خطوة جريئة.. فرنسا تدرس إلغاء عطلتين رسميتين لإنقاذ ميزانيتها المثقلة

حذّر رئيس الوزراء الفرنسي من أن البلاد ستواجه أزمة مالية بحجم أزمة اليونان، إذا لم تتخذ إجراءات حاسمة لكبح جماح ديونها وعجزها المتفاقمين.
واقترح سلسلة من الإجراءات تشمل تغييرات جذرية لإصلاح ميزانية الدولة، بما في ذلك إلغاء عطلتين وطنيتين، بحسب ما أفادت نيويورك تايمز.
وفي خطاب مؤثر أمام المشرعين وأعضاء حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون، قال رئيس الوزراء فرنسوا بايرو إن ديون فرنسا قد ارتفعت إلى مستويات أعلى من ديون معظم دول أوروبا الأخرى، حيث وصلت إلى 114% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويتطلب خفضها في السنوات القادمة تجميد الإنفاق غير العسكري وتشجيع الفرنسيين على "بذل المزيد من الجهد".
وقال بايرو: "إنها المحطة الأخيرة قبل الهاوية، قبل أن نغرق تحت وطأة الديون".
وأضاف أن تهديد الرئيس ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على سلع الاتحاد الأوروبي يشكل خطرًا إضافيًا على الاقتصادين الفرنسي والأوروبي.
وستشمل تخفيضات الإنفاق التي اقترحها بايرو عدم استبدال واحد من كل ثلاثة موظفين حكوميين عند تقاعدهم، وإلغاء الوكالات الحكومية "غير المنتجة".
كما سيُخفّض دعم فرنسا للأدوية الموصوفة، قائلاً إن الفرنسيين "يستهلكون ضعف كمية المضادات الحيوية التي يستهلكها الألمان".
وكان الإجراء الذي يُرجّح أن يُثير حفيظة الفرنسيين أكثر من غيره، هو اقتراح إلغاء عطلتين وطنيتين، هما عيد الفصح و8 مايو/أيار، الذي يُخلّد ذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية في أوروبا، والذي غالبًا ما يستخدمه الفرنسيون "كجسر" لقضاء عطلة نهاية أسبوع لمدة أربعة أيام في منتصف الربيع.
وقال، "الهدف هو عودة البلاد بأكملها إلى العمل في يوم لم تعمل فيه منذ فترة طويلة"، مضيفًا أن تخفيضات العطلات ستُدرّ "مليارات اليورو" على الخزينة الفرنسية بفضل زيادة الإنتاج.
يُذكر أن فرنسا لديها 11 عطلة وطنية رسمية، وهي نفس عدد العطلات الرسمية للولايات المتحدة.
سياسة شد الحزام
ومن المرجح أن تُجدّد مقترحات التقشف، وهي جزء من مخطط ميزانية عام ٢٠٢٦ التي سينظر فيها البرلمان في وقت لاحق من العام، الغضب الشعبي بشأن المالية العامة في فرنسا.
وفي عام ٢٠٠٣، عندما عانت فرنسا من موجة حرّ قاتلة ومدمرة اقتصاديًا، حاولت الحكومة إلغاء عطلة لجمع تبرعات دعم للاقتصاد، لكن الاحتجاجات الشعبية صدتها.
وفي السنوات الأخيرة، هزّت مظاهرات صاخبة فرنسا احتجاجًا على رفع سن التقاعد - وهي خطوة اتخذها ماكرون للحد من الإنفاق الحكومي الذي يُمثّل ٥٧٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وهو من بين أعلى المعدلات في أوروبا.
ومن بين مقترحات بايرو وضع حد أقصى لمدفوعات المعاشات التقاعدية، وهي قضية من المرجح أن تُشعل فتيل الأزمة من جديد.
وبحسب نيويورك تايمز، يعد مستقبل بايرو السياسي على المحكّ بالفعل، بصفته رئيسًا لحكومة أقلية ذات برلمان منقسم إلى ثلاثة معسكرات متعارضة، وهناك احتمال كبير أن يُغادر منصبه قبل إتمام مهمة إصلاح المالية العامة في فرنسا.
وأُطيح برئيس الوزراء السابق، ميشيل بارنييه، في ديسمبر/كانون الأول بتصويت حجب الثقة بعد محاولته كبح جماح الميزانية.
وواجهت خطته الشاملة انتقادات فورية من اليمين واليسار، حيث هددت مارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، وجان لوك ميلينشون، زعيم حزب فرنسا المتمردة اليساري المتطرف، بايرو باقتراح حجب الثقة إذا لم يُراجع مقترحاته.
وقال مجتبى رحمن، المدير الإداري لأوروبا في مجموعة أوراسيا، إن بايرو "أفرط في التفاؤل، وهو يعلم تمام العلم أن هذه الإجراءات لا أمل لها في النجاح".
الهروب من شبح اليونان
أصبحت فرنسا، وهي اقتصاد أساسي في أوروبا، حلقة ضعيفة، حيث أثار تدهور وضعها المالي قلق المستثمرين ووكالات التصنيف الائتماني.
ويُعد العجز، الذي يبلغ 5.8% من الناتج الاقتصادي، الأكبر في منطقة اليورو.
ومن المتوقع أن تدفع فرنسا هذا العام 55 مليار يورو (حوالي 64 مليار دولار) لتغطية فوائد ديونها، وهو مبلغ يفوق الميزانية العسكرية للبلاد.
وإذا لم يُتخذ أي إجراء، ستصبح فوائد الديون أكبر نفقات الحكومة بحلول عام 2029، لترتفع إلى 100 مليار يورو سنويًا، وفقًا لـ"بايرو".
الذي قال "يجب ألا ننسى أبدًا ما حدث لليونان"، مستحضرًا أزمة الديون القاسية التي عصفت بالبلاد في وقت سابق من هذا القرن.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTkg جزيرة ام اند امز