على وقع الخلاف.. ماذا حملت صور ماكرون وجونسون في غلاسكو؟
لم يكن لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، في قمة المناخ بغلاسكو، ليمر دون تركيز عدسات الكاميرات، لتبرز ما يخفيه التوتر بين باريس ولندن، رغم الاتفاق على خفض التصعيد.
لغة الجسد التي تخاطب بها الزعيمان بدت "مسموعة"، وأبرزت حالة الخلاف، الذي وصل حدّ بيانات متبادلة شديدة اللهجة، تتعلق بالنزاع حول آلية تقاسم مساحات الصيد البحري، تنضاف للخلاف السابق بشأن صفقة الغواصات، واتفاقية "أوكوس" الثلاثية، وغيرها.
وتُبدي الصور مستوى غضب ماكرون، فيما لم تظهر على جونسون الذي تستضيف بلاده المؤتمر بالمدينة الاسكتلندية، أي تعابير جسدية سلبية أو إيجابية.
ماكرون ظهر في أكثر من صورة مع بوريس جونسون، وهو يقبض على ساعديْه، في علامة -ربما- على عدم موافقته على حديث رئيس الوزراء البريطاني.
فيما ظهر في إحدى الصور مع مٌضيفه، وثالثهما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وهو يشير بأصبعه لجونسون، وكأنه "يشكو" لزعيم المنظمة الدولية ما آلت إليه الأوضاع منذ خروج بريطانيا من سور الاتحاد الأوروبي.
وفي صورة أخرى ظهر ماكرون وهو يدير ظهره لجونسون، عقب التقاط الصور البروتوكولية في منصة المؤتمر، فيما اكتفى رئيس وزراء المملكة المتحدة برفع إبهامه، وكأنه حقق تقدما في سبيل حل الخلاف.
إشارة دالة أخرى ظهر فيها ماكرون وهو يفتح أصبعين من يده في إشارة إلى منطقة أو بقعة صغيرة، فيما يعتقد أن للأمر علاقة بمساحة صيد أو ما شابه.
يأتي ذلك بينما كان لافتا تأخر الرئيس إيمانويل ماكرون يوم أمس الإثنين، عن انطلاق جلسة افتتاح مؤتمر غلاسكو، إذ كان آخر من دخل القاعة، وفق ما رصده موفد "العين الإخبارية" للحدث.
خلاف متجدد
وزادت حدّة الخلاف منذ أن أعلنت فرنسا أول إجراءات مضادة شملت تشديد الضوابط وفرض حظر على السفن البريطانية وعلى إفراغ حمولاتها في الموانئ الفرنسية، ضد جزر القنال والمملكة المتحدة اعتبارًا من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري إذا لم يحصل الصيادون الفرنسيون على رخص صيد في هذه المياه.
وتأجج الخلاف بعد أن أعادت فرنسا سفينة صيد بريطانية يشتبه في أنها اصطادت من مياهها الإقليمية دون ترخيص، وسيخضع قبطانها في أغسطس/آب 2022 لحكم وقد يدفع غرامة قدرها 75 ألف يورو بالإضافة إلى عقوبات إدارية.
حافة القطيعة
لذلك أعلنت لندن، الخميس الماضي، استدعاء سفيرة باريس لديها، بينما قال وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون إن على بلاده أن "تتحدث الآن بلغة القوة" حتى يُسمع صوتها.
وانتقد وزير البيئة البريطاني جورج أوستيس فرنسا، عبر شبكة "بي بي سي"، بسبب تبنيها "لهجة تحريضية"، محذرا من أن السلطات البريطانية يمكنها بدورها تشديد الرقابة على السفن الفرنسية.
وقدّر الوزير البريطاني أن مقاربة الرئاسة الفرنسية يمكن أن تشكّل "عنصرًا" يفسّر ردّ الفعل الفرنسي.
وتتراكم مواضيع الخلاف بين باريس ولندن، في الفترة الأخيرة، بدءا بالهجرة غير الشرعية عبر المانش الرابط بين بريطانيا وأوروبا، واتفاقية "أوكوس" بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا، التي أدت إلى إلغاء طلبية أسترالية للغواصات الفرنسية وانعكاسات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على أيرلندا الشمالية والصيادين.
خفض التصعيد
وعشية لقاء غلاسكو، أعلن بيان صادر عن الإليزيه، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، اتفقا على خفض التصعيد بشأن أزمة الصيد.
كما قال متحدث باسم الحكومة البريطانية، في بيان، إن لندن "تعتزم إطلاق آلية لتسوية الخلافات نص عليها الاتفاق التجاري لما بعد بريكست".
ويشمل ذلك "تنفيذ عمليات تفتيش دقيقة تتناول أنشطة الصيد البحري للاتحاد الأوروبي في المياه الإقليمية للمملكة المتحدة".
وفي إشارة إلى محاولة طي صفحة الخلاف، أعلن الرئيس ماكرون مساء أمس الإثنين أن المحادثات بشأن النزاع حول الصيد البحري بين فرنسا والمملكة المتحدة والمفوضية الأوروبية "ستُستأنف (اليوم) الثلاثاء، واستبعد دخول تدابير انتقامية حيز التنفيذ اعتبارا من منتصف الليل، كما كان مقررا.
لكن ماكرون ظل ملوحا بسيف العقوبات، قائلا في تصريحات أدلى بها للصحفيين على هامش مؤتمر غلاسكو: "لا تفرض عقوبات في أثناء التفاوض".
وشدد ماكرون على "أهمية الساعات المقبلة"، قائلا إن "البريطانيين سيقدمون مقترحات جديدة".
وسارعت المملكة المتحدة للترحيب بموقف الرئيس الفرنسي، وتأجيل تنفيذ عقوباتها في نزاع صيد الأسماك بين البلدين.
وقال المتحدث باسم "داوننيغ ستريت" إن بريطانيا جاهزة لمواصلة مناقشات مكثفة لتسوية النزاع، مضيفا أن لندن ترى أن هناك حاجة إلى مناقشات معمقة لتذليل صعوبات في العلاقة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
aXA6IDMuMTUuMjE0LjE4NSA= جزيرة ام اند امز