شبح "السترات الصفراء" يرعب فرنسا.. هل تعيده أزمة الطاقة للشوارع؟
تكافح فرنسا للابتعاد عن شتاء سخط الشوارع بعد الفوضى الناجمة عن انفجار أزمة شح الوقود وقبلها أزمة الغاز الطبيعي.
في مناشدة غريبة وغير مسبوقة، طالبت رئيس الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن مجلس الشيوخ الفرنسي، نهاية الأسبوع الماضي، بأنه يجب على جميع الشركات القادرة على زيادة الرواتب أن تفعل ذلك.
هذه المناشدة النادرة من مسؤول حكومي يطالب فيها بزيادة الأجور، تأتي في وقت بدأت تظهر فيه نواة احتجاجات شعبية في فرنسا، على خلفية أزمة الطاقة التي تواجهها من ثلاثة أسابيع.
- وسط أزمة الطاقة.. فرنسا تضخ الغاز مباشرة في شرايين الاقتصاد الألماني
- أزمة عاصفة.. الإضرابات تضرب ثلث محطات الوقود بفرنسا
الأزمة التي تواجهها فرنسا، تتمثل في دخول عمال مصافي إكسون موبيل وتوتال إنرجيز في إضرابات مفتوحة عن العمل، منذ أكثر من 3 أسابيع، الأمر الذي قاد إلى وقوع أزمة شح وقود داخل البلاد.
يأتي ذلك، بينما تعيش البلاد أزمة شح في إمدادات الغاز الطبيعي اللازم لاستيراد الغاز الطبيعي اللازم لتوليد الكهرباء، وهما أزمتان نتجتا عن الحرب الروسية الأوكرانية.
أمام هاتين الأزمتين، تكافح فرنسا للابتعاد عن شتاء سخط الشوارع بعد الفوضى الناجمة عن انفجار أزمة شح الوقود وقبلها أزمة الغاز الطبيعي، وهما أزمتان لم تحلا حتى اليوم، وسط قرب دخول الشتاء.
وتحولت الإضرابات التي قام بها موظفو مصفاة النفط للمطالبة بأجور أكبر، بقيادة نقابة CGT اليسارية المتشددة، إلى إلقاء نظرة مهمة على السلطات الفرنسية لأنها تصارع تداعيات كارثة القوة في أوروبا الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية.
أدت الإضرابات في بعض مواقع TotalEnergies و ExxonMobil إلى ترك ثلث محطات الوقود تبلغ عن نقص حاد في الإمدادات، مما أجبر فرنسا على شراء واردات الديزل باهظة الثمن.
تخشى الحكومة الفرنسية من تكرار حراك أصحاب السترات الصفراء خلال الفترة بين 2018 - 2020، والتي عكرت صفو الولاية الأولى للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وسط ظهور احتجاجات في بعض المدن، قد تتسع لتطال المدن الكبرى.
في مقابلة له مع صحيفة فايننشال تايمز، قال دومينيك أندولفاتو، أستاذ العلوم السياسية في كلية بورغوندي: "مع كون النقابات اليسارية المتشددة هي التكلفة الرئيسية.. من الصعب دائما معرفة ما إذا كان شيء من هذا القبيل سيؤدي إلى حركة اجتماعية أوسع".
وكما في لبنان، ظهرت طوابير طويلة للمركبات في العاصمة الفرنسية باريس عديد مدن الشمال الكبرى، للتزود بالوقود الشحيح، وسط مناوشات بين الأفراد والذي يضطرون للانتظار ساعات للحصول على 20 لترا كحد أقصى.
وأشار اتحاد النقابات العمالية والنقابات المختلفة إلى إضراب أساسي في أحد الأيام في الأسبوع الجاري، فيما حشد مشغلو النقل لتنفيذ الإضراب بالتعاون مع النقابات.
وبنفس القدر من الفاعلية في فرض حدود قصوى على مدفوعات الطاقة الكهربائية والبنزين للأسر، حاولت السلطات الفرنسية حماية ميزانيات الأسرة المضغوطة من خلال الاهتمام بمساعدة الشركات لنزع فتيل رد الفعل العكسي، إلا أن الأسعار في البلاد تسجل مستويات قياسية.
وحاولت فرنسا الأسبوع الماضي اللجوء لسلطاتها الخاصة بالطوارئ وأمرت الموظفين والعمال للعودة إلى أعمالهم في المصافي والمستودعات، مهددة الرافضين بالغرامة والسجن، إلا أن لم تفلح في ذلك.
أمام هذه الخطوة الحكومية، نقلت فايننشال تايمز عن بنيامين تانجس، أحد الإداريين في مستودع توتال: "يبدو أننا نعود إلى زمن السادة والعبيد.. حيث يتعين عليك العمل.. وليس لديك خيار آخر".
وفي إشارة أخرى لانتشار التوتر، أوقفت أعمال الصيانة في ثمانية مفاعلات فرنسية للطاقة النووية يوم الأربعاء الماضي بسبب الإضرابات.. سيؤدي ذلك إلى حدوث تأخيرات إضافية لمرافق توليد الكهرباء التي تسيطر عليها الدولة.
aXA6IDEzLjU5LjIwNS4xODIg جزيرة ام اند امز