الحائز على «نوبل الاقتصاد».. جوزيف ستيغليتز ينتقد «استسلام أوروبا لترامب»
قال إن فرنسا أمامها فرصة فريدة لتطبيق ضريبة الثروة

انتقد الاقتصادي الأمريكي جوزيف ستيغليتز، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2001، ما قال إنه "استسلام أوروبي" للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ملفات التجارة العالمية والضرائب والعدالة الاقتصادية.
وقال ستيغليتز - المكلّف من رئاسة مجموعة العشرين (G20) بإعداد تقرير حول اللامساواة العالمية - إن فرنسا تمتلك القدرة على تطبيق ضريبة زوكمان على الثروات الكبرى بشكل مستقل، معتبرًا أن خطوة كهذه "ستجعلها نموذجًا يُحتذى عالميًا".
وأوضح ستيغليتز، لصحيفة "لوموند" الفرنسية على هامش مشاركته في ندوة نُظّمت في الجمعية الوطنية الفرنسية بباريس، إلى جانب الاقتصادي الفرنسي غابرييل زوكمان الأربعاء الماضي، أن هذه الضريبة المقترحة على الثروات التي تتجاوز 100 مليون يورو ليست "إجراءً متطرفًا" بل "آلية عادلة ومنطقية"، بحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية.
وأضاف قائلًا: "إنها ضريبة محافظة جدًا وليست راديكالية على الإطلاق. فإذا كان الملياردير لا يحقق عائدًا سنويًا يقارب 10%، فهو بالتأكيد يدير أمواله بشكل سيئ. لذلك، فرض ضريبة بنسبة 2% على الثروة يعادل ضريبة بنحو 20% على الأرباح السنوية، وهو مستوى معمول به في عدة دول حول العالم".
فرنسا تستطيع أن تبدأ وحدها
وردًا على سؤال حول إمكانية فرض هذه الضريبة دون تنسيق دولي، أو احتمال هروب رؤوس الأموال، قال ستيغليتز بوضوح: "لا، لا حاجة لاتفاق عالمي. فرنسا يمكنها تنفيذها بمفردها، وهذا سيجعلها دولة رائدة يُحتذى بها".
وأشار إلى أن الدراسات المقارنة حول الضرائب على الثروة في دول أخرى "تُظهر أن مغادرة أصحاب الثروات البلاد تحدث بالفعل، لكنها تظل محدودة للغاية".
انتقاد لاذع لأوروبا: "لقد استسلمت لترامب"
وأعرب ستيغليتز عن خيبة أمله من موقف أوروبا تجاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائلًا إن القارة العجوز "تخلّت عن دورها القيادي في ملفات العدالة الاقتصادية".
وأضاف موضحًا: "للأسف، أعتقد أن أوروبا استسلمت أمام ترامب، سواء في مجال الاتفاقات التجارية أو في ملف الضرائب على الشركات متعددة الجنسيات".
وذكر ستيغليتز أن الاتفاق الدولي لفرض ضريبة دنيا بنسبة 15% على أرباح الشركات، الذي تم التوصل إليه عام 2021 تحت إشراف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، "تم تفريغه من مضمونه" بعد أن تنازلت دول مجموعة السبع (G7) أمام ضغوط ترامب، مانحة الولايات المتحدة استثناءً من تطبيق الإصلاح.
وقال ستيغليتز منتقدًا: "تلك التنازلات مبنية على وهم، هو أن تقديم بعض الترضيات سيؤدي إلى هدنة من جانب ترامب. لكن لا تنازل سيكون كافيًا له أبدًا. لقد بدأ بالفعل في مهاجمة الضرائب الأوروبية على الاقتصاد الرقمي. على أوروبا أن تسأل نفسها إن كانت أصبحت مجرد فرع للولايات المتحدة، وإن كانت قد تخلت عن سيادتها".
- اختبار مالي صعب في فرنسا.. معركة الامتيازات الضريبية تشتعل
- فرنسا تواجه يوم غضب جديدا.. النقابات تتصدى للحكومة بإضراب شامل
دعوة لاستعادة القيادة الدولية
ودعا ستيغليتز دول أوروبا وبقية أعضاء مجموعة العشرين إلى تشكيل ائتلاف من "المتطوعين" للمضي قدمًا في إصلاحات ضريبية طموحة لمكافحة الفقر واللامساواة، قائلًا: "الأمل هو أن يكون ترامب مجرد مرحلة مؤقتة، وأن تتقدم مجموعة من الدول الطموحة لتقود التغيير بنفسها. الولايات المتحدة قد لا تتغير الآن، لكن بقية العالم ليس مضطرًا لتبني نهجها".
الخبيرة الهندية جاياتي غوش: "لا أفهم هذا الخوف الأوروبي"
ومن جانبها، عبّرت الاقتصادية الهندية جاياتي غوش، المشاركة في إعداد التقرير نفسه، عن انتقاد أشد حدة تجاه الموقف الأوروبي، قائلة: "لا أفهم لماذا يبدو الأوروبيون خائفين إلى هذا الحد".
وأكدت دعمها الكامل لضريبة زوكمان، مضيفة:"كيف يمكن رفضها وهي ببساطة تفرض على الأثرياء أن يدفعوا النسبة نفسها التي يدفعها بقية المواطنين؟".
ومع ذلك، شددت على أن الضرائب ليست سوى "جزء من الحل" لمعالجة التفاوت الاجتماعي، مشيرة إلى ضرورة إلغاء ديون بعض الدول الفقيرة التي تلتهم خدمة ديونها أكثر من نصف ميزانية الدولة.
وقالت: "لا يمكننا الاستمرار في هذا المستوى الفاحش من الديون. يجب إنشاء ما أسميه أندية الديون، حيث تتحد عدة دول لفرض إعادة هيكلة لديونها على الدائنين".
وأضافت بلهجة ساخرة: "في الهند، هناك رجال أعمال مثل أمباني وأداني وتاتا يعيدون التفاوض على ديونهم باستمرار دون أن تتأثر سمعتهم. الأغنياء يفعلون ذلك طوال الوقت، فلماذا لا تفعل الحكومات الشيء نفسه؟".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjEg جزيرة ام اند امز