بعد إقرار الميزانية.. نتنياهو أمام 4 سيناريوهات
تنفس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الصعداء بعد إقرار الكنيست لميزانية الدولة ما قد يفتح شهيته لتمرير مشاريع الإصلاح القضائي.
وتم إقرار الميزانية بعد ساعات طويلة من المناقشات التي تخللتها تهديدات من أحزاب شريكة بالحكومة بعدم التصويت لصالح الميزانية ما لم تحصل على ميزانيات إضافية.
ووقف على رأس المهددين حزب "يهودوت هتوراه" الديني، وكذلك حزب "القوة اليهودية" اليميني المتشدد برئاسة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
وفي نهاية مفاوضات عاصفة، نجح نتنياهو في إقناع المحتجين بالحصول على ميزانيات إضافية فصوتوا لصالح الميزانية التي مرت بأغلبية 64 من أعضاء الكنيست الـ120 ومعارضة 55.
والميزانية هي لعامي 2023 بقيمة 133 مليار دولار وعام 2024 بقيمة 141 مليار دولار.
وتكتسب فترة إقرار الميزانية أهمية خاصة في إسرائيل لأنها الفرصة المناسبة للمعارضة لإسقاط الحكومة.
فاستنادا إلى القانون الإسرائيلي، فإنه ما لم يقر الكنيست الميزانية في موعدها فإنه يتم حل البرلمان وتحديد موعد لانتخابات مبكرة.
وبإقرار الميزانية، فإن الفرصة الوحيدة الآن أمام المعارضة هي تصويتات حجب الثقة ولكن تماسك أحزاب الحكومة يجعل فرص المعارضة شبه معدومة.
وكتب ناحوم برنياع في صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن "قانون الميزانية الذي أجيز في الكنيست هو إنجاز كبير لنتنياهو والحكومة، رغم أنه يتعارض مع كل ما يفترض بقانون ميزانية طبيعي أن يفعله".
وأضاف في مقال تابعته "العين الإخبارية": "القانون يعطي نتنياهو عاما ونصف العام لا يمكن فيهما إسقاط حكومته إلا بحجب الثقة. هذا ما كان يهمه وهذا ما حققه.. رزمة السلب تربط كل الـ64 نائباً من الائتلاف معاً. تم السطو. والآن ينتظر الجميع توزيع الغنيمة".
ولكنّ ثمة عاملا غير مسبوق في إسرائيل يتمثل في احتجاجات المعارضة الإسرائيلية على مشاريع قوانين الإصلاح القضائي التي تجذب أسبوعيا على مدار 22 أسبوعا مئات آلاف الإسرائيليين إلى الشوارع.
وكان نتنياهو علق في شهر مارس/آذار الماضي مشاريع القوانين مفسحا المجال أمام التوصل إلى تفاهم مع المعارضة بوساطة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ.
ويقول مراقبون إن نتنياهو تعمد قبول الحوار لإفساح الطريق أمام إقرار الميزانية بالكنيست أولا.
وعلى ذلك، فقد أعلن نتنياهو إنه بانتهاء التصويت على الميزانية فإنه سيتم التفرغ الآن لمشاريع قوانين الإصلاح القضائي.
وردا على سؤال أحد الصحفيين عن مصير مشاريع قوانين الإصلاح القضائي المعلقة حاليا، قال نتنياهو "التغييرات في جهاز القضاء ستعود إلى الواجهة بالتأكيد، نحن في خضم التعامل معها، ونحاول التوصل إلى تفاهمات مع المعارضة بشأنها".
ولكن حتى قدرة الاحتجاجات على إسقاط الحكومة تبدو محدودة جدا.
وقال بارنياع: "ما دامت المظاهرات تخرج كل سبت إلى الشوارع المركزية للأمن والاقتصاد في إسرائيل، وما دامت الحكومات في الغرب تتابع وتهدد بالغد، فإن نتنياهو وأعضاء ائتلافه يتخذون جانب الحذر من السير إلى الحد الأقصى. المظاهرات لا تسقط الحكومة لكنها تلجمها. لا يوجد الكثير من السحر في اللجم، لكن فيه غير قليل من المواساة".
4 سيناريوهات
وبعد إقرار الكنيست للميزانية فإن نتنياهو أمام 4 سيناريوهات
-السيناريو الأول
أن يبدي نتنياهو جدية في التوصل إلى اتفاق مع المعارضة حول مشاريع قوانين الإصلاح القضائي وتقديم بعض التنازلات من أجل تمريرها بالإجماع ما سيكون من شأنه وقف الاحتجاجات وأيضا ترميم العلاقة مع دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية التي حذرت من تأثير هذه القوانين على الديمقراطية.
ولكن التوصل إلى حل وسط قد يضع نتنياهو في إشكاليات مع أعضاء بارزين في حزبه مثل وزير العدل ياريف ليفين الذي يرفض أي تعديلات على مشاريع القوانين وكذلك أحزاب يمينية متطرفة مثل "الصهيونية الدينية" برئاسة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش و"القوة اليهودية" برئاسة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
وشخصيا فإن نتنياهو، الذي يواجه باتهامات فساد في المحكمة المركزية الإسرائيلية، يعتقد أن اعتماد هذه القوانين ستنجيه من الاتهام وبالتالي تنجيه من السجن.
