أزهار النارنج.. قصة عشق بين نابل التونسية و"الذهب الأبيض"
بمجرد أن تفوح روائحه المميزة من الحقول وحدائق المنازل، يهل موسم جني أزهار النارنج في محافظة نابل شرقي تونس.
وتزين أزهار النارنج مداخل البيوت التونسية وحدائقهم وحقولهم لجمال لونها الأبيض الناصع الذي يتساقط من أعلى شجرة خضراء شامخة ليصنع منه ماء "الزهر" الذي لا يخلو أي مطبخ تونسي منه.
فهذا الماء يستعمله التونسيون في الطبخ وصنع الحلويات وإضافته للقهوة كما يتم استعماله كدواء مخفف لآلام المعدة والبطن.
ويزدهر زهر النارنج، الذي يعد ذهبا أبيض في محافظة نابل التونسية، ليجعل منها قطبا مهما لإنتاج وتصدير زيت النيرولي" النّادر المستخدم في صناعة أرقى أنواع العطور في العالم وهو خلاصة روح زهر النارنج حيث تتولى ثماني وحدات تحويلية صناعية استخراج هذه المادة التي تصدر للأسواق الخارجية ليستعمل في صناعة أرقى العطور".
وتباع قارورة المائة مللتر من الزيت المعروف باسم النيرولي بنحو 50 دولاراً. ويستخدم في استخراج أنواع من العطور أو في مواد التجميل. كذلك تستخرج أنواع أخرى من الزيوت من أوراق تلك الشجرة وتصدّر غالباً إلى فرنسا.
ويتم استخراج زيت النيرولي النادر داخل الوحدات التحويلية وأقدمها تأسست سنة 1903، ويمكّن تقطير طن واحد من أزهار النارنج بالطريقة الآلية من توفير 600 لتر من ماء الزهر وكيلوجرام واحد من زيت النيرولي.
وتعدّ محافظة نابل من أهمّ منتجي ومصدّري زيت النيرولي في العالم، وتصدّر سنويا ما بين 500 و700 كيلوجرام من هذا الزيت النادر الذي تصل أسعاره في الأسواق الخارجية إلى 5000 دولار للكيلوجرام الواحد.
مراحل جني الأزهار
تشرع النساء في قطف الأزهار بمجرد تفتحها مع الحرص على ترك البراعم الصغيرة حتى اكتمال نموها لضمان جودة عطرها ثم تصل إلى مرحلة "التقطير" عن طريق "قطار تقليدي"، وهو وعاء يكون جزؤه السفلي من النحاس والعلوي من الفخار.
وعن كيفية التقطير يتم وضع كمية من الماء والزهر فى الإناء السفلي ويملأ الغطاء الفخاري الذي يوضع فوقه بالماء البارد الذي يجب مراقبته وتغييره فور ارتفاع درجة حرارته وعند انتهاء التقطير يحفظ ماء الزهر في قوارير.
وقال طلال الخليفي ممثل المجتمع المدني بمحافظة نابل إن المحافظة تتزين بحلول فصل الربيع من خلال موسم جني زهر النارنج.
وتابع في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن هذا الموسم يوفر عملا ويمثل رزقا لنحو 3 آلاف عائلة تونسية، لكن هذا القطاع يحتاج إلى مزيد من العناية والاهتمام لحل المشاكل المحيطة به، كالنقص في اليد العاملة وعدم استقرار أسعار بيع الزهر.
وأكد أن المساحات المزروعة تقدر بـ375 هكتارا ويتراوح معدل الإنتاج السنوي للزهر في الجهة بين 1000 و1500 طن وبالنسبة إلى إنتاج الموسم الحالي فإن التقديرات الأولية تشير إلى إنتاج حوالي 1250 طنا.