فرنسا ترفع راية الرفض.. ماكرون يتصدى لاتفاق «ميركوسور» ويحذر من تهديد الزراعة
تصعيد فرنسي جديد داخل أروقة الاتحاد الأوروبي يعكس مخاوف اقتصادية وزراعية متزايدة، في وقت تتسارع فيه المساعي الأوروبية لإبرام اتفاق تجاري مثير للجدل مع دول أمريكا الجنوبية.
نبّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال جلسة لمجلس الوزراء عقدت الأربعاء، إلى أن باريس «ستعارض بشدة» أي توجه من جانب مؤسسات الاتحاد الأوروبي لفرض اتفاق تجاري مع السوق المشتركة لدول أمريكا الجنوبية (ميركوسور)، وفق ما أعلنته الناطقة باسم الحكومة الفرنسية.
وقالت الناطقة باسم قصر ماتينيون، مود بريجون، إن «فرنسا ستعارض بشدة أي رغبة من السلطات الأوروبية لفرض هذا الاتفاق»، مؤكدة أن الموقف الفرنسي يأتي انطلاقا من اعتبارات اقتصادية وزراعية وسيادية واضحة.

وفي المقابل، تسعى المفوضية الأوروبية، بدعم من ألمانيا، أكبر قوة اقتصادية في القارة، إلى حشد تأييد الدول الأعضاء داخل الاتحاد الأوروبي للمصادقة على الاتفاق قبل نهاية العام الجاري، في إطار مساعٍ لتوسيع الشراكات التجارية العالمية.
وفقا لوكالة "فرانس برس"، تعتزم رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، التوجه إلى البرازيل، يوم السبت المقبل، لتوقيع الاتفاق خلال قمة «ميركوسور» المقررة في مدينة فوز دو إيغواسو، جنوب البلاد، غير أن هذه الخطوة تبقى مشروطة بالحصول على موافقة الدول الأوروبية أولًا.

وفي هذا السياق، تُناقش القضية خلال قمة الاتحاد الأوروبي التي تنطلق ابتداءً من الخميس في بروكسل، حيث لا تزال فرنسا متمسكة بمعارضتها للاتفاق بصيغته الحالية، وتدعو إلى تأجيل التصويت عليه حتى عام 2026 لإتاحة مزيد من النقاشات والتعديلات.
وترى باريس أن الاتفاق، الذي استغرق التفاوض بشأنه نحو 20 عامًا، ويهدف إلى إنشاء أكبر منطقة تجارة حرة في العالم، «لا يفي بمتطلبات حماية المزارعين الفرنسيين»، مؤكدة أن «المطالب الفرنسية لم تُلبَّ حتى الآن».

وأوضحت مود بريجون أن الرئيس ماكرون أبلغ أعضاء الحكومة بعدم حصوله على «توضيحات كافية بشأن الشروط الثلاثة التي طالبت بها فرنسا»، والمتمثلة في توفير حماية قوية للقطاعات الحساسة، وتشديد ضوابط الاستيراد، وفرض معايير أكثر دقة على منتجات دول ميركوسور.
ومن شأن هذه المعاهدة، في حال إقرارها، أن تعزز صادرات الاتحاد الأوروبي من السيارات والآلات والنبيذ والمشروبات الكحولية، في مقابل تسهيل دخول لحوم أمريكا الجنوبية، إضافة إلى السكر والأرز والعسل وفول الصويا، إلى الأسواق الأوروبية، وهو ما يثير مخاوف واسعة لدى القطاعات الزراعية.

وعلى صعيد متصل، رأت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، الأربعاء، أن «من السابق لأوانه» التوقيع على الاتفاق «في الأيام المقبلة»، في إشارة إلى وجود تحفظات داخل معسكر الدول الكبرى في الاتحاد.
واعتبرت الناطقة باسم الحكومة الفرنسية أن الموقف الإيطالي يشكل «دليلًا واضحًا على أن فرنسا ليست وحدها»، وأن دولًا أوروبية بارزة بدأت تتقاطع مع الرؤية التي طرحها الرئيس إيمانويل ماكرون.

ويخشى المزارعون الفرنسيون من أن يؤدي إقرار الاتفاق إلى إغراق السوق المحلية بمنتجات منخفضة التكلفة، ما يضعف القدرة التنافسية للإنتاج الزراعي الوطني ويهدد استدامته على المدى المتوسط والطويل.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTExIA== جزيرة ام اند امز