظ العلماء أن بعض الطيور تستخدم أعقاب السجائر لبناء أعشاشها. تبين بعد الدراسات أن أعقاب السجائر تحتوي على النيكوتين الذي يعمل كطارد طبيعي للطفيليات مثل القمل والقراد. الطيور التي تبني أعشاشها باستخدام أعقاب السجائر تعاني من عدد أقل من الطفيليات مقارنةً بتلك التي لا تستخدمها. ورغم أن النيكوتين سام للطيور، فإن تقليل الطفيليات يفوق التأثيرات السلبية، مما يشير إلى أن هذا السلوك هو نوع من الوقاية الطبيعية.
فراشات المونارش واستخدام النباتات السامة
فراشات المونارش تستخدم النباتات السامة لحماية نسلها من الأمراض. عندما تصاب الفراشة الأم بمرض طفيلي يُعرف بأوفريوسيستيس إليكتروسيرها، تقوم بانتقاء نوع معين من النباتات السامة، حشيشة اللبن، لوضع بيضها عليه. هذه النباتات تحتوي على الكاردينولايدات، وهي مواد سامة تقتل الطفيليات التي قد تصيب البيض. أظهرت الأبحاث أن الفراشات تختار النباتات الأكثر سمّية عند وضع البيض، مما يقلل من احتمال إصابة الأجيال القادمة بالطفيليات.
تُظهر هذه الأمثلة أن الحيوانات تمتلك قدرات فطرية لاكتشاف طرق علاجية مبتكرة باستخدام البيئة المحيطة بها. تعكس هذه السلوكيات مدى تعقيد عالم الحيوانات في التعامل مع الأمراض، حيث تطورت استراتيجياتها عبر العصور كجزء من بقاء الكائنات الحية. ومع استمرار الأبحاث، تزداد الأدلة على أن السلوك العلاجي في عالم الحيوان واسع الانتشار، لكنه لا يزال غير مكتشف بالكامل. قد لا تدرك الحيوانات تمامًا ما تقوم به، ولكن قدرتها على استخدام الموارد الطبيعية لحماية نفسها تُظهر ذكاءً فطريًا يستحق الاستمرار في دراسته وفهمه بشكل أعمق.