فرنسا في دوامة العجز المالي.. خبير يكشف المستقبل الاقتصادي للقلب الأوروبي

أكد أوليفييه باستا، مدير الدراسات الاقتصادية في مركز Xerfi والخبير في الشؤون المالية الأوروبية، أن فرنسا تمر بمرحلة مالية حساسة، نتيجة عجز عام بلغ 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، وهو ما يضعها في المرتبة الثالثة ضمن أكثر الدول الأوروبية عجزًا.
واعتبر باستا أن هذا التدهور "لم يعد مجرد ظرف طارئ، بل يعكس خللًا هيكليًا في السياسة المالية العامة"، في وقت تسعى فيه أغلب دول الاتحاد الأوروبي إلى إعادة التوازن إلى ميزانياتها بعد الأزمات المتلاحقة.
وأضاف في حوار مع "العين الإخبارية" أن أسباب العجز الفرنسي تتعدى تأثير الأزمات، مشيرًا إلى أن "ضعف النمو الاقتصادي، وارتفاع كلفة الدين، وثبات مستوى الإنفاق العمومي رغم انتهاء الأزمات، كلها عوامل تعمّق هذا العجز".
وأكد أن فرنسا لم تنجح بعد في الخروج من منطق الإنفاق الاستثنائي الذي فُرض خلال أزمة كوفيد وأزمة الطاقة، بل استمرت في نهج توسعي دون تحقيق مردود اقتصادي ملموس.
وفي ضوء الأرقام الجديدة الصادرة عن يوروستات، والتي كشفت عن تفاوت كبير في مستويات العجز العام بين دول الاتحاد الأوروبي، كان لا بد من تسليط الضوء على الوضع الاقتصادي الراهن، لا سيما في فرنسا، التي تُعد من بين الدول الثلاث الأكثر تضررًا.
بحسب أرقام 2024، سجلت فرنسا عجزًا عامًا بلغ 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي، كيف تفسر هذا التدهور مقارنة بدول كبرى مثل ألمانيا أو حتى إيطاليا التي تحسن وضعها؟
العجز الفرنسي ليس مجرد انعكاس لإنفاق مؤقت أو استجابة لأزمة، بل أصبح عجزًا هيكليًا، بمعنى أن النفقات العامة تتجاوز الموارد بشكل دائم ومستمر، بغض النظر عن الظرف الاقتصادي. ما يثير القلق هو أننا نرى عجزًا متناميًا منذ عامين، في وقت بدأت فيه أغلب الدول الأوروبية في تقليص إنفاقها بعد أزمة كوفيد وأزمة الطاقة.
ما هي أسباب هذا العجز المرتفع مقارنة بجيران فرنسا الأوروبيين؟
في المقابل، نجد دولًا مثل الدنمارك وإيرلندا سجلت فائضًا عامًا. ما الذي يميز هذه الدول مقارنة بفرنسا؟
هل تعتقد أن فرنسا ستضطر إلى اتباع سياسة تقشف قريبًا؟
لن أستخدم مصطلح تقشف لأنه يُثير حساسية سياسية، لكن نعم، فرنسا ستُجبر على تنفيذ إصلاحات جذرية في المالية العامة، خصوصًا بعد عودة قواعد الانضباط الأوروبي (مثل الحد الأقصى للعجز عند 3%). وإلا، فستواجه فرنسا خطر خفض تصنيفها الائتماني، وارتفاع كلفة الاقتراض. كما أن الوضع الفرنسي ليس كارثيًا بعد، لكنه خطير. المقارنة مع دول أوروبية أخرى تُظهر أن العجز المرتفع ليس حتميًا. كل ما يتطلبه الأمر هو إرادة سياسية قوية وإعادة توجيه للإنفاق نحو ما يُعزز النمو ويخفف العبء على الدولة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjA4IA== جزيرة ام اند امز