سيناريوهات تعويم الجنيه المصري.. السوق السوداء للدولار تنتعش فماذا بعد؟
خبراء لـ"العين الإخبارية": تعويم الجنيه خطوة قاسية والطروحات حلا
تزايدت التكهنات الساعات الماضية بشأن تعويم الجنيه المصري بعد تقرير موديز الصادر قبل أيام بشأن توقعات تعويم الجنيه وخفضه 20% .
وأنعشت التكهنات سعر الدولار في السوق السوداء، حيث انخفضت قيمة الجنيه أمام الدولار وفق متعاملين إلى ما بين 39 و40 جنيها للدولار في الساعات القليلة الماضية، بدعم من احتمالات إقبال الحكومة المصرية على تعويم الجنيه للمرة الرابعة.
ساهم في دعم افتراضية تعويم الجنيه خلال الساعات المقبلة اقتراب مراجعة صندوق النقد الدولي لبرنامج الإصلاحات الاقتصادية وفق المتفق عليه في ديسمبر/كانون الأول الماضي والتي تحصل مصر بموجبه على تمويل بقيمة 3 مليارات دولار، صرفت منه الدفعة الأولي فقط، فيما تم توقيف الدفعة الثانية لحين إتمام المراجعة لبرنامج الإصلاحات الاقتصادية .
ويشترط صندوق النقد الدولي على الحكومة المصرية اتباع سياسة سعر صرف مرن للجنيه المصري أمام العملات بشكل كامل، فيما تتمسك الحكومة المصرية بعدم الإقبال على تلك الخطوة دون وجود تغطية وحصيلة دولارية كافية تمنع ارتفاع قيمة العملات الأجنبية أمام الجنية المصري بشكل حاد، وذلك للحفاظ على استقرار مستويات الأسعار، خاصة في ظل ارتفاع معدلات التضخم في مصر إلى مستويات 40% وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء .
وقبل أيام ارتفعت أسعار الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري في العقود الآجلة غير قابلة للتسليم لمستوى 41.5 جنيه للدولار الواحد.
هل تُقبل الحكومة المصرية على تعويم الجنيه؟
أكد خبراء اقتصاد أن إقبال الحكومة المصرية على خطوة تعويم الجنيه في الوقت الحالي ستكون له تبعيات قاسية على الاقتصاد، مشددين على ضرورة إسراع الحكومة في توفير الدولار قبل الإقبال على تلك الخطوة عن طريق الإسراع في عمليات الطروحات الحكومية والتي من شأنها زيادة الحصيلة الدولارية بجانب المبادرات الحكومية التي تنتهجها حالياً .
وتسعى الحكومة المصرية لبيع عدد من الأصول بحصيلة إجمالية متوقعه تصل إلى 40 مليار دولار خلال أربع سنوات بواقع 10 مليارات دولار كل عام، فيما بدأت في الإعلان عن عدد كبير من المبادرات والتسهيلات الحكومية لأول مرة والتي من شأنها توفير حصيلة دولارية، من بينها إنشاء شركة للمصريين في الخارج بغرض الاستثمار، ووثيقة معاش المصريين بالخارج بالدولار، وتيسيرات استيراد السيارات للعاملين المصريين في الخارج .
وتعتمد مصر على استيراد أغلب السلع الغذائية، حيث بلغت قيمة فاتورة الواردات المصرية 5.7 مليار دولار في مارس/آذار الماضي وذلك بعد قيام الدولة بعدة إجراءات من شأنها تنظيم عمليات الاستيراد ووقف استيراد السلع غير الضرورية.
وقال الدكتور معتصم الشهيدي الخبير الاقتصادي، إن مصر غير مستعدة لتعويم الجنيه في الوقت الحالي، مؤكداً أن هذا الإجراء يحتاج لسيولة دولارية كبيرة، بهدف تغطية كافة الاحتياجات الاستيرادية.
وأضاف لـ"العين الإخبارية" أن هناك فرقا بين خفض الجنيه وتعويمه، مشيراً إلى أن اتباع سياسة سعر الصرف المرن تعني الخفض التدريجي للجنيه المصري بشكل يحافظ على الوضع الاجتماعي، وتقليل الفجوة بين سعر الدولار الرسمي والسوق السوداء.
وتابع: الخفض البطيء للجنية المصري أمام العملات غير مجد ولن يحقق وفرة دولارية، لذلك يجب الإسراع في تكثيف البيع في برنامج الطروحات الحكومية لتحقيق أكبر حصيلة دولارية تتمكن مصر من خلالها في استكمال برنامج الإصلاح الاقتصادي دون التأثير على مستويات الأسعار والمستويات الاجتماعية.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أكد أنه لن يتم تعويم الجنيه المصري وإن كان ذلك أحد مطالب صندوق النقد الدولي حال وجود تأثيرات سلبية على المواطن.
