ندرة الطعام تجعل الحياة بائسة في جنوب السودان
في كل لحظة تمر يشعر شخص بالجوع في جنوب السودان، ما يجعل مئات الآلاف عرضة لخطر الموت جوعا، حسب الأمم المتحدة.
إذا أراد معلما في جنوب السودان أن يشتري دجاجة من أجل العشاء، فعليه أن يوفر كل ما يجنيه من مال خلال شهرين كاملين، وربما لا يكفي ما يوفره أيضا لشرائها.
أهلكت 5 سنوات من الحرب الطاحنة اقتصاد جنوب السودان وقتلت ما يقدر بـ380 ألف شخص، فضلا عن تشريد ثلث السكان، وفي كل لحظة تمر يشعر شخص بالجوع ما يجعل مئات الآلاف عرضة لخطر الموت جوعا، حسب الأمم المتحدة التي أعلنت بعض مناطق جنوب السودان مناطق مجاعة العام الماضي.
أصبحت بعض المناطق في جنوب السودان، ويشمل ذلك مناطق زراعية مهمة، شبه خالية من الناس حيث هرب معظمهم بحثا؛ إما عن الطعام أو عن الأمان، ما يعني أن المتبقين هناك أصبحوا يعتمدون على الواردات، لكن انخفاض سعر الصرف جعل أسعار الأطعمة المستوردة باهظة الثمن ما يصعب حصولهم عليها.
ونتيجة لذلك ارتفعت أسعار الغذاء بصورة هائلة في جنوب السودان، لدرجة أن سعر الوجبة الواحدة يمكن أن يكلف الفرد ضعف دخله اليومي، ما يجعل الناس هناك غير قادرين على شراء الأشياء التي يرونها في الأسواق والمحلات التجارية.
وتعتبر جنوب السودان من أخطر دول العالم بالنسبة لموظفي المعونة، وبالرغم من تدفق مليارات الدولارات في صورة معونات غذائية خارجية، إلا أن الهجمات التي تتعرض لها سيارات التوصيل أو الطرق السيئة أو الفيضانات أو التدخل الحكومي، تمنع وصول الغذاء إلى هؤلاء الأشخاص الذين هم في أشد حاجة إليه.
والولايات المتحدة من بين أكبر الدول المانحة لجنوب السودان، حيث تبرعت بـ1.78 مليار دولار منذ بداية الصراع، آخرها كانت مساعدة بقيمة 336 مليون دولار هذا العام. وفي مايو الماضي، هددت إدارة ترامب بقطع هذه المساعدات ما لم يتوقف الصراع في جنوب السودان.
وفي تقرير لها، وصفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية ما يحدث في جنوب السودان بـ"تهديد يزيد من سوء أزمة أدت بالفعل إلى أكبر نزوح لاجئين في أفريقيا منذ الإبادة الجماعية في رواندا خلال فترة التسعينيات".
ونقلت عن نيكولاس كيراندي، محلل الأمن الغذائي لدى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، قوله إن الناس وجدوا أنفسهم مجبرين على القيام بتضحيات صعبة من أجل البقاء والنجاة، فمنهم من بات يتناول وجبة واحدة في اليوم، ومنهم من تخلى عن التعليم والصحة لتوفير النفقات من أجل الطعام، وكثيرون آخرون أصبحوا لاجئين.
وبالنسبة لأشخاص مثل جون لادو، الأستاذ المساعد في جامعة جوبا ويتقاضى 40 دولارا في الشهر، تعتبر هذه الخيارات الصعبة واقعية ولا مفر منها. ويقول لادو، الذي يعتبر من القلائل الذين حصلوا على التعليم في هذا البلد، إن كيلو من اللحم لإطعام 15 شخصا يكلف حوالي 5 دولارات، لذلك يفضل الناس هذه الأيام تناول الحبوب والذرة المسلوقة لتوفير تكلفة اللحم. ونظرا لأن دخله الشهري قليل جدا، يعمل لادو على دراجته النارية كتاكسي أو كعامل في بعض الأحيان، وبالرغم من ذلك لا يتوقف عن التفكير في اللجوء للنجاة.
وفي يوليو 2013 قبل اندلاع الحرب، كان المعلم في جنوب السودان يتقاضى 350 دولارا شهريا، لكن الآن بعد مرور خمس سنوات أصبحت قيمة هذا المرتب لا تتجاوز 6 دولارات بسبب انخفاض قيمة الجنيه جنوب السوداني.
من جانبه قال وزير المعلومات في جنوب السودان، مايكل مكواي، إن تقديرات الأمم المتحدة لا أساس لها وأن الواقع مختلف تماما. وأقر أن البعض في جنوب السودان أصبحوا لاجئين اقتصاديين بالفعل، مشيرا إلى اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه مؤخرا، كعلامة على إحراز تقدم لأنه سيؤدي بدون شك إلى تحسن الاقتصاد.
ومنذ بداية الجولة الأخيرة من مناقشات السلام بين رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت وزعيم المعارضة رياك مشار، بدأت الأسعار تهبط بشكل طفيف. والآمال المعلقة على هذا الاتفاق أكبر من أي اتفاق سابق لاسيما أنه تم التفاوض فيه مع السودان أيضا التي انفصلت عنها جنوب السودان في 2011 بعد عقود من الحرب الأهلية.
ويعد النفط الصادر الأساسي من جنوب السودان ويعتبر من أقوى محركات اقتصادها، لكن عندما انفصلت عن السودان، وافقت على ضخ نفطها نحو الشمال ما أغلق العديد من حقول النفط في جنوب السودان التي تتعهد السودان بإعادتهم للعمل مرة أخرى كجزء من هذا الاتفاق.
وبعيدا عن النفط، يمكن أن تعتمد جنوب السودان على صادرات أخرى من الموارد الطبيعية مثل الذهب والخضروات والأخشاب الصلبة مثل الماهوجني وخشب الساج. لكن معظم المنطقة الاستوائية الأكثر إنتاجا في جنوب السودان أصبحت خالية من الناس تقريبا. وتقدر وكالة الأمم المتحدة للأغذية أن المنطقة الزراعية قلت بنسبة 50% تقريبا منذ العام الماضي، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السوق بصورة أكبر.
aXA6IDMuMTQ1LjU3LjQxIA== جزيرة ام اند امز