الفرار من جحيم طرابلس.. ليبيون يبحثون عن ملاذ آمن
فرت عائلات ليبية من جحيم الاشتباكات المستمرة التي تنشب كل حين بين المليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس، بحثًا عن ملاذ آمن.
واتخذت العائلات الفارة من مبانٍ سكنية غير مكتملة في أطراف المدينة مأوى وملاذا لها من براثن المليشيات المسلحة، إلا أنها وجدت نفسها بين فكي كماشة، فالعوز يطاردها من ناحية، والخوف من قدرتهم على الصمود وسط أماكن لا توجد فيها أدنى مظاهر العيش من ناحية أخرى.
وسجلت الأمم المتحدة أكثر من 200 ألف ليبي ممن أجبروا على الفرار من ديارهم بسبب أعمال العنف في العاصمة طرابلس، والتي تندلع بين الحين والآخر بين المليشيات المسلحة.
وتقدم مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة مساعدات نقدية تخفف من معاناة بعض الأسر الليبية النازحة، الأكثر ضعفاً، عبر نظام للمنح النقدية باستخدام بطاقات مسبقة الدفع يمكن استخدامها لشراء السلع مباشرة من المتاجر .
حنان وعائلتها من بين تلك العائلات التي حصلت على مساعدات الأمم المتحدة، وتقول الأرملة التي تبلغ من العمر 56 عاماً، إنها تجلس في غرفة خرسانية لا زجاج يحمي نوافذها من العوامل الجوية، بعدما أجبرت على مغادرة منزلها الذي كانت تنعم فيه بالراحة.
"لقد عانينا. كان القصف فوقنا مباشرة. النزوح تجربة مرعبة. لقد تركت ورائي جيراني ومنطقتي الهادئة وراحة بالي".. هكذا قالت حنان التي عاشت على مدى الأشهر الثمانية الماضية، مع ابنتيها وولديها وزوجة ابنها في مبنى سكني غير مكتمل في وسط طرابلس.
وهم من بين أكثر من 100 عائلة ليبية نازحة انتقلت لتعيش في مجموعة الأبراج الخرسانية الرمادية اللون، في محاولة يائسة للبحث عن مأوى وسط الاشتباكات، بحسب بيان صادر عن مفوضية اللاجئين.
نبدأ حياتنا من الصفر
وتستذكر حنان بداية انتقالها إلى المنطقة، قائلة: لم يكن للشقق التي يتناثر في أركانها الركام أي نوافذ أو أبواب أو حتى درج غير مكشوف. ولكن لوضعهم المالي الصعب، مشيرة إلى أنه لم يكن أمامها وعائلتها خيار آخر.
وتابعت الأرملة الليبية: "لم يكن هناك أي مؤشر للحياة في الشقة. كان الجو عاصفاً جداً. لم يكن هناك أي شيء"، مضيفة: "أقام ابني هنا مع مجموعة من أصدقائه لمدة ثلاثة أو أربعة أيام. كانوا يشعلون النار ويراقبون. كان الجميع يحافظون على شققهم، إذ لم تكن هناك أبواب. كنا نبدأ حياتنا من الصفر".
وشرعت الأسرة في العمل في محاولة منها لتحسين مكان معيشتهم القاحل، وملء الثقوب في المداخل الفارغة بأي قطع من الخشب والمواد التي يمكنهم العثور عليها، والقيام بأعمال التنظيف والترتيب، والاعتماد من السكان المحليين لتدبر أمورهم المعيشية.
وتأمل حنان وعائلتها في أن يتمكنوا من العودة إلى منزلهم السابق قبل حلول فصل الشتاء. وبينما لم يتعرض منزلهم للدمار خلال الاشتباكات، إلا أنه تعرض للنهب بالكامل.
وقالت حنان: ”آمل في أن نتمكن من العودة قبل الشتاء.. [لأن] الأمر مضر للغاية خلال النزوح. كل شيء صعب الآن.. لقد عشت أنا وعائلتي أوقاتاً صعبة“.
ويهدف برنامج الأمم المتحدة للنازحين إلى مساعدة السكان على تلبية احتياجاتهم الأساسية بما في ذلك الغذاء والماء والرعاية الصحية والمأوى بطريقة تحفظ الكرامة وتمنحهم فرصة الاختيار بشأن احتياجات الإنفاق الخاصة بهم. وقد قدم البرنامج حتى الآن هذا العام منحاً نقدية لحوالي 1,750 نازحاً في جميع أنحاء ليبيا.
ولا تزال العديد من الأحياء في العاصمة طرابلس غير آمنة للعودة إليها، بسبب انتشار المليشيات المسلحة وسيطرتها على عدد كبير منها.
aXA6IDMuMTI4LjE5OC45MCA= جزيرة ام اند امز