مؤسس "فيسبوك" يدرس أسباب تفوق "وي شات" الصيني للحد من نفوذه
مارك زوكربيرج الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك يسعى إلى تطويره ليماثل تطبيق "وي شات" الصيني خصوصا من ناحية التجارة الإلكترونية والدفع.
كشفت شركة فيسبوك، عملاقة شبكات التواصل الاجتماعي، عن عدد من التحديثات الجديدة التي ستطرأ على تطبيقاتها، حيث تسعى الشركة الأمريكية إلى إنشاء تطبيق عالمي ينافس "وي شات" الصيني للحد من نفوذه.
وحسب ما ذكرته شبكة أخبار "شين لانغ" الصينية، نشر مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، مؤخرا مقالًا حظي باهتمام عالمي كبير، بعنوان "رؤية تركز على الخصوصية للشبكات الاجتماعية"، والذي اعتزم من خلاله بناء نظام أساسي جديد يركز على الخصوصية، ويأتي هذا التحول بعد سنوات من فضيحة موقع "فيسبوك"، الذي تعرض للانتقاد بسبب تعامله مع بيانات المستخدم الخاصة ونشر المعلومات المضللة.
وأشار مؤسس "فيسبوك" إلى أن ضمن التحديثات الجديدة التي ستطرأ على شبكته الاجتماعية هو مزج وظائف كل من تطبيق "فيسبوك" و"الماسنجر" و"الأنستقرام" وأيضاً "واتساب" في تطبيق واحد شامل، كما سينشأ المزيد من الطرق حتى يتفاعل الأشخاص بشكل أفضل، بما في ذلك مشاهدة مقاطع فيديو مع الأصدقاء خلال محادثات الدردشة الكتابية وعبر الفيديو.
وأضاف أن Facebook يجب أن يحاول التعلم من WeChat، من خلال الاعتراف، "إذا كنت قد استمعت فقط إلى نصيحتك قبل 4 سنوات".
وحسب شبكة أخبار "شين لانغ" الصينية، يستنتج الكثيرون من هذه التغيرات أن مارك يسعى لنسخ تطبيق "وي شات" الصيني وهدفه الأساسي هو أن يصبح تطبيقا رائدا مماثلا.
وعلى الرغم من أن هناك الكثير من الاختراعات التي أحدثت ثورة في الثقافة والمجتمع، مثل الهواتف الذكية والتلفاز والإنترنت والحواسيب الشخصية والتطبيقات، فإن تطبيق "وي شات" الصيني يمهد الطريق إلى ثورة جديدة وهي ثورة الإيكولوجية الرقمية، وهذا ما يريد "فيسبوك" نسخه.
ومن أجل تصوّر رؤية زوكربيرج نحتاج إلى معرفة المزيد عن مصدر إلهامه الصيني، ويطلق على تطبيق "وي شات" في الصين "Weixin"، وعلى مستوى العالم، لديه أكثر من مليار مستخدم نشط، ويسيطر على عالم وسائل التواصل الاجتماعي الصيني بشكل منفرد.
ويحتوي إصدار التطبيق المستخدم في الصين على مجموعة واسعة من الوظائف غير الموجودة في الإصدارت الدولية، على سبيل المثال، يمكنك من خلاله طلب الطعام وإرسال وتسلم الأموال والتسوق ودفع فواتير الخدمات وتسجيل رحلات الطيران، يمكن للناس حتى التقدم بطلب الطلاق عبر التطبيق.
ويقدم "وي شات" الكثير من الميزات، وتنقسم وظائفه بشكل عام إلى الفئات التالية:
1) منصة للتواصل الاجتماعي
يحتوي على منصة مراسلة خاصة ومجموعات دردشه و"مشاركة الأفكار" (على غرار حائط فيسبوك) وخاصية التعرف على "الأشخاص القريبين من موقعك" التي تساعدك في العثور على أشخاص ومقابلتهم.
2) الأخبار والطقس والقيل والقال والترفيه والتسويق والإعلانات
يمكن للمستخدمين قراءة المقالات ومتابعة الأخبار أو متابعة الفرق الموسيقية والمدونين والمشاهير، وهناك أيضا حسابات عامة، حيث يمكن للعلامات التجارية التواصل مع عملائها ومعجبيها.
3) التجارة الإلكترونية والمدفوعات والجدولة
يمكن إجراء عمليات الشراء من متاجر "وي شات" على الإنترنت، بالإضافة إلى المتاجر غير المتصلة بالإنترنت، كما يمكنك طلب توصيل الطعام وشراء تذاكر الأفلام وتحويل الأموال ودفع فواتير الخدمات، ويمكنك حتى أن تدفع لأداء الفنانين المتجولين في الشوارع أو الباعة المتجولين باستخدام التطبيق.
