"ماكرون" يربك المشهد السياسي قبل الانتخابات التشريعية الفرنسية
فوز مرشح تيار الوسط مانويل ماكرون بالانتخابات الرئاسية الفرنسية يتسبب في إرباك المشهد السياسي الفرنسي.
تسبب فوز مرشح تيار الوسط مانويل ماكرون بالانتخابات الرئاسية الفرنسية في إرباك المشهد السياسي الفرنسي، حيث يتم إعادة رسم خريطة الانتخابات التشريعية المقررة في يونيو/حزيران المقبل.
وتعمل الأحزاب السياسية الفرنسية على إعادة ترتيب أوضاعها واختيار مسارها قبل شهر من الانتخابات التشريعية، ففي الوقت الذي تنصرف فيه الأحزاب إلى رسم خطط تكتيكية جديدة، أعلن رئيس الوزراء الاشتراكي السابق مانويل فالس انضمامه إلى الأغلبية التي يمثلها ماكرون، فيما انسحبت مؤقتاً من العمل السياسي ماريون ماريشال-لوبن الوجه الصاعد في الجبهة الوطنية بعد هزيمة خالتها مارين لوبن.
وتزداد أهمية الانتخابات التشريعية بالنسبة لماكرون البالغ من العمر 39 عاما، فعليه أن يقنع الفرنسيين بأنه يستحق الحصول على الأغلبية ليتمكن من الحكم وإدخال الإصلاحات التي وعد بها، في بلد منقسم يحتاج فيه لتأييد شخصيات منبثقة من اليمين ومن اليسار المعتدل.
ومن علامات تعقيد الوضع أن إعلان مانويل فالس انضمامه إلى حركة ماكرون، والتي تلقته بنوع من "الفتور"، وقال جان-بول دلفوي المسؤول عن التعيينات في الحركة، إن انضمام فالس لا يتفق حتى الآن مع المعايير المطلوبة للحصول على "الأغلبية الرئاسية" على اعتبار أن فالس الذي يمثل الجناح اليميني في الحزب الاشتراكي وليس منتسبا إلى حركة "الجمهورية إلى الأمام".
وبدأ الحزب الاشتراكي الأربعاء حملته للانتخابات التشريعية بقيادة رئيس الوزراء المنتهية ولايته برنار كازنوف، فيما أعلن المرشح السابق الاشتراكي للرئاسة بونوا آمون تأسيس حركة "واسعة و"جامعة" لمختلف التوجهات الحزبية سعيا إلى "إعادة بناء اليسار".
وأكد آمون الذي لم يحصل سوى على 6.4% من الأصوات في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية أنه لن يترك الحزب الذي يجسد تياره اليساري.
الحال في تيار اليمين ليس أفضل من الارتباك الذي يشهده معسكر اليسار، حيث يأمل التيار ممثلا بحزب الجمهوريين والذي استبعد منذ الدورة الأولى في حدث لم تشهده فرنسا منذ 60 عاما، في إعادة اعتباره في الانتخابات التشريعية وأن يفرض على ماكرون التعايش مع حكومة يمينية.
ومع هذا قال رئيس الوزراء السابق آلان جوبيه وهو من الشخصيات اليمينية المؤثرة "من جهتي، لا أؤيد التعطيل المنهجي".
ورغم أن قيادة الحزب ترفض "التشويش وأنصاف الحلول"، كما تصف برنامج ماكرون، فإنه يجري تداول أسماء بعض ممثلي اليمين مثل رئيس بلدية هافر في شمال غرب فرنسا إدوار فيليب باعتباره مرشحا محتملا لرئاسة حكومة ماكرون.
ولم تسلم الجبهة الوطنية من الهزات، مع إعلان ماريون ماريشال-لوبان (27 عاما) الانسحاب من الحياة السياسية.
وقالت ماريون التي تتمتع بشعبية في جنوب شرق فرنسا، وهي واحدة من نائبين للجبهة الوطنية في الجمعية الوطنية الفرنسية، إنها اتخذت قرارها لأسباب "شخصية وسياسية".
وأوضحت أصغر نواب الجمعية الوطنية التي تتبنى مواقف أكثر راديكالية من خالتها ماري لوبان، أن "يكون المرؤ قائدا سياسيا جيدا يعني أن يخوض تجارب أخرى غير النجاح الانتخابي" دون أن تستبعد العودة.
وفي أوساط اليساري الراديكالي، أعلن جان لوك ميلانشون أيضاً، ترشحه إلى الانتخابات التشريعية ليستفيد بذلك من الزخم الذي حققته حركته "فرنسا المتمردة" بعد حصوله على 19,6% من الأصوات في الدورة الأولى.
ولكن في إطار الخلافات في صفوف اليسار، اتهم زعيم الحزب الشيوعي بيار لوران اليسار الراديكالي بعدم الرغبة في إبرام اتفاق لخوض الانتخابات معا.
وقبل الدورة الثانية التاريخية قال المؤرخ جان-فرنسوا سيرينيلي، إن "العالم السياسي كما نعرفه بالأمس لن يعود على حاله، ولكن من المبكر جدا التكهن إن كان سيستمر عبر تجديد نفسه أم أنه محكوم عليه بالفناء".