"ضبط النفس" في احتجاجات فرنسا وإيران.. "سهام دبلوماسية"
قد تعيد الأحداث المفصلية بتاريخ الشعوب صياغة المفاهيم تماما كما قد تحولها لسهام دبلوماسية تعكس العلاقات الدولية المتقلبة.
هذا ما ترجمته ردود الفعل الإيرانية والفرنسية على الاحتجاجات في بلدين يواجهان موجة غضب تختلف من حيث الأسباب لكنها تتقاطع عند الخطوط العريضة لحوادث تقلب إحداثيات الأوضاع.
وفي خضم الاحتجاجات التي تشهدها فرنسا تنديدا بإصلاح قانون التقاعد، لم تغفل إيران فرصة تذكير باريس بالاتهامات والانتقادات التي وجهتها إليها خلال موجة الغضب التي أعقبت وفاة شابة قبل أشهر بمركز للاحتجاز.
وبنفس النبرة والكلمات، دعت إيران فرنسا إلى تجنب العنف و"الإصغاء" للمتظاهرين، في رسالة استفزازية ترفع منسوب توتر ناجم عن ملفات مختلفة أبرزها ما تعتبره باريس تشددا من قبل طهران حيال مواطنيها المحتجزين بزنازينها.
دعوة جاءت في توقيت دقيق، وتحديدا غداة يوم جديد من الاحتجاجات على إصلاح نظام التقاعد في فرنسا، تخللته أعمال عنف وتوقيفات شملت المئات من المتظاهرين، وفق ما أعلنه وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان.
والخميس، احتشدت شوارع فرنسا بالغاضبين والمنتقدين لرفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما، وقالت أبرز النقابات (الكونفدرالية العامة للعمل/ سي جي تي) إن 3.5 مليون شخص تظاهروا في أكثر من 300 مدينة.
فيما قدرت الداخلية الفرنسية -من جانبها- عدد المتظاهرين بـ1.8 مليون فقط.
سهام
في تغريدة عبر موقع تويتر، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان: "ندين بشدة قمع التظاهرات السلمية للشعب الفرنسي"، داعيا "الحكومة الفرنسية إلى احترام حقوق الإنسان والامتناع عن اللجوء إلى القوة ضد شعبها الذي يواصل سلميا مطالباته".
بدوره، كتب ناصر كنعاني، الناطق باسم الخارجية الإيرانية، يقول في تغريدة: "ينبغي على الحكومة الفرنسية أن تتكلم إلى شعبها وتصغي إلى صوته".
وتابع: "نحن لا نؤيد التخريب وأعمال الشغب لكننا نقول بدلا من أن تزرعوا الفوضى في دول أخرى يجب أن تصغوا إلى صوت شعبكم وتجنب استخدام العنف تجاهه"، في إشارة لانتقادات فرنسية سابقة لاحتجاجات اندلعت بإيران في سبتمبر/ أيلول الماضي، على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني.
وأضاف كنعاني: "من يزرع الريح يحصد العاصفة. هذا النوع من العنف يتعارض مع تلقين الآخرين دروسا في الأخلاق".
وتعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع احتجاجات بلغت ذروتها مع تمرير الحكومة لقانون إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل دون تمريره على البرلمان، مكتفية بالاستناد إلى بند دستوري.
خلفية
لا تعكس تصريحات إيران المطب الدبلوماسي الأول مع باريس، فلقد سبق أن وصف كنعاني، قبل أسابيع قليلة، موقف فرنسا بـ"هدّام" و"غير البناء" حيال طهران.
وانتقد المسؤول الإيراني حينها ما وصفه بـ"دور فرنسا التدخلي"، معتبرا أنه "يعرقل المحادثات حول الإفراج المحتمل عن فرنسيين معتقلين في هذا البلد".
بدورها، اتهمت فرنسا إيران بخرق معاهدة دولية تحدد العلاقات القنصلية بين الدول، وقالت إن طهران أظهرت علنا أنها تحتجز رعايا أجانب بشكل تعسفي.
وردا على تصريحات كنعاني، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن كلير لوجندر، إنها "مقلقة للغاية"، واعتبرت أنها تعكس "الطابع التعسفي" لاحتجاز المواطنين الفرنسيين.
وقالت لوجندر، في تصريحات إعلامية سابقة، إن "هذا اعتراف من السلطات الإيرانية بانتهاك اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية التي تشكل أساس العلاقات الدبلوماسية بين الدول"، داعية للإفراج الفوري عن المواطنين الفرنسيين.
aXA6IDE4LjExNi44Ni4xMzIg جزيرة ام اند امز