«العين الإخبارية» ترصد المال بانتخابات أمريكا.. رقم قياسي ومخاوف من «الأجنبي»
مع كل انتخابات أمريكية، يتصدر المال جدل الحملات الانتخابية، وسط نمط إنفاق متصاعد، لكن سباق جو بايدن ودونالد ترامب، ينذر بتجاوز أسقف عدة في الدعاية الانتخابية.
وتوقع الخبير السياسي الأمريكي راي لاراجا، أن يبلغ حجم الإنفاق على الدعاية الانتخابية خلال العام الجاري والذي من المقرر أن يشهد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مبلغ الـ 20 مليار دولار أمريكي.
لاراجا، وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة ماساتشوستس، والعميد المشارك بكلية العلوم الاجتماعية والسلوكية لجامعة أوماس بول، أكد لـ"العين الإخبارية" أن هناك قلقًا أمريكيًا بشأن رأس المال الأجنبي ضمن محاولة التأثير على الناخبين الأمريكيين من خلال إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي، قائلا "يتمثل مصدر القلق الأكثر إلحاحاً في انتشار المعلومات المضللة التي تحاول تأجيج الانقسامات في المجتمع الأمريكي وتقويض الثقة في المرشحين والأحزاب السياسية".
ونبه لاراجا، وهو المؤلف المشارك لكتاب "تمويل الحملة والاستقطاب السياسي: عندما يسود الأصوليون"، والمدير المشارك لاستطلاع UMass، إلى أن صغار المتبرعين يلعبون دوراً متزايداً في تمويل الحملات الانتخابية الأمريكية، لكن لا يزال كبار المانحين يهيمنون على تمويل الانتخابات.
كما أن وسائل التواصل الاجتماعي، وفق الخبير السياسي، باتت "ذات أهمية متزايدة للحملات لنشر رسالتها للناخبين والمانحين المحتملين، وتقوم الحملات بإدراج إعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي، على أمل أن يتم مشاركتها عبر شبكات الناخبين".
وضرب مثالا بانتخابات عام 2020، حيث "بلغ مستوى الإنفاق على الدعاية السياسية، ما يقرب من 15 مليار دولار بسبب الدعاية التلفزيونية والإعلانات على السوشيال ميديا، فيما اعتبر أنه "سيكون من الصعب التنبؤ بحجم الإنفاق خلال 2024، لكن أتصور أنه سيكون أعلى من ذلك، ربما قريبًا من 20 مليار دولار".
وعن التدخلات الأجنبية، فأوضح أنه "في الولايات المتحدة لا يمكن إلا للأشخاص المواطنين أو المقيمين غير المواطنين التبرع للجان العمل السياسي، لكن هناك مخاوف مفهومة بشأن محاولة الكيانات الأجنبية التأثير على الانتخابات الأمريكية من خلال وسائل الإعلام الرقمية. ويتمثل مصدر القلق الأكثر إلحاحاً في انتشار المعلومات المضللة التي تحاول تأجيج الانقسامات في المجتمع الأمريكي وتقويض الثقة في المرشحين والأحزاب السياسية".
وفي الحقيقة، والكلام للخبير، "لا أعلم الطرق العديدة التي تحاول بها الوكالات الأمريكية وشركات التواصل الاجتماعي منع ذلك، لكن أعتقد أن الولايات المتحدة بحاجة إلى استكشاف اللوائح التنظيمية، لكن هذا يمثل دائمًا تحديًا لحرية التعبير في التعديل الأول في الدستور الأمريكي.
وتابع: "صحيح أنه لدينا مواقع مختلفة، تراقب عملية جمع التبرعات والصرف حيث يمكنك البحث عن الاسم والمهنة والمبلغ الذي تم التبرع به وأين يعيش هؤلاء الأشخاص، كما يتيح موقع لجنة الانتخابات الفيدرالية بيانات شاملة للغاية، وبالتأكيد لا أحد في منصبه يرغب في أن يتم القبض عليه وهو يحصل على أموال من كيان أجنبي لحملته الانتخابية. ستكون تلك قبلة الموت في حملتهم الانتخابية".
