انطلق في COP28.. «تحالف ضرائب المناخ» يدرس فرض رسوم على 4 قطاعات
أعلن تحالف الضرائب المناخية الدولية عن تشكيل مجموعة عمل لدراسة جدوى فرض الرسوم على الشحن والطيران والوقود الأحفوري، لحشد تمويل المناخ.
كانت مجموعة من الدول، أبرزها فرنسا وإسبانيا وكينيا، قد أطلقت تحالفًا لجمع الضرائب العالمية على الكربون، في مطلع ديسمبر/كانون الأول 2023، على هامش مؤتمر COP28 التاريخي.
وستعمل مجموعة العمل على صياغة مقترحات بشأن جمع ضرائب الكربون الدولية لتوليد المزيد من الإيرادات للعمل المناخي، في غضون عامين من الآن.
ومن المقرر أن تجتمع مجموعة العمل في ربيع هذا العام بمقر مؤسسة المناخ الأوروبية بهولندا، التي تحتضن أمانة التحالف الجديد، للبدء في المناقشات بشأن هذه المقترحات، بهدف تفعيل هذه الضرائب في مؤتمر الأطراف الثلاثين المقرر عقده في البرازيل عام 2025.
- من سيحصل على التمويل من صندوق الخسائر والأضرار؟.. 12 دولة عربية مؤهلة
- 6 قضايا مناخية كبرى وجه COP28 العالم نحوها
قصة التحالف الجديد
تتطلب معالجة أزمة المناخ العالمية مبالغ ضخمة من المال لتحويل أنماط الإنتاج والاستهلاك في جميع أنحاء الكوكب، وهو أمر مكلف بشكل خاص بالنسبة للبلدان النامية، التي غالباً ما تكون الأكثر عُرضة لهذه الظاهرة.
هنا يأتي دور تمويل المناخ، الذي يُعد أمرًا بالغ الأهمية للتصدي لتغير المناخ والإنفاق على الاستثمارات واسعة النطاق اللازمة للانتقال إلى اقتصاد عالمي منخفض الكربون، ومساعدة المجتمعات على بناء المرونة والتكيف مع آثار الطقس المتطرف.
يواجه العالم أزمة متفاقمة وفجوات كبرى فيما يتعلق بتمويل المناخ، ووفقًا لأحدث تقرير تقييمي صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، فإنه يجب زيادة التدفقات المالية الحالية للتخفيف من تغير المناخ بما يتراوح بين ثلاثة وستة أضعاف لتلبية متوسط الاحتياجات السنوية حتى 2030، إذا أردنا تجنب الكوارث المناخية.
لذا تسارع الزخم السياسي منذ القمة المالية العالمية التي استضافتها باريس في يونيو/حزيران الماضي، لتأمين مصادر جديدة ومبتكرة لتوفير التمويل المطلوب لمواجهة تغير المناخ.
خلال القمة، اتفقت 40 دولة على البحث عن سبل جديدة لفرض الضرائب الدولية كأحد المصادر المبتكرة لتوفير التمويل المناخي، مع التركيز في البداية على القطاعات الكبيرة التي تطلق الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي.
في كلمته في ختام الحدث، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أهمية التنسيق العالمي بشأن تدفقات التمويل، وقال: "الأمر لا ينجح عندما تفعل ذلك بمفردك، فالتدفقات المالية تذهب إلى مكان آخر".
وقد وجد ماكرون حليفا مهما يمكن أن يشكل معه نواة رئيسية لتحالف جديد لفرض الضرائب على الكربون، وهو الرئيس الكيني وليام روتو، الذي وضع القضية على جدول أعمال قمة المناخ الأفريقية، التي عقدت في سبتمبر/أيلول الماضي بنيروبي.
طرح البيان الختامي لقمة نيروبي فكرة إنشاء نظام عالمي لفرض الضرائب على الكربون، يشمل فرض رسوم على تجارة الوقود الأحفوري، والنقل البحري، والطيران، مع اقتراحات لتعزيزه بفرض ضريبة على المعاملات المالية العالمية.
بعد محادثات ثنائية سبقت مؤتمر المناخ في دبي COP28، قررت فرنسا وكينيا تأسيس تحالف دولي معني بفرض الضرائب والرسوم الجديدة لجمع المزيد من الأموال للعمل المناخي.
