مالكة أول فود تراك باليمن لـ"العين الإخبارية": "ناشيونال جيوجرافيك" ألهمتني
أظهر عشرات الشباب اليمنيين عزيمة فولاذية في مجابهة الظروف التي خلقتها الحرب ببلادهم، وذلك بابتكار مشاريع ملهمة للدخل.
ولم يعد سوق العمل حكرا على الرجال في مجتمع تقليدي مثل اليمن، فالفتيات بدأن بكسر الحاجز واقتحام ميدان العمل كما هو الحال مع الشابة اليمنية، فاتن محمد عبدالباقي، المنحدرة من العاصمة المؤقتة عدن.
قررت فاتن (28 عاما) المغامرة واقتحام سوق العمل بالإعداد لعربة طعام متنقلة، ولأن الظروف المالية حالت دون خروج طموحها إلى النور، أقنعت والدتها ببيع ما تبقى من مجوهراتها من أجل البدء بالمشروع.
بدأت فاتن، الحاصلة على شهادة البكالوريوس من كلية الهندسة في جامعة عدن، بأولى خطوات دربها الجديد، وصنعت كشكا خشبيا متحركا لبيع الطعام، وعلى الرغم من جملة إحباطات ومضايقات وخسائر مالية، إلا أنها استطاعت الصمود في وجه كل العقبات من أجل إعالة نفسها ومساعدة أسرتها ماديا.
وذكرت الشابة اليمنية، لـ"العين الإخبارية"، أن الفكرة تولدت لديها عند مشاهدة قناة "ناشيونال جيوجرافيك أبوظبي"، وهي تستعرض مشروع "الفود تراك" وبيع الأطعمة في الشوارع.
وأضافت: "حينها رأيت فرصة العمل بنفس الفكرة وأقوم بإنشاء مطعم متنقل لاسيما ونحن نعيش بعد حرب خلفت أوضاعا غير مستقرة، فمثلا إذا حدث أي أعمال فوضوية في مديرية المعلا بإمكاني أنتقل إلى مديرية أخرى داخل عدن وهكذا".
تقول فاتن: "كان مشروعي، أول مشروع على مستوى اليمن بين فئات الرجال والنساء ومع مرور الوقت وانتشار العمل بواسطة العربة المتنقلة ما زلت أتصدر المرتبة الأولى بين النساء في مشروعي، الذي بدأته كخطوة عند قيامي ببيع مجوهرات والدتي وعملت على صناعة كشك متحرك من الخشب بواسطة عجلات".
وكان "كورنيش الشهيد جعفر" بمديرية خور مكسر، أول محطة بيع للشابة فاتن، وبدأ الناس يتقبلون الفكرة ويدعمونها بالشراء، رغم المضايقات الكثيرة التي تعرضت لها لإفشال مشروعها من قبل مسؤولين جراء تعدد المهام لديهم، حيث كان البعض يمنحها ترخيصا للعمل، ويرفض الآخر ما جعلها تنقل محطة البيع إلى مديرية المعلا.
حريق يلتهم المشروع
لم تكتمل فرحة الفتاة فاتن بنقل مشروعها إلى مديرية المعلا، فكانت الصدمة النفسية بتبدد مشروعها في انتظارها في أول يوم للافتتاح الرسمي.
تقول فاتن في سياق حديثها لـ"العين الإخبارية": "كنت على وشك افتتاح عملي، وفي اليوم الأول التهم الحريق مشروعي، صار هشيما تذروه الرياح وأعادني إلى نقطة الصفر".
كاد الحريق أن يقضي على طموح فاتن، لكن مؤسسة "جسور" التنموية في عدن، تدخلت وعرضت تقديم الدعم لها وتجهيز عربة طعام متنقلة أخرى، فتم ذلك وجعلها تعود للتنقل في مديريات عدن لبيع الوجبات السريع.
وذكرت فاتن أن مطعمها يقدم عددا من المأكولات، مثل "الفاهيتا، تشكن، بوب كورن والوافل"، كما تميزت بوجبات عدنية خاصة لا تتواجد بباقي المحافظات اليمنية، وهو ما جعل رقعة الإقبال الشعبي تتوسع.
شراكة تقتل الطموح
عقب النجاح الذي حصدته في "الفود تراك"، بدأت الشابة "فاتن" تطمح لأن تصبح صاحبة مطعم كبير ذي سمعة طيبة، وطرح له أحد الأشخاص تنفيذ الفكرة والدخول معها في شراكة لفتح مطعم أكبر.
تقول فاتن: "وافقت لأن قدرتي المالية كانت غير كافية لفتحة بمفردي، وعملت مع الشريك على فتح مطعم جديد يدعى (فاتن) في مدينة كريتر وبدأ بأخذ حيز من التشجيع في إقبال الناس إليه والإشادة بالوجبات، غير أن الشراكة لم تستمر 3 أشهر".
وتضيف: "انتهت الأمور إلى إغلاق المطعم، مما أدى إلى قتل طموحي، لكوني لم أجد أي جهة تشجعني في دعمي لفتح مطعم خاص حتى ولو عبر قرض بنكي، كما لا يوجد أي برنامج في أساسيات نظام الدولة في دعم المشاريع الناجحة وتشجيعها من خلال تقديم التسهيلات المالية أو الدعم المتمثل في توفير مواقع خاصة لممارسة العمل دون مضايقات".
عودة إلى الفود تراك
رفضت فاتن الاستسلام للفشل، وبعد إغلاق المطعم والتعثر المالي الذي حصل لها، عادت مجددا إلى عربتها المتنقلة بمفردها، معلنة تحدي جميع أسباب الفشل، وبعزيمة عالية، عادت إلى موقعها السابق في مديرية المعلا.
وذكرت فاتن أنها قررت المشاركة في إحدى المناسبات بساحل جولد مور في مديرية التواهي غير أن حادثا مروريا ترصدها في الطريق وانقلبت سيارتها "الفود تراك" قبل وصولها الى الموقع المراد، مما تسبب بخسارة مالية بتحطم أدوات الطباخة الرئيسية.
وخلافا لتلك الصدمات المتعددة، تعرضت عربة "فاتن"، للسرقة من قبل مجهولين ونهب أسطوانات الغاز وبعض الأدوات، ولا تزال تصارع لأجل العودة وسط عاصفة من الأزمات والخسائر المالية مع تراكم المديونيات.
معوقات مختلفة
وكشفت فاتن عن صعوبات متعددة تواجه مشوارها، على رأسها، عدم شروع السلطات المختصة في عدن من مكتب الأشغال والسلطة المحلية، في منح تراخيص للعربات المتنقلة ورفض السماح لها بالعمل وقت التجوال.
وتأمل فاتن أن تجد استجابة حكومية مع مشروعها وتشجيعها ومنحها موقعا بترخيص رسمي يسمح لها بالبيع فيه دون أن يكلفها أي خسارة أو مضايقات.
وخلافا للعقبات الحكومية، كشفت "فاتن" عن مصاعب أخرى جراء ارتفاع سعر العملة الأجنبية مقابل الريال اليمني وانعدام الوقود، فضلاً عن مضايقات من قبل بعض الشرائح التي تسخر منها وتنعتها بألفاظ تكشف عن تنمر ضد المرأة وعدم تقبل وجوه في الطباخة والبيع بالشارع.