وانضمت "تينسنت"، الشركة التي تمتلك "وي شات" إلى منصة JD.com، إحدى منصات التجارة الإلكترونية الرائدة في الصين التي تغطي كلا من الأسواق عبر الإنترنت وغير المتصلة بالإنترنت، والخدمات اللوجستية، والبيانات الضخمة، وغيرها.
كما تم إطلاق منصة "وي شات" للرعاية الصحية التي ستسمح للمستخدمين بحجز المواعيد الطبية ودفع المستحقات عبر حسابات "وي شات" العامة، وبحلول عام 2017، كان هناك أكثر من 38 ألف منشأة طبية في الصين تعمل من خلال تطبيق "وي شات".
4) برامج مصغرة
تشبه البرامج المصغرة، التي تم تقديمها في عام 2017، التطبيقات الموجودة داخل التطبيق التي توفر وظائف وخدمات متقدمة مثل الألعاب والمتاجر عبر الإنترنت والوصول إلى الدراجات المشتركة وأنظمة إدارة علاقات العملاء والخصومات وغير ذلك الكثير.
ويقدم تطبيق "وي شات" الصيني ما يقدمه "فيسبوك" و"واتساب" و"ماسنجر" و"أمازون" و"أوبر" "وأبل باي" وتطبيق توصيل الطعام "ديليفيرو" بشكل مشترك، بالإضافه إلى العديد من التطبيقات الأخرى في العالم الغربي.
وجعلت شراكات "تينسنت" الاستراتيجية "وي شات" جزءا من إمبراطورية متنامية تفوق أي تطبيق آخر موجود. بالمقارنة، يقتصر تطبيق "فيسبوك" و"واتساب" و"أنستقرام" على المراسلة والبث الحي والتسويق فقط.
وحسب شبكة أخبار "شين لانغ" الصينية انطلاقاً من التغييرات التي أعلن عنها مارك مؤخراً يُعتقد أنه يريد إجراء تغييرين رئيسيين:
1) فيما يخص الجانب الاجتماعي فهو يريد تقوية وظائف المراسلة الفورية، حيث سيتمكن مستخدمي تطبيقات "ماسنجر" و"أنستقرام" و"واتساب" من إرسال الرسائل عبر جميع التطبيقات الثلاثة دون الحاجة إلى القلق بشأن ما إذا كان أصدقاؤهم يستخدمون التطبيق نفسه.
2) أما فيما يخص جانب التجارة الإلكترونية والدفع فيسعى مارك إلى جعل شبكته الاجتماعية منصة للتسوق، بحيث يمكن للمستخدمين شراء الأشياء داخل التطبيق دون الحاجه إلى تركه للتسوق على "أمازون".
وقد يؤدي ذلك أيضا إلى قيام "فيسبوك" بتطوير نظام دفع بدون اتصال بالإنترنت مباشرة من خلال تطبيقات Paypal وApple Pay وSamsung Pay وMastercard وVisa.
ووفقا لشبكة أخبار "شين لانغ" الصينية يأتي أكثر من 50% من إيرادات "تينسنت" من عمولات السداد عبر الإنترنت، في حين يعتمد "فيسبوك" من ناحية أخرى على إعلانات تصل إلى 98% من إيراداتها، إلا أن الشبكة الاجتماعية ما زالت تحتاج إلى وظائف السوق والشراء داخل التطبيق لجلب رأسمال ثابت.
وعلى الرغم من أن "وي شات" يعتبر الكتاب المدرسي لوسائل التواصل الاجتماعي من قبل الكثيرين فإنه ليس من السهل تكرار نجاحه، حيث تتمتع الصين ببيئة فريدة من نوعها .
وكان قد تم إطلاق منصة "وي شات" في عام 2011 في أكبر سوق للتجارة الإلكترونية في العالم لجيل من مستخدمي الإنترنت الأذكياء الذين يتمتعون بسهولة الوصول إلى الهواتف المحمولة الذين كانوا على استعداد للاستكشاف.
وأن تكون رائدًا رقميًا عالميًا هو هدف صريح للحكومة الصينية، لذلك كان هناك دعم كبير للتطبيق من قبل السلطات الصينية، كما تم حظر تطبيقات الوسائط الاجتماعية الخارجية مثل "فيسبوك" و"واتساب"في الصين، ما مكن تطبيق "وي شات" من النمو دون عوائق.
ومع ثورة شبكات الجيل الخامس من الاتصالات 5G الصاعدة، فإن من المتوقع أن يواصل "وي شات" إضافة وظائف وميزات جديدة، ما يجعل وضعه المهيمن غير قابل للتهديد.
بالمقارنة مع تينسنت، يبدو أن "فيسبوك" في مرحلة مبكرة من التطوير، ويواجه أيضا نظاما تنظيميا مختلفا يختلف من منطقة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر، لا سيما من حيث لوائح الدفع الرقمية وقوانين الخصوصية.