واستقر ممثلو البلدين على أن مؤتمر COP28 هو المكان والتوقيت المناسب لإطلاق التحالف، والضغط من أجل فرض رسوم وضرائب جديدة لصالح المناخ.
خلال الشهرين السابقين لقمة دبي، سرّعت الحكومتان، الفرنسية والكينية، الجهود لتشكيل تحالف واسع، وأجرتا مناقشات متقدمة مع عدد من دول أوروبا وجنوب العالم لإقناعها بالانضمام إلى التحالف خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)..
بالفعل، في 3 ديسمبر/كانون الأول، أعلنت فرنسا وإسبانيا وكينيا وبربادوس وأنتيغوا وبربودا تأسيس تحالف جديد بشأن الضرائب المناخية الدولية.
أعلنت البلدان المشاركة في التحالف تشكيل مجموعة عمل مهمتها تحديد نماذج ضريبية جديدة قبل مؤتمر الأطراف الثلاثين، المقرر عقده في البرازيل، من أجل حشد "موارد مالية جديدة وإضافية وكافية ويمكن التنبؤ بها" لدعم جهود المناخ في البلدان النامية والاقتصادات الناشئة.
كما قررت البلدان تأسيس أمانة للتحالف الجديد، يقع مقرها داخل مؤسسة المناخ الأوروبية، على أن تجتمع مجموعة العمل التابعة لبلدان التحالف داخل هذا المقر لأول مرة في ربيع عام 2024، للبدء في المناقشات.
تضم مؤسسة المناخ الأوروبية، مقرها هولندا، أكثر من 500 منظمة، تعمل على تنسيق الجهود ودعم السياسات الهادفة لتنقية أوروبا من الانبعاثات الضارة، ودعم سياسات العمل المناخي عالميًا.
من المقرر أن تقدم فرق العمل مجموعة من التوصيات والمقترحات الملموسة بشأن ضرائب المناخ والتنمية الدولية في غضون عامين.
قالت كريسولا زاكاروبولو، وزيرة التنمية الفرنسية، إن الهدف هو الاتفاق على مقترحات محددة قبل انعقاد مؤتمر الأطراف الثلاثين COP30، المقرر عقده في البرازيل عام 2025، وتفعيل هذه الضرائب خلاله.
وأضافت أنه يمكن بعد ذلك التفاوض على هذه الأمور في المؤسسات الدولية ذات الصلة، مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أو الأمم المتحدة أو مجموعة العشرين.
أنواع الضرائب المتوقعة
يرى العديد من قادة الدول وخبراء المناخ أن الضرائب هي من بين أكثر مصادر التمويل المبتكرة الواعدة، والتي يمكن أن تساعد في سد الفجوة الكبيرة في توفير التمويل المناخي للبلدان الضعيفة.
وقال مبعوث بربادوس للمناخ، أفيناش بيرسود، خلال مشاركته في مؤتمر COP28، إن الحاجة إلى موارد إضافية على المستوى الدولي أمر بالغ الأهمية.
وأضاف: "صندوق المناخ الأخضر، وصندوق الخسائر والأضرار الجديد، وباقي الصناديق المناخية، جميعها يحتاج إلى موارد حقيقية بمليارات الدولارات، ولا يمكن أن تأتي هذه الأموال من عائدات الضرائب الحالية، لذلك نحن بحاجة إلى إيرادات إضافية".
وفقاً لتقديرات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، فإن مثل هذه الضرائب من الممكن أن تدر إيرادات تقدر بمئات المليارات من الدولارات الأمريكية.
تحدد دراسة أجرتها شبكة العمل المناخي والمفوضية الأوروبية، والتي ستكون حاضرة بقوة على طاولة فريق العمل التابع للتحالف في ربيع 2024، 4 مصادر رئيسية للضرائب والإيرادات المحتملة.
وفق الدراسة، من الممكن أن تجمع الضرائب المفروضة على استخراج الوقود الأحفوري والانبعاثات الناجمة عن قطاع الشحن ما يصل إلى 210 مليار دولار و60 مليار دولار سنويا على التوالي.
