من راؤول إلى ميسي.. كيف تفوقت الجماعية على النجم الأوحد؟
شعرت جماهير نادي برشلونة الإسباني برعب شديد، حين أفصح نجمهم الأول والأسطورة والتاريخية ليونيل ميسي عن رغبته في الرحيل.
ليو تقدم بطلب رسمي لترك "كامب نو" خلال الصيف الماضي عقب الخسارة القاسية في دوري أبطال أوروبا بنتيجة 8-2 من بايرن ميونخ الألماني، لكنه أعلن أن تلك الهزيمة "لم تكن إلا سبب واحد من ضمن أسباب عديدة لدراسة فكرة المغادرة".
نتيجة مباراة أو بطولة لن تؤثر على تاريخ ميسي بكل تأكيد، ولكن حقيقة أن البارسا تحول إلى فريق متوسط في غيابه، وغير قادر على مقارعة الكبار في وجوده، هي التي دفعته نحو تلك الخطوة.
فكرة النجم الأوحد باتت بمثابة الكابوس وليست ميزة لبرشلونة، وفي الماضي قال بيب جوارديولا، الذي قاد ليو في كامب نو بين عامي 2008 و2012، إن البارسا لديه ميزة عند مواجهته لأي فريق وهي وجود ميسي، وكررها أيضا أثناء عمله لاحقا بايرن ومع مانشستر سيتي.
ورغم أنه لا خلاف على إمكانيات ليو الكبيرة، فإنه أيضا لا خلاف على أن كرة القدم في النهاية لعبة جماعية، تعتمد على مجموعة من اللاعبين أصحاب المهارات وليس النجوم أو الأساطير فحسب، حتى لو كان الأمر يتعلق بقائد البارسا الحالي.
حين حقق برشلونة السداسية التاريخية في 2009، كان ميسي النجم الأول ولكن تحت قيادة بيب، ويجاور مجموعة لاعبين في أوج العطاء بداية من تشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا مروراً بالثنائي يايا توريه وسيدو كيتا، أمام كارليس بويول وغيرهم.
نجم في حراسة المرمى مثل الألماني مارك أندريه تير شتيجن، لم يحقق إنجازات حارس متوسط مثل فيكتور فالديز، لأن بقية المجموعة لم تكن على مستوى الفريق الجماعي القديم.
الأسطورة راؤول جونزاليس
يعتبر راؤول جونزاليس نجم فريق ريال مدريد ومنتخب إسبانيا في نهاية التسعينيات ومطلع الألفية الحالية، أحد أهم الأمثلة على فكرة النجم الأوحد.
ظل راؤول منذ كأس العالم 1998 في فرنسا وحتى مونديال ألمانيا 2006، النجم الأول في كتيبة الماتادور، ولكن بمجرد توقفه عن تمثيل منتخب بلاده، فتح المجال لكتيبة جماعية نجحت في الهيمنة على البطولات العالمية بشكل لم يحدث مسبقا.
فازت إسبانيا بقيادة مجموعة أقل نجومية من راؤول، سواء وقتها أو خلال مسيراتهم إجمالاً، بكأس العالم للمرة الأولى والوحيدة في تاريخها، بجانب كأس أمم أوروبا مرتين على التوالي في إنجاز استثنائي.
راؤول توج بكل شيء مع ريال مدريد، وبات الهداف التاريخي للنادي قبل قدوم كريستيانو رونالدو، وكذلك هداف الماتادور الأول قبل كسر مواطنه ديفيد فيا لرقمه، لكن إسبانيا تحررت من وجوده مثلما يحتاج برشلونة الآن مع ميسي، ونجح فيا وفيرناندو توريس وتشافي وسيسك فابريجاس وغيرهم في كتابة تاريخ جديد للإسبان كرويا.
إنجلترا في أول بطولة كأس عالم لها عقب استبعاد واين روني، أفضل هداف في تاريخها، نجحت في التأهل لنصف النهائي للمرة الثالثة في تاريخها والأولى منذ 1990.
مثال آخر، خاص بفريق جماعي مثل بايرن ميونيخ، الذي نجح في أول موسم عقب رحيل الأسطورتين آريين روبين وفرانك ريبيري، في التتويج بكل البطولات الـ6 المتاحة بداية من البوندسليجا وكأس ألمانيا مروراً بدوري أبطال أوروبا والسوبر المحلي والسوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية.
نفس السيناريو تكرر مع برشلونة خلال موسم 2008-2009، وهو الأول بعد رحيل البرازيلي رونالدينيو، الذي ظل ملك النادي كرويا على مدار سنوات، لكن خطط جوارديولا الجماعية كانت لا تعتمد على لاعب هوائي مثل "روني".
المدرب الألماني يورجن كلوب حقق نجاحات مبهرة مع ليفربول وقبله بروسيا دورتموند، بمجموعة نجوم لا يمكن أن تقول أن أحد هؤلاء هو النجم الأوحد، وإن كان محمد صلاح وروبرت ليفاندوفسكي أكثرهم نجومية لكن الفريق لم يكن يوما كذلك.
دورتموند نجح في الفوز 2-0 على ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا 2014 وسط غياب ليفاندوفسكي، وليفربول حقق الريمونتادا التاريخية على برشلونة 4-0 في 2019 بدون صلاح وساديو ماني أيضا.