كيف يتم اختيار رئيس الوزراء في فرنسا؟
بعد أن ترك التشويق معلقا خلال نهار الأحد، اختار إيمانويل ماكرون عدم التحدث وانتظر حتى ينقشع غبار الانتخابات.
انتخابات تشريعية أفرزت جمعية وطنية مشرذمة بين ثلاث كتل، تحالف يساري ومعسكر الرئيس ماكرون، وأقصى اليمين.
وتحدّت "الجبهة الشعبية الجديدة" (تحالف يساري) التوقعات وأصبحت القوة الأولى في الجمعية الوطنية مع 177 إلى 198 نائبا متقدمة على المعسكر الماكروني (بين 152 و158). وإن كانت تبقى بعيدة عن الغالبية المطلقة المحددة بـ289 نائبا، إلا أنها قد تثبت سريعا أنها قوة لا يمكن الالتفاف عليها.
نتيجة من المفترض أن تدفع ماكرون الذي أكد قبيل إعادة انتخابه في 2022 أن فرنسا لا تتمتع "بنظام برلماني"، إلى التعامل مع خصوم لا يمكنه من دونهم الحصول على غالبية ولو نسبية.
لكن الرئيس الفرنسي فاجأ التوقعات وكذلك العُرف السياسي السائد في البلاد، بأن يقوم باختيار رئيس للوزراء من الحزب الأكثر قوة، وقام بدلا من ذلك بإعادة تكليف غابرييل أتال.
وقال قصر الإليزيه إن ماكرون طلب من أتال الاستمرار في منصبه "في الوقت الراهن لضمان استقرار البلاد".
قرارٌ رئاسي أثار تساؤلا حول كيفية اختيار رئيس الوزراء في فرنسا.
ماذا يقول الدستور؟
لا يوجد في الدستور ما يلزم رئيس الجمهورية باختيار رئيس وزرائه من بين الأغلبية.
لكن جرى العرف السياسي باختيار رئيس الحكومة من صفوف أكبر قوة أو ائتلاف سياسي في البرلمان، حتى لو كان غير منتمي لحزب الرئيس، وتسمى تلك الوضعية حالة "التعايش".
وبموجب الدستور، فإن رئيس البلاد هو وحده من يعين وينهي مهام رئيس الوزراء بمجرد تقديم استقالته.
وبإمكان ماكرون أن يتجاهل صندوق الاقتراع ويعين من يشاء. لكن البرلمان لديه سلطة إقالة رئيس الوزراء وحكومته.
وفي التشكيل الحالي، أي المجلس الثلاثي، لا تستطيع أي كتلة بمفردها إسقاط الحكومة.
وبحسب المادة 49 من الدستور، يمكن للنواب "التشكيك في مسؤولية الحكومة من خلال التصويت على مذكرة حجب الثقة"، وتعتبر المذكرة مقبولة إذا وقعها ما لا يقل عن عُشر أعضاء المجلس.
هل تتجاوز حكومة الأقلية عتبة الثقة؟
ويوضح بنجامين موريل، المحاضر في القانون العام بجامعة باريس بانتيون أساس، أن "حقيقة استقالة الحكومة بعد الانتخابات التشريعية هي عرف".
وقال موريل لصحيفة "لوموند" الفرنسية : "لذلك لا ينبغي للسيد أتال بالضرورة أن يحزم حقائبه على الفور، لأنه قال قبل أيام قليلة من الألعاب الأولمبية إنه مستعد للبقاء في ماتينيون "طالما أن الواجب يتطلب ذلك" - وهذا يعني حتى يتم العثور على خليفة له.
وتشير "لوموند" إلى أن حكومة الأقلية في الجمعية الوطنية معرضة لخطر تقديم اقتراح بسحب الثقة، والذي يمكن تقديمه إلى الجلسة الأولى للجمعية الوطنية المقبلة ، المقرر عقدها في 18 يوليو/تموز، بموجب المادة 12 من الدستور.
ومن المرجح أن يتم التصويت على حجب الثقة، لأن المعسكر الرئاسي يضم 168 مقعدا فقط من أصل 577، ما سيؤدي إلى السقوط الفوري لحكومة أتال.
وبحسب ما طالعته "العين الإخبارية" في "publicsenat " القناة التلفزيونية التابعة لمجلس الشيوخ الفرنسي، فإنه في حالة إعادة تكليف أتال رئيسا للحكومة فأن الأمر يُفَسَر على أنه قرار يأتي "من أجل منع حدوث فراغ مؤسسي، إلى أن يستقر الوضع في الجمعية الوطنية ويظهر ائتلاف حكومي محتمل".
النتيجة الرابعة المحتملة، هي فوز حزب آخر، ليس حزب الرئيس، بالأغلبية المطلقة.
فإذا حصل حزب آخر على الأغلبية المطلقة - إما حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف أو ائتلاف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري، فسيتعين على الرئيس اختيار رئيس وزراء من الائتلاف الفائز.
وبعد ذلك يقوم رئيس الوزراء باختيار وزرائه، وفي السياسة الفرنسية، يُعرف هذا باسم "التعايش".
سابقة تاريخية
وطوال الجمهورية الخامسة، شهدت فرنسا ثلاث حالات تعايش بعد فوز حزب المعارضة في الانتخابات البرلمانية.
وكانت المرة الأخيرة التي حدث فيها التعايش في عام 1997، عندما قام الرئيس المنتمي ليمين الوسط، جاك شيراك، بحل البرلمان، معتقداً أنه سيفوز بأغلبية أقوى، لكنه خسر بشكل غير متوقع أمام ائتلاف يساري بقيادة الحزب الاشتراكي.
آنذاك، تم تعيين ليونيل جوسبان رئيسًا للوزراء وقاد الحكومة حتى عام 2002.
aXA6IDE4LjExNi44NS4xMDgg
جزيرة ام اند امز