"عقارب ضد التيار".. ساعة ماكرون تدور عكس توقعات الفرنسيين
لم يستغرق الأمر أكثر من ثوانٍ قليلة لخلع ساعته الفاخرة من معصمه، لكن اللقطة التي جرت تحت الطاولة لم تمضِ دون الوقوع برادار الفرنسيين.
ثوانٍ ركزت فيها الكاميرات على وجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهو يتحدث عن أصحاب الأجر الأدنى، فيما كانت يده اليمنى تنزع عن معصم اليسرى ساعة كان من الصعب عدم رصدها منذ بداية المقابلة التلفزيونية.
من سوء حظ ماكرون أن تركيز الفرنسيين على ظهوره الأول منذ تمرير إصلاح قانون التقاعد المثير للجدل لم يهمل أي تفصيل وهو يتابع صورته المنعكسة عبر شاشتي قناتي "فرانس 2 " و "تي أف 1 ".
حدث ذلك خلال مقابلة جرت الأربعاء واستمرت 35 دقيقة، في أول "مواجهة" بين ماكرون والفرنسيين عقب تمرير القانون الذي يرفضه قسم واسع من السكان، دون تصويت البرلمان، حيث لجأت الحكومة إلى بند بالدستور يتيح لها اعتماد القانون دون المرور بالمؤسسة التشريعية.
لم تكن مهمة ماكرون يسيرة بالمرة في وقت احتشد فيه ملايين الفرنسيين بالشوارع رفضا للقانون الذي يقضي برفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما، وكان -كعادته- يعول على لغة جسده التي طالما أنقذته من مآزق مشابهة خصوصا خلال احتجاجات "السترات الصفراء" قبل سنوات.
ظهر واثقا يجلس بهدوء بمواجهة محاوريه، فيما كانت الكاميرات ترصده من جميع الزوايا، وحين تركز على تفاصيله، تُحدث مع انعكاس ضوء المكان ضوءا يشع من ساعة كان يضعها على معصمه الأيسر.
كان ماكرون يكافح من أجل إقناع الفرنسيين بالقرار الحكومي، وكانت يداه رأس الحربة في معاضدة أقواله، حيث ركز على تحريكهما بطريقة متناسبة للحصول على لغة جسد مقنعة وقادرة على امتصاص الغضب الذي بلغ ذروته.
في منتصف المقابلة تقريبا، انزلقت يدا ماكرون تحت الطاولة، وكانت الحركة بارزة لدرجة أن الكاميرا حولت التركيز إلى ملامح وجهه وجزئه العلوي، وبسرعة فائقة، نزع الرئيس الفرنسي الساعة من معصمه، ثم أخرج يديه بسلاسة ووضعهما فوق الطاولة ليواصل حديثه.
لكن الأعين التي تترصده في كل شبر من الجمهورية الخامسة لم تغفل غياب المعدن المتلألئ من معصمه، وهو ما التقطه المنتقدون والغاضبون والمعارضون، لتعج مواقع التواصل بمقتطفات من المقابلة، وتختطف الحادثة الأضواء من جدل إصلاح قانون التقاعد.
وفي رد فوري، كتب كليمنس غيتي، النائب عن حزب فرنسا الأبية (يسار راديكالي) يقول عبر تويتر: "عندما تحدث (ماكرون) عن أصحاب الأجر الأدنى الذين لم يكتسبوا قط الكثير من القوة الشرائية، أزال ساعته الفاخرة الجميلة تحت الطاولة".
إشكال "فني"
جدل ساعة ماكرون دفع قصر الإليزيه للتعليق، مفندا جميع الانتقادات، وموضحا أن الرئيس خلع ساعته عقب ارتطامها بالطاولة، مما تسبب في ضوضاء عالية إلى حد ما.
وأكد الإليزيه في رد لوسائل إعلام محلية، أن "الرئيس لم يخلع ساعته من أجل إخفائها، ولكن لأنه ضربها بوحشية على الطاولة.. ومن الواضح أن الضجيج مسموع قبل ثوانٍ فقط من بدء الفيديو المنشور عبر الشبكات الاجتماعية".
وبالفعل، يرتدي ماكرون ساعة من طراز "Bell & Ross BRV192" مع شعار الرئاسة الفرنسية، وتباع بحوالي ألفين يورو، أي خلافا لمزاعم يجرى تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأن ثمن الساعة يقدر بـ80 ألف يورو.
وبإعادة المقابلة المتاحة عبر الإنترنت، يمكن بالفعل سماع صدام بين الساعة والطاولة عندما تحدث ماكرون عن التحديات التي تواجه القوة الشرائية للفرنسيين المدفوعة بالحد الأدنى للأجور.