لكن يبقى السؤال، هل يستطيع الأجانب إدخال الأموال بطريقة أو بأخرى إلى النظام الامريكي؟ أفترض أنه من خلال بعض مجموعات الأموال المظلمة هناك مخاطر وعقوبات كبيرة جدًا للقيام بذلك، لكن بصراحة لم أر دليلاً مهماً على وجود الكثير من الأموال الأجنبية في الانتخابات الامريكية، وفق لاراجا.
وحول أهمية الدعم الشعبي في موازنة تأثير كبار المانحين، قال الخبير السياسي إن "هناك العديد من الجهود لجمع الأموال من الجهات المانحة الصغيرة في جميع أنحاء البلاد. ويلعب صغار المانحين دوراً متزايداً في تمويل الانتخابات الأمريكية. ومع ذلك، لا يزال كبار المانحين يهيمنون على تمويل الانتخابات. لا يخلو المانحون الصغار من مشاكلهم الخاصة. وهم غالباً حزبيون وأيديولوجيون إلى حد كبير، وهو ما يغذي الاستقطاب في الولايات المتحدة".
وعن حدود الأنفاق وحدود التبرعات للحملات الانتخابية، أشار لاراجا إلى "بعض الجوانب غير العادية حول الحملات الانتخابية الأمريكية التي قد تكون غير اعتيادية".
أولا: في الولايات المتحدة لا توجد حدود للإنفاق السياسي، وليس هناك حدود للمبلغ الذي يمكنك إنفاقه على الحملات الانتخابية، حيث قضت المحكمة العليا في الولايات المتحدة بأنه على الرغم من أن حدود المساهمة لها ما يبررها - أي لمنع الفساد، فإن السياسي ليس مسموحا أن نضع حدود المساهمة عليه، لا يمكنك تحديد المبلغ الذي يمكنهم إنفاقه كذلك. سيكون هذا انتهاكًا للتعديل الأول للدستور، لأنه، كما تقول الحجة، تحتاج إلى المال للتعبير عن نفسك في المجتمع الحديث.
لذا، بموجب التعديل الأول للدستور الأمريكي، كما فسرته المحكمة العليا، لا يمكنك إجبار أي مجموعة، أو أي فرد، بالمبلغ الذي يمكنهم إنفاقه في السياسة. وهذا يعني أنه لا توجد قوانين تحد من الإنفاق السياسي.
ثانيا: بالرغم من ما سبق، هناك حدود معينة للمساهمة، وكم يمكنك تقديمه لحزب أو مرشح، ولكن الآثار المترتبة على عدم وجود حدود للإنفاق عميقة جدًا، وبدون حدود قصوى، يكون لدى السياسيين حافز لجمع الكثير من الأموال، والإنفاق بلا حدود.
وصحيح أن معظم التمويل على المستوى الفيدرالي يأتي من مصادر خاصة، وهناك بعض التمويل العام المحدود لمؤتمرات الحزب، لكن المرشحين الرئيسيين لا يستخدمون الأموال العامة، لقد اعتادوا استخدامها في الماضي، لكنهم أصبحوا الآن لا يكلفون أنفسهم عناء استخدامها لأن هناك الكثير من القيود.
وحول أهم مصادر التمويل للحملات الانتخابية للسياسيين في الولايات المتحدة، قال لاراجا: "لقد أجريت بحوثا سابقة حول هذا الموضوع، ويعد كبار المانحين أي شخص يتبرع بأكثر من 200 دولار لمرشح، واللافت أنه خلال السنوات الأخيرة زاد عدد المتبرعين الصغار جدا، الذين يتبرعون بأقل من 200 دولار أو أقل للحملة، بل إن المبالغ التي قدموها تجاوزت كبار المانحين في عام 2020. لذلك قد يقول بعض الناس، هذه علامة جيدة على أنه يتم تمويل المزيد من الحملات من خلال مساهمات أصغر، وقد كان بعض السياسيين بارعين جدًا في هذا، بما في ذلك دونالد ترامب؛ في الواقع، يحصل جو بايدن على الكثير من المتبرعين الصغار أيضًا؛ وأشخاص مثل بيرني ساندرز، أشخاص يعرفون بالتأكيد كيفية جذب الجماهير".
