بعد دوامة الانسحابات.. هل تغيّر فرنسا استراتيجيتها بغرب أفريقيا؟
انسحبت فرنسا من مالي لكنها لا تزال ملتزمة بمساعدة دول غرب أفريقيا على "النجاح في المعركة ضد الإرهاب" من دون ضجيج.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قال في تصريحات أدلى بها نهاية يوليو/تموز الماضي، خلال زيارة إلى غينيا بيساو، إن "فرنسا ستواصل تعزيز نشاطها في المنطقة لخدمة الدول ذات السيادة الشرعية.. لأننا تعتبر أن دورنا هو مساعدة المنطقة على النجاح في هذه المعركة ضد الإرهاب".
وقبل يومين من ذلك، في الكاميرون، عبر ماكرون عن أمله في أن تعمل فرنسا "على نحو أفضل وأكثر فاعلية" في أفريقيا، حيث يبدو بشكل واضح أن القوة الاستعمارية السابقة تسجل تراجعًا سريعًا أمام منافسيها من القوى الكبرى.
ولخص ضابط فرنسي متمركز في غرب أفريقيا الوضع بقوله "لم نعد سوى طرف واحد من بين أطراف أخرى".
والإثنين، غادر الجيش الفرنسي مالي بعد تسع سنوات من مكافحة الإرهاب، مدفوعا بضغط من المجلس العسكري الحاكم في هذا البلد منذ 2020.
لكن الرئاسة الفرنسية أكدت، في بيان باليوم نفسه، أن "فرنسا ما زالت منخرطة في منطقة الساحل" وكذلك "في خليج غينيا و(في) منطقة بحيرة تشاد" في إطار "مكافحة الإرهاب".
"قوات أقل ظهورا"
على الرغم من خفض حجم القوات إلى النصف ليصبح أقل من 2500 جندي مقابل 5500 في ذروة انتشار قوة "برخان"، لا تريد باريس التخلي عن مكافحة إرهابيي تنظيمي القاعدة وداعش الذين تم احتواؤهم لفترة طويلة في منطقة الساحل وباتوا يتمددون باتجاه الجنوب.
لكن تدخلاتها العسكرية ستصبح "أقل ظهورا وأقل انكشافا"، على حد تعبير ماكرون، خصوصا لتجنب إثارة مشاعر العداء ضد الفرنسيين.
والرهان كبير، ففرنسا تريد تجنب تراجع استراتيجي في مواجهة خصومها أو منافسيها في هذه القارة التي يتوقع أن يبلغ عدد سكانها 2,5 مليار نسمة في 2050.
وقال جنرال فرنسي ملخصا الوضع إن "الروس لديهم أولوية عملياتية حقيقية لاعتراض الفرنسيين في مجال المعلومات في أفريقيا. إنهم يمارسون ضغوطًا قوية لمحاولة طردنا (عبر) شبكات التواصل الاجتماعي، من خلال فاغنر".
تكتم
لكن بمعزل عن التحدي الروسي، تبقى مكافحة أعمال العنف التي يرتكبها الإرهابيون وتهدد شركاءها الأفارقة وتغذي الهجرة إلى أوروبا، أمرا لازمًا بالنسبة لفرنسا التي تريد التحرك بتكتم "لأن الظهور مع الفرنسيين يعطي انعكاسًا سلبيا"، على حد قول ضابط فرنسي.
وأوضح قائد عملية برخان الجنرال لوران ميشون لفرانس برس مؤخرا "نسير باتجاه مزيد من عمليات التعاون المرتبطة بصرامة أكبر بطلبات الدول الإفريقية عبر تقديم ’الدعم’ لها وليس ’الحلول محلها’".
وتجري المناقشات بشكل جيد لتقييم مطالب الشركاء الذين تريد فرنسا تأمين المزيد من الأماكن لضباطهم في كلياتها العسكرية.
وفي منطقة الساحل، وافقت النيجر على الإبقاء على قاعدة جوية فرنسية في نيامي ونشر 250 جنديًا لتوفير الدعم لعملياتها العسكرية على الحدود المالية.
وستواصل تشاد استضافة قوة فرنسية في نجامينا، بينما يأمل الفرنسيون في الإبقاء على كتيبة من القوات الخاصة في واغادوغو ببوركينا فاسو.
وفي خليج غينيا، يمكن للقوات الفرنسية في ساحل العاج (كوت ديفوار) حيث تتعاون مع الجيش، أن تؤمن وسائل للمراقبة في شمال البلاد بطلب من أبيدجان.
أما بالنسبة لبنين وتوغو "فهناك طلب لتقديم دعم فرنسي على شكل مساندة جوية وفي الاستخبارات والتجهيزات"، بحسب الإليزيه، فيما لاتزال غينيا تدرس احتياجاتها لتأمين حدودها مع مالي.
aXA6IDEzLjU5LjIuMjQyIA== جزيرة ام اند امز