مهندسو النظام البيئي.. ماذا تخبرنا السناجب عن تغير المناخ؟
"مهندسو النظام البيئي".. لقب يطلقه علماء الأحياء على السناجب التي أظهرت تطورا سلوكيا وتشريحيا للتكيف مع تغير المناخ.
وعلى مدار 20 عاما، تعكف الباحثة في جامعة مانيتوبا جين ووترمان على دراسة السناجب الأرضية، وفي أحدث جولاتها بجنوب أفريقيا اكتشفت تغيرا في تشريح وسلوك السناجب للتكيف مع التغير المناخي.
وتعيش السناجب الأرضية بشكل جماعي في الجحور، وتحافظ على بعض الممارسات الاجتماعية، إذ تعيش إناثها معًا في مجموعات، بينما يظل الذكور جزءا من المستعمرة لفترة أطول من الأنواع الأخرى.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن "ووترمان" قولها: "كعادة غريبة نوعا ما، تؤخر السناجب خروجها من الجحور، ولا تتزاوج مع مجموعة العائلة، ولكنها تبقى في الجحور للاعتناء بالصغار".
وأضافت الباحثة في جامعة مانيتوبا الكندية والمهتمة على وجه التحديد برصد سلوك السناجب: "عندما يتفرق الذكور وينضمون إلى مجموعات من نفس النوع فإنها تتفق على أنها ليست عدوانية مع بعضها".
وكجزء من بحثها الأخير على سناجب جنوب أفريقيا، قامت "ووترمان" بتجميع بيانات حول مورفولوجيا السناجب، من حيث الشكل والتشريح والحجم والوزن، والبيئة التي تعيش فيها مجموعات السناجب.
وأثار هذا البحث اهتمام باحثة ما بعد الدكتوراه مايا وارينجتون، التي وجّهت "ووترمان" نحو دراسة العلاقة بين درجة الحرارة في الجحور ومحيطها الجغرافي من جهة وتشريح جسم السناجب من جهة أخرى".
السناجب وتغير المناخ
ووجدت الباحثة أنه على مدار العقدين الماضيين ارتفعت درجة الحرارة القصوى في موقع الدراسة بجنوب أفريقيا بأكثر من درجتين مئويتين، وخلال تلك الفترة تقلص طول العمود الفقري للسناجب وزاد حجم أقدامها.
وتقول "ووترمان": "هذا بالضبط ما كنا نتوقعه إذا كانت الحيوانات تحاول التخلص من الحرارة، فالجسم الأصغر والأقدام الأكبر تساعد الحيوانات على تحمل الحرارة المرتفعة، خاصة في ظل الاحترار العالمي".
وعلى بعد أكثر من 9 آلاف ميل من موقع الدراسة، يعيش السناجب الأرضية "ريتشاردسون" في غرب كندا وشمال الولايات المتحدة، ولكنها ليست اجتماعية مثل أبناء عمومتها في جنوب أفريقيا وتميل أكثر إلى السبات.
ووفقًا لـ"ووترمان"، قد تكشف السناجب الأرضية "ريتشاردسون" عن كيفية تأثير تغير المناخ على علم الأحياء الحيواني، إذ يخرج ذكور هذه السناجب من سباتها أمام الإناث، مدفوعة بساعة داخلية غير معروفة حتى الآن.
وعندما تخرج من سباتها، يتقاتل ذكور السناجب الأرضية مع بعضها البعض، وبعد أسبوعين أو 3 أسابيع تظهر مجموعات الإناث مدفوعة بارتفاع درجة الحرارة، وبعد أيام قليلة تكون الإناث على استعداد للتزاوج.
مهندسو النظام البيئي
حدث شيء غريب في شتاء 2012، تقول ووترمان: "حين ارتفعت درجات الحرارة بمعدل أسرع، وهو ما أدى إلى خروج الإناث من جحورها في وقت أبكر من المعتاد، وبالتالي لم يخرج الذكور لفترة طويلة".
وقتها، بدت ذكور السناجب الأرضية طبيعية، وكانت خصيتاها كبيرة وبحالة جيدة، وفي نهاية المطاف تزاوج الجنسان معًا، وأنجبت الإناث الكثير من الصغار، لكن الآثار التشريحية للسناجب الجديدة كانت مدهشة.
تضيف"ووترمان": "أدى الارتفاع السريع في الحرارة إلى تقليل عدم التجانس الجيني، وكان نصف الذكور غير قادرة على التكاثر بنجاح، وهكذا تعرضت السناجب لصدمة سريعة وتراجعت قدرتها على التكاثر".
ووصفت "ووترمان" السناجب بـ"مهندسي النظام الإيكولوجي"، لأنها تؤثر بشكل كبير على مجتمعات الأراضي العشبية، كما تؤثر جحور السنجاب الأرضية على الثدييات الصغيرة الأخرى في النظام البيئي والنباتات.
وأضافت الباحثة: "عندما تؤثر على مورفولوجيا السناجب وعلم وظائف الأعضاء فمن الممكن أن تؤثر أيضًا على علم الاجتماع الذي يخصها"، واختتمت قائلة: "ربما تحاول السناجب إخبارنا بشيء ما عن تغير المناخ، فهل نستمع؟".
aXA6IDMuMTQ3LjY4LjM5IA== جزيرة ام اند امز