مصير حكومة فرنسا على المحك.. تصويت معقد على الثقة
فرانسوا بيرو؛ أمل الرئيس إيمانويل ماكرون الأخير في تجاوز الأزمة السياسية الحالية، يواجه تصويتًا صعبا في البرلمان الأربعاء.
ووفق مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، حان اليوم الأهم في مسيرة فرانسوا بيرو السياسية التي استمرت لعقود من الزمن، وبات مهددا بدخول التاريخ من بابه الضيق.
إذ أصبح مصير حكومته في أيدي أعضاء البرلمان الفرنسي، حيث يصوتون اليوم الأربعاء، على أول اقتراح من عدة اقتراحات بحجب الثقة، بعد شهرين فقط من إسقاط الحكومة السابقة.
وفي حال سقوطه، سيكتسب بيرو "امتيازًا مخزيًا بكونه أقصر رئيس وزراء في تاريخ فرنسا الحديث"، على حد قول المجلة الأمريكية.
كما أنه سيترك البلاد بدون ميزانية في الوقت الذي يتساءل فيه المستثمرون عما إذا كانت فرنسا قادرة على سداد ديونها.
الأكثر من ذلك، من المنتظر أن يؤدي سحب الثقة، في حال حدوثه، إلى تفاقم المخاوف من أن ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا أصبح غير قابل للحكم، في الوقت الذي يقف فيه الاقتصاد الألماني في وضع صعب وتواجه القارة حربًا تجارية محتملة مع الولايات المتحدة.
أمل ماكرون
ويُنظر إلى بيرو على نطاق واسع على أنه الأمل الأخير للرئيس إيمانويل ماكرون لإيجاد حل للأزمة السياسية التي تسببت فيها انتخابات تشريعية مبكرة دعها لها الرئيس على عجل الصيف الماضي.
وكان الرجل البالغ من العمر 73 عامًا في قلب السياسة الفرنسية لجيل كامل، وهو سياسي ذو ثقل يحظى بالاحترام، وله تاريخ في العمل مع السياسيين من مختلف أنحاء المشهد السياسي الفرنسي المنقسم.
وتصويت اليوم الأربعاء، هو الاختبار الأبرز لحنكة بيرو السياسية.
وقال برونو جانبارت، خبير استطلاعات الرأي في مؤسسة "OpinionWay": “إذا فشل بيرو، ستفسر الأسواق سقوطه على أنه دليل على أنه لا يمكن لأحد آخر أن ينجح" في البلد الأوروبي.
ومضى قائلا: "إنه وسطي، لذلك إذا لم يتمكن من التوصل إلى حل وسط، فمن يستطيع؟"
رياح التغيير
ويجري التصويت اليوم الأربعاء في الجمعية الوطنية (البرلمان)، بعد أن استخدم بيرو مناورة دستورية لتمرير أجزاء من خططه للإنفاق لعام 2025 دون تصويت. ومع ذلك، يسمح هذا الإجراء- المادة ٤٩ من الدستور- للمشرعين بالرد على المناورة من خلال تقديم اقتراحات بحجب الثقة.
وتحظى حكومة الأقلية التي يقودها بيرو، والتي من المتوقع أن تستخدم المادة 49 فقرة 3، أربع مرات لتمرير ميزانيتها، بدعم ائتلاف فضفاض من السياسيين الوسطيين والمحافظين.
ولكي تنجو الحكومة من تصويت حجب الثقة، فإنها تحتاج إلى امتناع جزء من المعارضة عن التصويت، وفق بوليتيكو.
إلى ذلك، قال مستشار حكومي سابق، فضل عدم الكشف عن هويته: “هدف بيرو دائمًا هو تعظيم موقف تياره [الوسطي].. هدفه هنا هو البقاء، أو على الأقل البقاء لفترة أطول من رئيس الحكومة السابق ميشيل بارنييه".
موقف اليمين واليسار
ومن المقرر أن يتخذ حزب التجمع الوطني (أقصى اليمين) بزعامة مارين لوبان قراره بشأن ما إذا كان سيمنح بيرو، فرصة للاستمرار، في اللحظة الأخيرة.
وأمس الثلاثاء، قال رئيس الحزب، جوردان بارديلا، إنه يعتقد أنه من المهم ”تجنب حالة عدم اليقين“ التي قد يكون لها ”عواقب وخيمة على الاقتصاد“.
فيما تتجه الأنظار إلى الاشتراكيين. ورغم أن الحزب أعرب عن معارضته للزيادات الضريبية وتخفيضات الإنفاق التي اقترحها بيرو والبالغة 53 مليار يورو، إلا أنه تعهد بعدم إسقاطه بسبب الميزانية.
وكان الثمن الذي دفعه رئيس الوزراء مقابل ذلك باهظًا: إذ وافق على إعادة فتح المحادثات بشأن إصلاح المعاشات التقاعدية، وإن كان ذلك بشكل محدود، وتراجع عن بعض تخفيضات الإنفاق.
لكن ما إذا كان الحزب الاشتراكي بأكمله سيصطف في صف واحد هو سؤال مفتوح. ففي الشهر الماضي، صوت ثمانية نواب اشتراكيين الصفوف وتحالفوا مع اليسار المتشدد في تصويت برلماني.
فرصة لتجاوز الانقسام
وإذا تجاوز بيرو عقبة تصويت الثقة، فقد يتمكن من المساعدة في فتح المشهد السياسي الفرنسي، الذي كان منقسمًا بشدة بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، وبينهما الوسط والمحافظين.
ومن خلال جذب الاشتراكيين إلى معسكره، سيحدث بيرو شرخًا كبيرًا بين حزب يسار الوسط وشركائه في حزب فرنسا الأبية اليساري المتشدد (أقصى اليسار).
في المقابل، انتقد زعيم حزب ”فرنسا الأبية“، جان لوك ميلانشون، مرارًا وتكرارًا الاشتراكيين بسبب تفاوضهم مع الحكومة.
وقال ميلانشون أمس الثلاثاء، إنه إذا رفض الاشتراكيون التصويت على سحب الثقة من الحكومة، الأربعاء، ردًا على خطط الأخيرة المتعلقة بالميزانية، فلن يكون هناك مكان للحزب داخل الجبهة الشعبية الجديدة (تحالف يساري يمثل الكتلة الأكبر في البرلمان).
aXA6IDEzLjU4LjUwLjE2MyA= جزيرة ام اند امز