المبعوث الأمريكي للأمن الغذائي لـ«العين الإخبارية»: إنجازات COP28 في الغذاء والزراعة قلبت الموازين
قال الدكتور كاري فاولر، المبعوث الأمريكي الخاص للأمن الغذائي العالمي إن التعاون بين دولة الإمارات وأمريكا يشهد برامج واعدة في الزراعة.
وقال فاولر، في حوار خاص لـ"العيـن الإخباريـة" من العاصمة الأمريكية واشنطن، إن التعاون الزراعي بين الولايات المتحدة والإمارات يهدف إلى تغيير قواعد اللعبة خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن تحقيق الأمن الغذائي في عالم متغير المناخ ومع الزيادة الرهيبة في السكان، يتطلب ابتكارات من نوع خاص، قائلا: "هذا ما نعكف عليه من خلال مهمة الابتكار الزراعي من أجل المناخ (AIM for Climate)، التي ترعاها الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة".
وأضاف الدكتور فاولر، الإعلان النهائي لمؤتمر الأطراف COP28 شمل بنوداً واضحة بشأن الزراعة المستدامة والنظم الغذائية القادرة على الصمود والعمل المناخي، في إشارة لعلها الأولى التي تعترف بالتحدي المتمثل في تغير المناخ وإنتاج الغذاء.
كما حذر من أن الزراعة تواجه تحديات غير مسبوقة دوليا، والعالم يحتاج إلى إنتاج مزيد من الغذاء بنسبة تقترب من 70% قبل 2050.
وإلى نص الحوار:
دكتور فاولر، لقد عدت للتو، بعد مشاركة ناجحة في فعاليات COP28، كيف ترى النتائج الرئيسية لهذا المؤتمر، لا سيما فيما يتعلق بالأمن الغذائي العالمي؟
دعني أكن صريحاً معك، كما هي الحال في كل مؤتمرات الأمم المتحدة تقريباً، فإن القرارات النهائية تتخذ غالباً بالإجماع، والإجماع في هذا السياق يعني شيئًا يمكن لكل دولة أن تتعايش معه، كان مؤتمر الأطراف الثامن والعشرون هو المرة الأولى التي يتم فيها تسليط الضوء على الأغذية والزراعة، وبالتالي فإن مؤتمر الأمم المتحدة بدولة الإمارات يعد تاريخيًا من منظور الأمن الغذائي.
على سبيل المثال، جاءت مشاركة خبراء الزراعة والأمن الغذائي بشكل وثيق في مناقشات المؤتمر لتغير إلى الأبد الطريقة التي يتم بها فهم التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه والتعامل معه.
وإذا نظرت إلى الإعلان النهائي بشأن الزراعة المستدامة والنظم الغذائية القادرة على الصمود والعمل المناخي، فستجد أنه يعترف بالتحدي المتمثل في تغير المناخ وإنتاج الغذاء، ويشير إلى أهمية الإنتاج الزراعي.
وشخصيا، أنا سعيد للغاية لأن البيان الختامي، تحدث كذلك عن أهمية البحث والتطوير الزراعي، بما في ذلك استخدام الابتكارات القائمة على العلم، لصحة التربة وخصوبتها.
بصراحة شديدة، إن أي مؤتمر للمناخ ليس مجرد وجهة نهائية، بل هو عملية مستمرة على طول الطريق، ولذلك أعتقد أن المؤتمر شكل خطوة أساسية في الجهود العالمية لمواجهة تغير المناخ، واعترف بعناصر التخفيف والتكيف الخاصة بالأمن الغذائي - للمرة الأولى بطريقة جادة في مؤتمر مناخي دولي.
يعد التعاون بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة أمراً حيوياً لمواجهة انعدام الأمن الغذائي ليس في البلدين فحسب، وإنما في العالم أجمع.. هل يمكنك توضيح طبيعة هذا التعاون بين أبوظبي وواشنطن، وأهم المشاريع أو المبادرات الجاري تنفيذها بين البلدين؟
في البداية مهمة الابتكار الزراعي من أجل المناخ (AIM for Climate) التي ترعاها الولايات المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة، تعد عنصرًا مهمًا في استجابتنا الجماعية للتحديات التي يفرضها تغير المناخ على الأمن الغذائي، ويسعى إلى تحديد الابتكارات المتغيرة لقواعد اللعبة، ونشرها، ومن ثم توفير التمويل الجماعي لتنفيذها.