آثار اقتصادية سلبية
وقال أيمن ياسين الرئيس التنفيذي لشركة بيزنس كوميونتي، إن الاقتصاد المصري يعاني من أزمة كبيرة تتمثل في شح العملة الأجنبية، مشيراً إلى أنه "لأول مرة يتجاوز عجز الأصول الأجنبية قيمة الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي المصري بعد طرح المستحقات والذهب".
وتابع أن العالم يمر بأزمة كبيرة ومصر تأثرت بشدة، لكن أمام مصر فرصة 3 أشهر لاتخاذ خطواتها لتعويم الجنيه وفقا لتقرير موديز حيث وضعها تحت المراقبة خلال تلك المدة قبل أن يقوم بتخفيض التصنيف الائتماني لمصر والذى سيكون له أثر سلبي كبير على الاقتصاد حال إجرائه.
الإسراع في برنامج الطروحات الحكومية
وقال الدكتور محمد عبدالرحيم الخبير الاقتصادي، إن الأزمة الحالية تجعل الحكومة أمام حل وحيد هو الإسراع في برنامج الطروحات الحكومية لزيادة الحصيلة الدولارية والإيفاء بكافة الالتزامات، والحفاظ على قيمة الجنيه المصري أمام العملات.
وتوقع أن تعلن الحكومة خلال الساعات المقبلة عن بعض الطروحات الحكومية الجدية أو تفاصيل مفاوضاتها لبيع بعض الأصول من أجل الحصول على المزيد من السيولة.
ومن ضمن الشركات التي بدأت الحكومة المصرية مفاوضات بشأن عمليات بيعها "فودافون للاتصالات، و"مصر الجديدة للإسكان والتعمير"،
وقبل شهر تمكنت الحكومة المصرية من تنفيذ صفقات ضمن برنامج الطروحات الحكومية بقية 1.9 مليار دولار، وذكرت وقتها الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط في مصر أن الحكومة عقدت 3 صفقات مع القطاع الخاص وفرت للبلاد حصيلة دولارية كبيرة من بينها صفقة بقيمة 700 مليون دولار تتمثل في بيع حصة تبلغ 37% من الشركة القابضة للفنادق لصالح كونسورتيوم يضم شركة أيكون المملوكة لهشام طلعت مصطفيع ومستثمرين أجانب.
صندوق سيادي بالدولار
من جهته طالب الدكتور محمد عبد الوهاب المحلل الاقتصادي، الحكومة المصرية بإنشاء صندوق سيادي دولاري، يكون تحت إشراف مباشر من محافظ البنك المركزي ووزير المالية.
وقال الدكتور محمد عبدالوهاب، إن مصر في حاجة ملحة لصندوق سيادي دولاري يجمع كافة الموارد الدولارية للدولة في مكان واحد ويقوم بإدارتها ويعيد استثمارها من خلال طرح سندات دولارية بما يحقق عائدا يدعم استقرار الدولار، في ذات السياق يعيد الصندوق جدولة الديون الخارجية لمصر وسداد أقساطها نيابة عن الدولة.
واقترح الخبير الاقتصادي، أن تكون الأموال الناتجة عن برنامج الطروحات الحكومية وعائد بيع حصص الحكومة في بعض الشركات هي نواة هذا الصندوق، بحيث يتم استثمار أموال هذا الصندوق بشكل رشيد بما يتيح عائدا على الاستثمار يرفع جزء من عبء أقساط الديون ويقلل الضغط على الموازنة العامة للدولة، بما يسمح بتحقيق فائض من الدولار يساهم في حل أزمة عدم توافر العملة الخضراء للعمليات الاستيرادية الخاصة بالتصنيع ويعد ضمانة قوية للاقتصاد.
وأكد عبدالوهاب، ضرورة البدء في برنامج الطروحات وتخارج الحكومة من بعض القطاعات الاقتصادية وتركها للقطاع الخاص وفقاً لما تم طرحه من خلال وثيقة ملكية الدولة، وزيادة تشجيع القطاع الخاص من خلال الحوافز الاستثمارية خصوصا في القطاع الصناعي، لجذب استثمارات أجنبية، بجانب دعم الصادرات لزيادة الموارد الدولارية.
aXA6IDMuMTQyLjk4LjE1MyA=
جزيرة ام اند امز