"خطر يصعب التنبؤ به".. تغير المناخ يزيد موجات الجفاف المفاجئة
موجات الجفاف المفاجئة واحدة من الآثار الأكثر عنفًا لتغير المناخ، ومن الممكن أن تحدث في غضون أسابيع ومعها موجة صدمات للنظم البيئية.
وعلى مدار الـ64 عامًا الماضية، شهد ثلاثة أرباع العالم ارتفاعًا في فترات الجفاف المفاجئة، وفقًا لدراسة أجراها فريق بقيادة شينغ يوان الأستاذ بجامعة نانجينغ لعلوم وتكنولوجيا المعلومات في الصين.
وفي الدراسة المنشورة حديثًا في مجلة "Science" العلمية، حلل الباحثون مجموعة من بيانات الأقمار الصناعية وقراءات رطوبة الأرض في فترة تزيد على 60 عامًا، بين عامي 1951 و2014.
ويقول "يوان" إنه مع تزايد التغير المناخي ستتأثر معظم اليابسة في العالم تقريبًا بموجات الجفاف السريعة المتكررة والتي تسود بشكل أسرع، مع توقعات متزايدة بأن أوروبا ستكون بؤرة لهذه الموجات.
وعادة ما تستمر موجات الجفاف لمدة تتراوح بين 30 و45 يومًا، في حين تميل فترات الجفاف البطيئة الظهور إلى عدة أسابيع أو أشهر لتظهر وتستمر لمدة 40 إلى 60 يومًا، وفقًا لمجلة "New Scientist".
الاحتباس الحراري
ويقول "يوان": "تتزايد تقلبات المناخ في ظل الاحتباس الحراري، وفي الحالات المناخية شديدة التطرف يمكن تزايد فرص هطول الأمطار الغزيرة للغاية من جهة، ويمكن حدوث حالات جفاف شديدة من جهة أخرى".
ويضيف أن درجات الحرارة الأكثر دفئًا تعني أيضًا أن الماء يتبخر من التربة بسرعة أكبر مما يؤدي إلى حدوث الجفاف بشكل مفاجئ، موضحًا أن "هذين العاملين يوفران دافعًا لبداية موجة الجفاف بوتيرة أسرع".
وتشير الدراسة إلى أن حدوث موجات الجفاف المفاجئة يتزايد بشكل كبير حول العالم، إلا أنها لا توفر بيانات توضح وتيرة التغيير، لكن "يوان" يقول إن نسبة فترات الجفاف التي تمثل حالات جفاف مفاجئة يمكن أن تزداد بنسبة 15 إلى 20% بين عامي 2050 و2100 مقارنةً بين عامي 1950 و2000 اعتمادًا على مدى سرعة وارتفاع درجة حرارة المناخ.
آثار مقلقة
وعلى المستوى العالمي، سيكون لهذه التوقعات آثار مقلقة، كما يشير "يوان" إلى أنه لم يتم تصميم أنظمة مراقبة الجفاف الحالية لاكتشاف حالات الجفاف المفاجئة، مما يترك الكثير من المناطق دون أجهزة رصد يمكنها التنبؤ وإطلاق التحذيرات قبل حدوث الجفاف.
ومن المأمول أن تسهم التنبؤات الأكثر دقة لموجات الجفاف السريع في مساعدة شركات المياه والمزارعين على الحفاظ على المياه مسبقًا لحماية الإمدادات من أجل إنتاج الغذاء، ويحذر "يوان" من أن الحياة البرية والحياة النباتية قد تكافح أيضًا للتكيف مع الجفاف السريع الظهور.
ويقول "يوان": "بالنسبة للجفاف التقليدي فإن الغطاء النباتي يتكيف باستمرار، ولكن إذا حدث الجفاف بشكل أسرع فليس من المعروف ما إذا كان النظام البيئي سيكون لديه الوقت الكافي للتكيف أم لا".
الجفاف السريع
وظهر مفهوم الجفاف السريع في بداية القرن الحالي، ودخل دائرة الاهتمام مع حدوث موجة الجفاف في صيف 2012 بالولايات المتحدة، وحدث حينها بسرعة كبيرة وتسبب في خسائر تقدر بأكثر من 30 مليار دولار.
وقال ديفيد ووكر، الباحث في جامعة فاخينينغن الهولندية، في تعليق لمجلة "Science" إن تحذيرات هذه الدراسة يجب أن تؤخذ على محمل الجد، لتلافي آثار موجات الجفاف السريع المحتملة في المدى البعيد.
وأشار "ووكر" إلى أن أكثر المناطق المتأثرة بموجات الجفاف السريع هذه تقع في بلدان منخفضة الدخل، حيث يفتقر السكان إلى الموارد اللازمة لمواجهة التقلبات المناخية المتطرفة، موضحًا أن شدة تأثير هذه الموجات على المحاصيل ستعتمد على وقت حدوث الجفاف، خاصة إذا جاء في مواسم التلقيح أو التزهير.
ووفقًا لـ"ووكر"، عادة ما تنشر خرائط الجفاف مرة واحدة شهريا في الوقت الحالي، داعيًا إلى ضرورة إيجاد طرق للتنبؤ بموجات الجفاف ونشرها على فترات زمنية أقصر نظرًا للزيادة في حالات الجفاف السريع التي قد تتشكل وتؤدي إلى نتائج في غضون أسابيع فقط.
جفاف 2022
والصيف الماضي، شهدت قارة أوروبا أسوأ موجة جفاف منذ 500 عام، وصدرت تحذيرات تشمل نحو ثلثي القارة، وذكر تقرير للمرصد العالمي للجفاف أن 47% من القارة في حالة إنذار بالجفاف، وهو ما يعني أن التربة قد جفت بالفعل.
وأشار التقرير إلى أن 17% أخرى من مساحة قارة أوروبا تقع في حالة تأهب، ما يعني أن الغطاء النباتي تظهر عليه علامات الإجهاد، وحذر التقرير من أن موجة الجفاف ستؤثر على المحاصيل الزراعية وتؤدي إلى اشتعال حرائق الغابات.
aXA6IDMuMTUuMTQuMjQ1IA== جزيرة ام اند امز