-السيناريو الثاني
أن ينصاع نتنياهو إلى آراء وزير العدل ليفين والأحزاب اليمينية المتطرفة ويمضي قدما في إقرار مشاريع الإصلاح القضائي مستغلاً الأغلبية التي لدى أحزاب حكومته في الكنيست.
ولكنه بذلك يجازف بتصاعد احتجاجات المعارضة، وإن كانت أطراف بالحكومة أشارت إلى أن الاحتجاجات لن تدوم طويلا وسيكون بالإمكان احتواؤها.
غير أن نتنياهو سيجازف بذلك بخلق أزمة دستورية غير مسبوقة في تاريخ إسرائيل سيما إذا ما قررت المحكمة العليا أن القوانين التي يقرها الكنيست غير دستورية.
وفي وقت تنص فيه مشاريع قوانين الإصلاح القضائي بأن لا صلاحية للمحكمة العليا على القوانين التي يقرها بالكنيست، فإن هذا سيضع إسرائيل في دوامة لم تشهدها في تاريخها.
ولأنه ليس هناك محكمة دستورية في إسرائيل فإن الشارع الإسرائيلي سينقسم بين مؤيد للحكومة ومؤيد للمحكمة العليا دون أن يتضح كيفية الخروج من مثل هكذا أزمة غير مسبوقة.
كما أن إقرار مشاريع قوانين الإصلاح القضائي سيضع الحكومة الإسرائيلية على الأرجح في خلاف مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي.
-السيناريو الثالث
بضمان اعتماد الكنيست للميزانية، قد يلجأ نتنياهو إلى الخلاص من الأحزاب الشريكة التي تسبب له إشكاليات محلية ودولية وعلى رأسها حزب "القوة اليهودية" برئاسة إيتمار بن غفير وحزب "الصهيونية الدينية" برئاسة بتسلئيل سموتريتش.
وتشير التقارير الإسرائيلية إلى أن مساعي نتنياهو للتوصل إلى اتفاق سلام مع السعودية تصطدم بعدة عقبات على رأسها تقديم الحكومة الإسرائيلية تنازلات سياسية للفلسطينيين والموافقة على إطلاق عملية سياسية مع السلطة في رام الله.
ولكن حال موافقة نتنياهو على هذا الطلب فإنه سيجد نفسه في صدام مع بن غفير وسموتريتش، اللذين يتبنيان سياسة الترحيل للفلسطينيين ومصادرة أراضيهم.
ويمكن لنتنياهو أن يلجأ إلى حزب "الوحدة الوطنية" المعارض برئاسة وزير الدفاع السابق بيني غانتس ويطلب منه الانضمام إلى الحكومة بمقابل طرد بن غفير وسموتريتش منها.
وفي حين أن لبن غفير وسموتريتش 14 مقعدا في الكنيست فإن لدى "الوحدة الوطنية" 12 مقعدا بالبرلمان وهو ما يعني أن انضمامه لها سيضمن عدم سقوطها.
كما أن لغانتس علاقات طيبة مع الأحزاب الدينية الإسرائيلية الشريكة بالحكومة بخلاف زعيم "هناك مستقبل" المعارض يائير لابيد الذي عادة ما يتبادل الاتهامات مع الأحزاب الدينية.
وفي حال أنجز نتنياهو اتفاقا مع السعودية فإن هذا سيبرزه كرجل سلام سواء في إسرائيل أو العالم.
وتعتبر الفترة ما قبل نهاية العام الجاري حاسمة أمام فرص إحراز تقدم مع السعودية، بمساعدة أمريكية، قبل انشغال الولايات المتحدة العام المقبل بالانتخابات الرئاسية.
-السيناريو الرابع
توجيه الأنظار بعيدا عن الإصلاحات القضائية من خلال المبادرة إلى عمل عسكري.
فقد أكثر المسؤولون العسكريون الإسرائيليون في الأيام الأخيرة من التهديدات بالقيام بعمل عسكري منفرد ضد المنشآت النووية في إيران مع تزايد التقديرات الإسرائيلية عن امتلاك إيران ما يكفي من اليورانيوم لتصنيع قنبلة نووية.
ولم يتضح ما إذا كانت هذه التصريحات لها ارتباط بقرار اتخذ على المستوى السياسي في إسرائيل بضرب منشآت إيرانية أو أنها محاولة للتأثير على المجتمع الدولي للتحرك لوقف الحراك النووي الإيراني.
وسبق لوزير الدفاع السابق بيني غانتس أن أشار إلى أن ثمة حالة واحدة قد تدفعه لدراسة الانضمام إلى حكومة نتنياهو وهي وجود حدث أمني كبير.
وقد يكون من شأن انضمام غانتس إلى الحكومة، ربما على حساب طرد بن غفير، أن يدفع باتجاه القبول ببعض إجراءات الإصلاح القضائي ما يشق صفوف المعارضة الإسرائيلية.
aXA6IDMuMTQ2LjEwNy4xNDQg جزيرة ام اند امز