لكنّ الأهمّ أنّ بياناتهم المتتالية، منذ تأسيس النادي "الثلاثي" إلى حين تحوّله "رباعيا"، كانت دائما تلعب دور "حراسة" مقام الرئاسة
يسجّل لرؤساء الحكومات السابقين، في بيانهم الأخير، أنّه خلا من أيّ كلمة مذهبية أو طائفية، وهم: الرئيس سعد الحريري، والرئيس فؤاد السنيورة، والرئيس تمام سلام، والرئيس نجيب ميقاتي. أربعة رؤساء سابقين، ثلاثة منهم لا يزالون نوابا حاليين، هم الحريري وسلام (عن دائرة بيروت) وميقاتي (عن دائرة طرابلس) في حين أنّ السنيورة هو نائب سابق (عن دائرة صيدا).
وُلِدَ نادي رؤساء الحكومات السابقين مع ولادة عهد الرئيس ميشال عون في نهاية العام 2016، ومع تشكيل حكومة الرئيس الحريري الأولى في هذا العهد، مطلع العام 2017. وقد باشر مهمّاته بانتقاد التجاوزات بحقّ "الدستور" و"اتفاق الطائف"، ودفاعا عن "موقع الرئاسة الثالثة". ومع خروج الرئيس الحريري من الحكومة، كان بيان "الرؤساء السابقين" للمرّة الأولى رباعيا، بعد أن كان ثلاثيا منذ تأسيس هذا "النادي".
وُلِدَ نادي رؤساء الحكومات السابقين مع ولادة عهد الرئيس ميشال عون في نهاية العام 2016، ومع تشكيل حكومة الرئيس الحريري الأولى في هذا العهد، مطلع العام 2017. وقد باشر مهمّاته بانتقاد التجاوزات بحقّ "الدستور" و"اتفاق الطائف"، ودفاعا عن "موقع الرئاسة الثالثة"
يعرف كثيرون أنّه منذ تأسيس دولة لبنان في العام 1943، سرى عُرف بأن يكون رئيس الجمهورية من الطائفة المارونية، ورئيس مجلس النواب من الطائفة الشيعية، ورئيس مجلس الوزراء من الطائفة السنية.
ماذا يعني أن يجتمع أربعة رؤساء حكومات سابقين ليصدروا بياناً يحذّر من "تعيينات يُشتمّ منها الرغبة في السيطرة على المواقع الإدارية والمالية والنقدية للدولة اللبنانية، بغرض الإطباق على الإدارة الحكومية من دون الالتزام بقواعد الكفاءة والجدارة"؟
هذا يعني اعتراضاً على جانب من هذه التعيينات، يمسّ الطائفة التي ينتمي إليها هؤلاء الرؤساء الأربعة، وقد حذّر بيانهم الصادر في 30 مارس/آذار الفائت، من أنّ "لبنان لا يمكنه مواجهة الظروف والمخاطر الراهنة على مختلف الأصعدة والمستويات باستمرار ممارسات المحاصصة...".
ودعا البيان إلى "تحقيق الإنقاذ والنجاة ماليا واقتصاديا واجتماعيا ومعيشيا ونقديا ومؤسساتيا، بعيدا عن أحلام السيطرة والاستئثار والانتقام والتحكم بآلة الدولة ومواقعها".
لا شكّ أنّ هذه الشخصيات الأربعة تمثّل الكثير الكثير في وجدان اللبنانيين عموماً، وفي وجدان الطائفة التي ينتمون إليها، ويمثلّونها، كلّ بحسب درجة تمثيله، ولا شكّ أنّهم استحقّوا حيثياتهم بالعمل والجهد والأمانة، وبالمحاولات، وبترؤّس الحكومات، كلّ منهم أكثر من مرّة.
لكنّ الأهمّ أنّ بياناتهم المتتالية، منذ تأسيس النادي "الثلاثي" إلى حين تحوّله "رباعيا"، كانت دائماً تلعب دور "حراسة" مقام الرئاسة الثالثة، كما لو أنّ المشكلة الوحيدة في لبنان هي في الاعتداء على صلاحيات هذه الرئاسة. رغم أنّ الاعتداء عليها مستمرّ وواضح وعلنيّ، ورغم أنّ اعتراضاتهم في محلّها دوماً.
وبالتالي، فإنّ اجتماع رؤساء الحكومات السابقين، يعني في ما يعنيه، أنّه اجتماع لأعلى وأرفع الوجهاء من الطائفة التي ينطقون باسمها.
وإذا كان يسجّل لرؤساء الحكومات السابقين، في بيانهم الأخير، أنّه خلا من أيّ كلمة مذهبية أو طائفية، إلا أنّه يسجّل عليهم أيضاً، أنّه كان مليئاً بإيحاءات من هذا النوع.
بعد ثورة 17 أكتوبر/تشرين الأوّل 2019، وخروج اللبنانيين بمئات الآلاف إلى الشوارع، من كل المناطق والمذاهب والطوائف، تحت شعارات وطنية جامعة وموحّدة، وبعد وباء الكورونا الذي خرج على الكوكب كلّه، لا يميّز بين إنسان وآخر، فإنّ آخر ما يحتاجه لبنان واللبنانيون هو الدفاع عن منصب طائفي هنا أو عن مكسب مذهبيّ هناك.
لبنان كلّه يغرق في الفقر والجوع، والكوكب أيضاً يغرق في الكورونا. الكوكب يختنق ولا يوجد أجهزة تنفّس كافية. الوفيات بالآلاف يوميا، واللبنانيون على أبواب المصارف، يتدافعون للحصول على ما يسدّ رمق أولادهم.
وهذا النادي، على أهميته، مدعوٌّ إلى توسيع إطاره، ليستقبل شخصياتٍ ووجهاء ورؤساء سابقين، من طوائف ومذاهب مختلفة، ونوابا ووزراء، حاليين وسابقين، يجمعهم الهمّ الوطني، ويجمعهم مشروعٌ وطنيّ، عابر للطوائف، يشبه زمن 17 تشرين الأول/أكتوبر، وزمن الكورونا.
سفينة لبنان وسفينة الكوكب تغرقان في وقت واحد، ولا يهمّ من يجلس إلى جانب السائق، الأهمّ من سيركب في زوارق الإنقاذ، ومن يعرف السباحة جيّداً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة