بولينيزيا بعد التقاعد.. ضربة جديدة لماكرون خارج الحدود؟
بالكاد، يحاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لملمة تداعيات احتجاجات إصلاح التقاعد، فيما انفجرت أزمة جديدة تهدد التماسك الجغرافي للبلاد.
إذ فاز دعاة الانفصال في الانتخابات الإقليمية التي جرت في بولينيزيا الفرنسية أمس، في انتصار يضمن لهم حكم هذا الإقليم الواقع في جنوب المحيط الهادئ لمدة 5 سنوات ويفتح الطريق أمام استفتاء محتمل بشأن تقرير المصير.
وحصلت قائمة الانفصاليين التي يتزعّمها الرئيس السابق لبولينيزيا الفرنسية أوسكار تيمارو على 44,2 % من الأصوات مقابل 38,5 % لقائمة الرئيس المنتهية ولايته إدوار فريتش، وفقاً للنتائج الأولية التي نشرتها المفوضية العليا.
وبذلك، يفوز دعاة الانفصال بغالبية مطلقة في الجمعية الإقليمية، بحصولهم على 38 مقعداً من المقاعد الـ57، ليصبحوا بذلك في موقع قوة للتفاوض بشأن عملية إنهاء الاستعمار والاستفتاء على حقّ تقرير المصير لهذا الإقليم الذي يضم 5 أرخيبلات على بُعد 17 ألف كيلومتر من باريس.
أما القائمة الثالثة، فهي لنائب الرئيس السابق المدافع عن الحكم الذاتي نويهو لوري، وقد فازت بنسبة 17,1 % من الأصوات، وفقاً للمفوضية العليا.
ولطالما رفضت فرنسا تنظيم استفتاء لتقرير المصير في هذا الإقليم.
وهذه هي المرة الأولى التي يتمتّع فيها الانفصاليون بغالبية قوية في بولينيزيا.
تاريخ متقلب
وبعدما أُطيح بالانفصاليين في خضمّ التحالفات والانقسامات بين العامين 2004 و2013، لم يحتفظوا بالسلطة مطلقاً لفترة كاملة.
ومنذ توسيع نطاق الحُكم الذاتي في العام 1984، مارس المدافعون عن الحكم الذاتي السلطة بشكل شبه مستمر خارج إطار هذه السنوات التسع التي شهدت عدم استقرار.
تطورات تنذر بأزمة متفجرة جديدة تواجه ماكرون من خارج الحدود، وتضع مزيدا من العراقيل في ولايته الثانية بسدة الحكم في البلد الأوروبي، بعد أزمة احتجاجات التقاعد خلال الأشهر الماضية.
واليوم الإثنين، خرج مئات الآلاف إلى شوارع فرنسا، بمناسبة عيد العمّال للاحتجاج على إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه ماكرون، في تظاهرات تخلّلتها في باريس خصوصاً، صدامات بين الشرطة ومتظاهرين.
وقالت الأمينة العامّة للاتحاد العمّالي العام صوفي بينيه إنّ نسبة المشاركة "في هذا الأول من مايو/أيار هي من الأكبر" في تاريخ عيد العمّال في البلاد.
بدوره، اعتبر الأمين العام لـ"الكونفدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل" لوران بيرجيه أنّ "نسبة التعبئة كبيرة جدّاً".
تضارب في الأرقام
لكنّ هذه المشاركة، على أهميتها، تظلّ أقلّ بكثير ممّا كانت النقابات تعوّل عليه، إذ إنّها كانت تترقّب مشاركة أكثر من مليون ونصف المليون متظاهر في عموم فرنسا.
وإذا كانت نسبة المشاركين في تظاهرات عيد العمّال هذه السنة أتت أكبر من السنوات السابقة، إلا أنّ الواقع أثبت أن "موجة التسونامي" البشرية التي كانت النقابات تتوقّعها لم تتحقّق.
وفي ستراسبورغ (شرق) قدّرت الشرطة عدد المشاركين بـ8700 متظاهر بينما قدّرت النقابات أنهم 15 ألفاً، وفي ليل (شمال) تباين العدد بين 7300 متظاهر وفق الشرطة و15 ألفاً وفق النقابات.
وفي مرسيليا (جنوب) كان العدد 11 ألفاً وفقاً للشرطة مقابل 130 ألفاً وفقاً للنقابات، وفي تولوز (جنوب غرب) كان عدد المتظاهرين 13 ألفا و500 متظاهر وفقاً للشرطة و100 ألف وفقاً للنقابات وفي كليرمون فيران (وسط) تراوح العدد بين 14 ألفاً وفقاً للشرطة و25 ألفاً وفقاً للنقابات.
وبحسب تقديرات السلطات فإنّ ما بين 500 ألف إلى 650 ألف متظاهر نزلوا إلى الشوارع في عموم أنحاء البلاد، بينهم ما بين 80 و100 ألف متظاهر في العاصمة باريس حيث دارت صدامات بين الشرطة ومحتجّين.
وشهدت حركة الملاحة الجوية اضطرابات بسبب هذا اليوم الاحتجاجي الجديد مع إلغاء ما بين 25 و33% من الرحلات في عدد من أكبر المطارات الفرنسية.
ويتوقّع أن تتواصل هذه الاضطرابات في مطار باريس-أورلي يوم غد الثلاثاء أيضاً.
ويمثّل عيد العمال هذا العام اليوم الثالث عشر من التحركات الوطنية الشاملة ضد إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل والذي لقي معارضة واسعة من شرائح مختلفة في المجتمع الفرنسي.
وقوبل إصلاح ماكرون الذي ينصّ خصوصاً على رفع سنّ التقاعد من 62 الى 64 عاما، باحتجاجات زادها قرار الرئيس منتصف أبريل/نيسان تمرير التعديل بموجب آلية دستورية بدون طرحه على التصويت في الجمعية الوطنية لعدم توافر غالبية مؤيدة له.
ولا يزال الغضب حاضراً في الشارع كما في استطلاعات الرأي التي تظهر تراجعاً كبيراً في شعبية ماكرون. إلا أن مصادر الحكومة الفرنسية تبدو راغبة في الاقتناع بأن ذروة التحركات المناهضة لهذا الإصلاح باتت وراءها.
aXA6IDE4LjIxOS40Ny4yMzkg
جزيرة ام اند امز