وبالفعل دعني أكشف لك، أنه تم تحقيق نجاح ملحوظ حتى الآن في حشد الدعم المالي للمشاريع المبتكرة.
إن تحقيق الأمن الغذائي في عالم متغير المناخ مع تزايد عدد السكان سوف يتطلب الابتكار لتحقيق الدفعة المطلوبة لإنتاج الغذاء. كما تم الاعتراف برؤية المحاصيل والتربة التكيفية (VACS)، وهي مبادرة يشترك في رعايتها الاتحاد الأفريقي ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة وحكومة الولايات المتحدة وانضمت إليها حكومات أخرى والمجتمع المدني والقطاع الخاص، باعتبارها رؤية تهدف إلى سباق الابتكار المناخي. والولايات المتحدة سعيدة لأن رؤية المحاصيل والتربة المُكيَّفة ترتبط رسميًا بهدف المناخ بهذه الطريقة.
دكتور فاولر، نسمع بين الحين والآخر مصطلح (الزراعة الذكية) لمواجهة انعدام الأمن الغذائي، هل يمكن أن توضح لنا طبيعة الزراعة الذكية؟
بشكل عام الجميع يريد رؤية محاصيل قوية تستطيع التكيف مع التغيرات المناخية وكذلك التربة، وفي نفس الوقت لها القدرة على التخفيف من الآثار السلبية للتغيرات المناخية.
ومن ناحية التربة، نعلم أن التربة الصحية الجيدة والخصبة ضرورية إذا كنت تريد أن تتمتع بالقدرة على تحمل الجفاف والقدرة على الصمود في مواجهة الصدمات المناخية التي نشهدها بالفعل، وهذا هو التكيف. ومن الضروري أيضًا أن يكون لديك أنظمة زراعية يمكنها استخدام الأسمدة بكفاءة.
وبعد ذلك يأتي دور الاستخدام الفعال للمدخلات في الزراعة لتقليل الانبعاثات، وهذا هو التخفيف، فعلي سبيل المثال نريد للمزارعين أن يستخدموا الأسمدة لزيادة الإنتاج، ولكننا لا نريدهم أن يستخدموها بطريقة غير حكيمة، وهو ما يحدث في أجزاء كثيرة من العالم.
ومن ناحية التربة، يعد التكيف والتخفيف جزءًا لا يتجزأ مما نحاول المساعدة في تحقيقه.
ومن ناحية المحاصيل، تركز مبادرتنا في المقام الأول على التكيف - تعزيز أصناف المحاصيل المغذية المتكيفة مع التأثيرات المتوقعة لتغير المناخ وتوسيع نطاقها من أجل الإنتاج.
في رأيك.. ما مدى أهمية التعاون الدولي في مواجهة تحديات الأمن الغذائي العالمي، وما هي الأساليب المبتكرة التي يتم اعتمادها لتعزيز الأمن الغذائي في المناطق الأكثر تأثراً بتغير المناخ وعدم الاستقرار السياسي؟
كما ذكرت سابقا، لدينا نموذج فريد في التعاون الدولي لمواجهة انعدام الأمن الغذائي في العالم، حيث تعد مبادرة المحاصيل والتربة التكيفية (VACS)، والتي يشترك في رعايتها الاتحاد الأفريقي ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) والولايات المتحدة، بالإضافة إلى داعمين آخرين بما في ذلك الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) كشركاء رئيسيين.
ومنذ إطلاق المشروع في فبراير/شباط، قدمت الولايات المتحدة و/أو تعهدت بمبلغ 150 مليون دولار من التمويل، وانضمت إليها اليابان وهولندا والنرويج والمملكة المتحدة وشركة ADM، وجميعهم يقدمون تمويلًا إضافيًا.
لقد أنشأنا برنامج أبطال VACS حيث يمكن للمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص التعهد بزيادة عملهم بطرق معينة لتعزيز مبادرة (VACS)، وبالفعل انضمت العديد من المنظمات الدولية للمبادرة مثل منظمات Bayer، وخدمات الإغاثة الكاثوليكية، وConcern Worldwide، وOne Acre Fund، وGrow More، وIBM هم أبطال. VACS. .
كما لدينا شراكة رائعة مع One CGIAR، وهو اتحاد يضم مراكز البحوث الزراعية الدولية الرائدة في العالم.
وأجرينا محادثات مثمرة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن برنامجها "الذرة من أجل الغذاء"، والذي يوفر سمات مهمة في التكيف مع المناخ لمربي النباتات. إن "رؤية المحاصيل والتربة المعدلة" هي مبادرة من الواضح أن العديد من الحكومات والمؤسسات تجدها جذابة وتأتي في الوقت المناسب.
