انسحاب فرنسا من النيجر.. الجيش مستاء وواشنطن تقيم خياراتها
"صفحة تاريخية تٌطوى"، هكذا استقبل عسكريون فرنسيون قرار الانسحاب من النيجر، الخطوة التي أملوا تجنبها على الأقل بالوقت الراهن.
وبالتزامن مع ذلك، تواصل الولايات المتحدة الأمريكية تقييم أي خطوات مستقبلية من شأنها إعطاء الأولوية لأهدافها الدبلوماسية والأمنية بالبلد الأفريقي، وذلك بالتوازي مع الدبلوماسية.
إحباط واستياء
بعد شهرين من المواجهة مع المجلس العسكري النيجري، شكل إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سحب نحو 1500 جندي منتشرين في النيجر بحلول نهاية العام الجاري، إحدى أقسى الضربات التي اضطر الجيش الفرنسي لتحملها على مدى السنوات العشر الماضية.
الجنود والمعدات الثقيلة.. خريطة انسحاب فرنسا من النيجر
فحتى في ظل التوتر القائم بين باريس ونيامي، وتنامي المؤشرات التي تستبعد عودة نظام محمد بازوم الذي أطاح به الجيش قبل شهر، إلا أنه لم يدر بخلد العسكريين الفرنسيين أن الكارت الأحمر سيرفع ضدهم بهذه السرعة.
فالقرار بالنسبة للجيش الفرنسي لا يشمل النيجر فقط، وإنما يرفع منسوب الإحباط بصفوف مؤسسة طردت لتوها من مالي ولاحقا من بوركينا فاسو، ما يشكل ضربات متلاحقة ونكسات لباريس بمنطقة الساحل والقارة عموما.
وفور الإعلان عن قرار الرحيل، نقلت وكالة فرانس برس عن جنرال سابق بالجيش الفرنسي قوله بأسف إنها "صفحة تاريخية تطوى"، فيما قال ضابط آخر: "لقد رأيت نهاية العالم القديم"، في إشارة إلى كتاب الصحفي السابق المتخصص في القضايا الدولية ألكسندر أدلر.
وإجمالا، شكل الإعلان لحظة فزع واستياء ممزوجين بإحباط داخل الأوساط العسكرية الفرنسية في مواجهة تراجع وجودها بأفريقيا، الأمر الذي كان العسكريون يأملون أن يكون من الممكن تجنبه.
وتحت عناوين مختلفة، لطالما دافعت المؤسسة العسكرية الفرنسية عن هذا الارتباط بأفريقيا، بدعم من السلطة التنفيذية، باسم القضايا الأمنية مثل مكافحة الإرهاب، والفساد، والهجرة غير النظامية، وعلى نطاق أوسع، ضد خلق مناطق واسعة من الفوضى.
ومع انتهاء عملية “برخان” عام 2022، وأمام استحالة التغلب على التهديدات الإرهابية، تحولت هذه الأهداف الأمنية إلى حرص على الحفاظ على منطقة نفوذ فرنسي، في ظل تنامي الوجود الروسي.
تقييم الخيارات
فيما يواجه الجيش الفرنسي أحد أسوأ فتراته في النيجر، تنكب واشنطن على تقييم خياراتها المختلفة بشأن مستقبل وجودها العسكري بالبلد الأفريقي.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) سابرينا سينغ، إن الولايات المتحدة سوف تدرس عواقب انسحاب القوات الفرنسية من النيجر، مضيفة: "لكن في الوقت الحالي، نركز على مواصلة إعادة تموضع قواتنا".
من جانبه، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن للصحافيين في نيروبي خلال زيارة لكينيا: "بينما نمنح الدبلوماسية فرصة، سنواصل أيضا تقييم أي خطوات مستقبلية من شأنها إعطاء الأولوية لأهدافنا الدبلوماسية والأمنية".
وقال وزير الدفاع الأمريكي إن واشنطن "لم تقم بأي تغيير ملموس في أوضاع قواتنا.. ونريد فعليا أن نرى حلا دبلوماسيا ونهاية سلمية" للأزمة.
وللولايات المتحدة نحو 1100 جندي متمركزين في النيجر، يحاربون التنظيمات الإرهابية النشطة في هذه المنطقة.
وفي 7 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن البنتاغون أنه سيعيد تمركز قواته "كإجراء احترازي"، عبر نقل بعض الجنود من قاعدة في العاصمة نيامي إلى قاعدة جوية شمالا في منطقة أغاديز.
وقالت المتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ: "سندرس عواقب انسحاب القوات الفرنسية من النيجر، لكن في الوقت الحالي، نركز على مواصلة" إعادة التموضع هذه.
aXA6IDE4LjIyMi4xMTMuMTM1IA== جزيرة ام اند امز