قبل أن يستدرك: "لكن بشكل عام، يمكن للأحزاب أن تقدم المال للمرشحين؛ يمكنهم عرض إعلانات للمرشحين كذلك؛ يمكنهم المساعدة في تعبئة الناخبين كما هو الحال في البلدان الأخرى".
وتابع: "هناك شيء يسمى PACs أو لجنة العمل السياسي، وهذه المنظمات ترعاها الشركات، والنقابات العمالية، ومجموعات المناصرة المختلفة، وهم يجمعون الأموال ويعطونها للسياسيين، ثم هناك المانحون الأفراد. يمكنهم منح مبالغ غير محدودة لأي عدد يريدونه من المرشحين والأحزاب، لكن هناك حدودا للمساهمة عليهم، لكن يمكنهم تقديمها للعديد من المرشحين واللجان المختلفة".
ولفت إلى أن "لجان العمل السياسي هي مستقلة، ولا تساهم في الحملات الانتخابية بشكل مباشر، لكنها تستطيع إنفاق الأموال مباشرة لمساعدة المرشح؛ وكذلك عرض الإعلانات، لكن لا تستطيع التحدث مع المرشح أو الحزب بشكل مباشر لأنها مستقلة، والكثير من هذه المجموعات المستقلة، تسمى Super PAC أو لجان العمل السياسي السوبر، ولماذا سوبر لأنهم يستطيعون إنفاق الكثير ويمكنهم جمع وإنفاق القدر الذي يريدونه من المال".
وعن تفسير وجود حدود للمساهمات وعدم وجود حدود للإنفاق، أوضح الخبير السياسي أن "الأمر قد يكون معقدًا، لكن هذه هي الحقيقة، دعني أوضح لك يستطيع الأفراد بموجب القانون الفيدرالي التبرع لما يصل إلى 3300$ في كل انتخابات، حسنًا. وهذا يعني أنه إذا أردت أن أعطي المال لمرشح بعينه، يمكنني منحه 3300 خلال الانتخابات التمهيدية والنهائية، وسوف يصبح المجموع 6600. وإذا كان لدي زوجة، فيمكنني أن أتبرع لحملته نفس المبلغ، تحت اسم زوجتي، وإذا كان لديّ أطفال، فيمكنهم التبرع نفس المبلغ، وفي الحقيقة عادة ما يكون كل هؤلاء المتبرعين مجرد شخص واحد".
وتابع: "يمكنك أيضًا منح 41000$ لحزب سياسي، ولذلك ليس من المدهش أن تأتي معظم هذه الأموال من الأفراد من نفس المناطق الجغرافية الحضرية في الولايات المتحدة التي تتمتع بالكثير من الثروات، ويشمل ذلك نيويورك ولوس أنغلوس وواشنطن وشيكاغو والمدن الكبرى الأخرى في جميع أنحاء البلاد".
وفي الحملة الانتخابية الأمريكية، تعدّ الأموال مصدر فخر للجانب الذي يجمع المبلغ الأكبر. وهي أيضا عائد لا غنى عنه في وقت يبدو أن انتخابات عام 2024 ستكون الاقتراع الرئاسي الأكثر كلفة في تاريخ البلاد.
وتُستخدم هذه المبالغ لتمويل سفر المرشحين ودفع رواتب فريق حملتهم وإجراء استطلاعات رأي بالإضافة إلى دفع تكاليف الإعلانات التلفزيونية، من بين أمور أخرى.
aXA6IDE4LjExOS4xOS4yMDUg جزيرة ام اند امز