ولا أخفيك القول، إننا نود أن نرى المزيد من الدعم المالي للمنصة المتعددة المانحين لرؤية المحاصيل والتربة التكيفية الموجودة في الصندوق الدولي للتنمية الزراعية وللجهود المتحالفة في منظمة الأغذية والزراعة والجماعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية. ونحن نشجع البلدان والقطاع الخاص والجهات المانحة الأخرى على المساهمة.
وفي تقديرك، ما هي أكبر التحديات لتحقيق الأمن الغذائي العالمي؟
بصراحة التحديات كثيرة ومتعددة، وبالنظر إلى المستقبل، فإن أحد أكبر المخاطر التي نواجهها بصراحة، ينطوي على وضع افتراضات حول مدى سهولة تكيف محاصيلنا مع درجات الحرارة المرتفعة والطقس الأكثر تطرفا، وهذا ليس صحيحا للأسف.
حيث تواجه الزراعة مجموعة غير مسبوقة تاريخياً من التحديات، بما في ذلك تغير المناخ والصراعات والتهديد الأخير وربما المتكرر للأوبئة العالمية، وفي حين يحتاج العالم إلى إنتاج المزيد من الغذاء بنسبة 50 إلى 70% بحلول عام 2050، وبينما تحتاج المناطق التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي إلى تحقيق مكاسب أعلى في الإنتاجية، فمن المتوقع أن تنخفض غلات بعض المحاصيل الأساسية في أفريقيا.
وعلى سبيل المثال، المعونة الغذائية ليست الحل الطويل الأجل أو المستدام. وبالتالي فإن التكثيف المستدام للإنتاج الزراعي هو تركيزنا على أساسيات صحة التربة وخصوبتها وتكيف المحاصيل. قد لا تكون هذه وصفة كاملة للنجاح، ولكنها شرط أساسي.
ومن خلال VACS، نركز في المقام الأول على المحاصيل التقليدية والمحلية في أفريقيا، ونبحث عن طرق لتحسين إنتاجها وتوافرها، وذلك ببساطة لأنها تتمتع بإمكانات كبيرة لتحسين التغذية والأمن الغذائي.
نريد أن نطلق العنان لهذه الإمكانات حيث يكون الأمن الغذائي أكثر وضوحا. ومن خلال العمل مع خبراء في التغذية وتربية النباتات والاقتصاد الزراعي ومصممي النماذج المناخية، حددنا نحو 60 محصولًا يتمتع بإمكانات عالية لتوفير دفعة كبيرة للتغذية مع الأخذ في الاعتبار جميع مناطق أفريقيا -شمال وجنوب وشرق وغرب ووسط أفريقيا- وضرورة توفير التغذية الجيدة 12 شهرا في السنة.
هناك اهتمام تاريخي بالعديد من هذه المحاصيل. بعضها مألوف للكثيرين، مثل الذرة الرفيعة والكسافا والبامية، والكثير منها أقل شهرة مثل البازلاء، بازلاء الحمام، نبات العنكبوت، التيف، كوكويام، المورينغا، الباوباب.
دعني أؤكد لك، أن تحسين إنتاج هذه الحبوب والجذور والدرنات والبقوليات والخضروات والفواكه والبذور والجوز ومحاصيل الأشجار، سيؤدي بشكل مباشر إلى تحسين التغذية، والحد من التقزم لدى الأطفال، وزيادة قدرة النظم الغذائية على الصمود.
إن مفتاح النجاح يكمن في الشراكات والتعاون والابتكار، نحن نعيش في عالم مترابط. ولا يوجد بلد بمعزل عن مشاكل بلد آخر. ولا يستطيع أي بلد بمفرده أن يحل التحديات التي يواجهها الأمن الغذائي، وسيتعين علينا أن نعمل معا لتعزيز الابتكار والممارسات الجيدة والسياسات التمكينية، إذا أردنا أن نحرز تقدما كبيرا.
ونحن نعلم أنه إذا لم تساعد أنظمتنا الزراعية في التخفيف من تغير المناخ، فسوف نفشل جميعا. ومن ناحية أخرى، إذا لم تتكيف الزراعة مع تغير المناخ، فسوف نفشل أيضًا. نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على القيام بالأمرين معا. ومن خلال المبادرات الدولية المختلفة سوف نتمكن معا من مواجهة التحدي.