تضع الدراسة رسومًا قدرها 5 دولارات لكل طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في قطاع الوقود الأحفوري، و 100 دولار لكل طن من الانبعاثات في قطاع الشحن.
وتشمل المصادر أيضًا ضريبة على السفر الجوي، يمكنها أن تجمع حتى 150 مليار دولار أمريكي سنويًا، وهي متفق عليها بالفعل من قبل الدول الأعضاء في منظمة الطيران المدني الدولي، وسيبدأ تنفيذها في الفترة بين عامي 2025 و2027.
كما تتضمن ضريبة على الثروة، يمكنها أن تجمع تريليون دولار سنويًا، يدفعها أثرياء العالم بواقع 1٪ سنويًا على الثروات التي تزيد عن مليون دولار، وستكون ملزمة داخل الدول الراغبة في فرضها.
حتى الآن، لا يوجد إطار عمل مفصل أو أهداف محددة للتحالف بشأن أنواع وآليات جمع الضرائب، لأن بلدانه تخشى خسارة أي دولة لديها تصور مختلف أو مناهض بشأن جمع الضرائب على الكربون في هذه المرحلة المبكرة.
لكن وفق ما هو معلن حتى الآن، سيقدم فريق العمل التابع للتحالف تحليلاً مفصلاً لكل خيار ضريبي، وسيقيس مدى قبوله لدى الحكومات المختلفة، ما يعني أن التوصل إلى اتفاق بشأن هذه التدابير سيمثل تحديًا سياسيًا واقتصاديًا، وسيستغرق عدة سنوات.
مخاوف الدول النامية
في المقابل، عارضت العديد من البلدان النامية الكبرى فرض أي ضرائب دولية مرتبطة بالمناخ، مبررين ذلك بأنه سيتسبب في تشويه الأسواق، ويعرقل التنمية، ويحول المسؤولية عن خفض الانبعاثات.
قادت البرازيل مقاومة شديدة، داخل المنظمة البحرية الدولية، العام الماضي، ضد فرض ضريبة على الانبعاثات العالمية لقطاع الشحن، اقترحتها مجموعة من الحكومات.
أشارت البلدان المعارضة إلى أن مثل هذه الضريبة من شأنها أن تضرب اقتصادات البلدان النامية بشكل غير متناسب، وخاصة البرازيل، التي يعتمد اقتصادها على شحن أشياء ثقيلة منخفضة القيمة لمسافات طويلة.
قررت الدول الأعضاء في المنظمة البحرية الدولية في نهاية المطاف دراسة تدابير "تقنية" و"اقتصادية" جديدة لمعالجة التأثيرات المناخية للشحن البحري، وتأجيل قرار فرض الضريبة للمستقبل.
يضع التحالف الجديد هذه الاعتراضات في اعتباراته، وفق ما أكده العديد من ممثلي دول المجموعة الجديدة، مؤكدين أن فريق العمل التابع للتحالف سيولي اهتمامًا كبيرًا لهذه الاعتبارات، لجذب البلدان المعترضة لاتفاق واسع النطاق.
قد يشمل ذلك إعادة التفكير في الرسوم والضرائب التي تشكل مصدرًا لقلق العديد من الدول النامية الكبرى.
قالت راشيل أوينز من مؤسسة المناخ الأوروبية، التي تشارك في تشكيل فريق العمل، إن الدول ستدفع المناقشات إلى الأمام "بطريقة عادلة".
أضافت: "هذا يعني عدم إلقاء العبء على البلدان النامية وضمان تخفيف أي آثار سلبية".
يرى فريدريك رويدر من منظمة "غلوبال سيتيزن" أن مثل هذه الضريبة يمكن أن تكون "ثورية" وتجمع مئات المليارات من الدولارات، التي يمكن أن تدعم صندوق الخسائر والأضرار وجهود التكيف وأولويات التنمية الرئيسة للدول الفقيرة الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ.
لكنه استدرك قائلًا إنه في حال لم تحظَ الضريبة العالمية على الكربون بتوافق عالمي، في ظل اعتراض بعض الدول، فإنه سيتعين على دول التحالف الجديد تطبيق الضريبة بنفسها.