خبير فرنسي لـ«العين الإخبارية»: باريس ليست الأكثر مديونية في أوروبا.. لكنها الأكثر عرضة للخطر

"فرنسا تقف أمام جدار من الديون".. هكذا وصف الخبير الاقتصادي الفرنسي جون بيزانّي فيري المشهد المالي في بلاده، محذرًا من أن الوقت ينفد لإصلاح الميزانية العامة وتفادي أزمة ديون طويلة الأمد.
وفي حوار خاص مع "العين الإخبارية"، أكد الباحث البارز في مؤسسة Bruegel الأوروبية وأستاذ الاقتصاد السياسي في معهد العلوم السياسية في باريس، أن "فرنسا ليست الدولة الأكثر مديونية في الاتحاد الأوروبي كما يقال، لكنها حتماً من بين الأكثر تعرضاً للخطر بسبب حجم الإنفاق وضعف النمو".
وحذر من أن الإجراءات الحكومية الحالية، رغم جديتها، "لن تكون كافية ما لم تُصحب بإصلاحات هيكلية واسعة وإعادة هيكلة للموازنة العامة"، مشيرًا إلى أن "الانطباع العام لدى الرأي العام بأن فرنسا تغرق في الديون ليس خاطئاً، لكنه مبالغ فيه إعلامياً".
قال الخبير الاقتصادي الفرنسي في حوار خاص مع "العين الإخبارية": "الحديث عن أن فرنسا هي الأكثر مديونية داخل الاتحاد الأوروبي غير دقيق. صحيح أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي تبلغ 113%، وهي مرتفعة، لكنها لا تصل إلى مستويات اليونان أو إيطاليا".
وأضاف: "نواجه تحدياً حقيقياً في السيطرة على العجز، لكن علينا ألا نستسلم للذعر السياسي. المطلوب ليس التقشف الحاد بل إصلاح ذكي ومستدام".
إليكم نص الحوار:
هل فرنسا فعلاً الدولة الأكثر مديونية في الاتحاد الأوروبي كما صرّحت الحكومة مؤخراً؟
لا، هذا غير دقيق من الناحية الإحصائية. وفقًا لأحدث بيانات يوروستات، تبلغ نسبة الدين العام الفرنسي حوالي 113% من الناتج المحلي الإجمالي. هذا رقم مرتفع بكل تأكيد، لكنه أقل من اليونان التي تبلغ 153.6%، وأقل من إيطاليا أيضًا التي وصلت إلى 135.3%. لذا، يمكن القول إن فرنسا من بين الدول الأعلى مديونية، لكنها ليست الأسوأ.
لماذا إذن هذا التصعيد الإعلامي والسياسي حول الدين العام؟
لأن هناك خشية حقيقية من فقدان السيطرة على المالية العامة، خصوصًا في ظل تباطؤ النمو وارتفاع معدلات الفائدة. فالحكومة تحاول تعبئة الرأي العام عبر ما يشبه "التحذير الصادم"، لكني أرى أن التركيز يجب أن يكون على ضبط الإنفاق بطريقة مسؤولة وليس عبر إجراءات تقشفية صارمة.
هل تعتقد أن خطة الإنقاذ التي طرحها رئيس الوزراء كافية؟
الخطة تسير في الاتجاه الصحيح، لكنها محدودة. المطلوب هو إعادة تصميم الإنفاق العام، الاستثمار في النمو، ومحاربة الهدر الهيكلي في القطاعات الكبرى مثل الصحة والتقاعد. والتركيز على تقليص العجز دون خطة تنموية موازية سيكون قصير الأمد.
ما مدى تأثير ذلك على صورة فرنسا في الأسواق الأوروبية؟
المستثمرون يراقبون من كثب. طالما أن هناك ثقة في قدرة الدولة على السداد، فإن الوضع سيبقى تحت السيطرة. لكن أي إشارة على عجز سياسي عن تنفيذ الإصلاحات قد تُترجم فورًا إلى ضغوط على السندات الفرنسية وارتفاع تكلفة الاقتراض.
ما البديل عن التقشف؟
الإصلاح الذكي. أي تقليل النفقات غير الفعالة، دون المساس بالخدمات الأساسية، مع تحفيز الاستثمار في قطاعات النمو مثل التكنولوجيا والتحول الأخضر. هذه هي المعادلة الصعبة، لكنها ليست مستحيلة. وفرنسا، رغم أنها ليست الأكثر مديونية في الاتحاد الأوروبي، تقف اليوم أمام تحدٍّ مالي حقيقي. والقرار ليس بين الإنكار أو الذعر، بل في اتخاذ خطوات متوازنة تحفظ الاستقرار المالي دون خنق النمو الاقتصادي.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTU0IA==
جزيرة ام اند امز