فرنسا 2017.. مشهد سياسي أربك حسابات الأحزاب التقليدية
يعتبر العام 2017، هو عام الانقلابات السياسية وانهيار التوازنات الحزبية في فرنسا بحسب ما رصدته بوابة العين الإخبارية.
شهدت فرنسا خلال عام 2017 العديد من الأحداث مما جعل العام الذي يوشك على الرحيل مميزاً، أطلق عليه المراقبون عام "الانقلابات السياسية"، انهار خلاله التوازنات الحزبية وتغيرت الخريطة السياسية بصعود قوى واختفاء أخرى كانت متربعة لسنوات، فضلاً عن تعرض البلاد لهجمات إرهابية، وصدور قوانين مثيرة للجدل، كما كان لباريس مواقف سياسية حازمة على الصعيد الدولي.
الانتخابات الرئاسية
وكانت الانتخابات الرئاسية الفرنسية بجولتيها، الأولى 23 ابريل/نيسان والثانية 7مايو/أيار، والتي انتهت بفوز أصغر زعيم في العالم إيمانويل ماكرون (39 عاماً) الحدث الأبرز سياسيا بعد الفوز الساحق على مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان بنسبة 66.1% مقابل 33.9%..
وجاء فوزر ماكرون رغم فضيحة التسريبات عشية الجولة الأولى من الانتخابات، حيث انتشرت على الإنترنت عشرات الآلاف من رسائل البريد الإلكتروني ووثائق أخرى من داخل حملته كشفت عددا من الحقائق المثيرة للجدل حول خطط وبرامج المرشح المستقل. وذلك قبل ساعات من بدء الصمت الانتخابي لحملات مرشحي الرئاسة الفرنسية.
واتسمت الانتخابات هذا العام بعدة مؤشرات، أبرزها خروج أكبر حزبين في فرنسا من بداية الجمهورية الخامسة من الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، وهما الحزب الجمهوري(يمين) والحزب الاشتراكي (يسار)، والسمة الثانية؛ قضايا الفساد والوظائف الوهمية لمرشح اليمين فرنسوا فيون بتعيين أفراد أسرته كمساعدين له، الأمر نفسه طال مرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبن، ما أدى إلى فقدان مبدأ الشفافية وكان أحد أسباب اخفاقهم في الانتخابات الرئاسية، بحسب ما نقلت صحيفة "لوموند" الفرنسية عن أستاذ العلوم السياسية جان جاك بروني بجامعة "باريس".
انهيار اليمين المتطرف
لم تقف هزيمة المرشحة مارين لوبان في انتخابات الرئاسة عند مجرد خسارتها كرسي الإليزيه، لكن نتج عن الهزيمة انقسام حزب الجبهة الوطنية على نفسه.
واعتزلت ابنة شقيق مارين لوبان، ماريون ماريشال لوبان، الحياة السياسية نهائياً، فيما انشق بعض أعضاء الحزب مكونين حركات انفصالية أشد تطرفاً مثل زعيم حركة "فرنسا تنتفض" نيكولا دوبون إينان.
كما ألقت الهزيمة بظلالها على أحزاب يمينية متطرفة أخرى تسعى للانقلاب على أوروبا في أوروبا في النمسا وهولندا.
انهيار الحزب الاشتراكي
استهل العام بالانتخابات التمهيدية لليسار (الحزب الاشتراكي)، الذي كان يتزعمه الرئيس السابق فرنسوا أولاند، والذي تعرض لهزيمة موجعة في الانتخابات الرئاسية، حيث حصل الحزب الاشتراكي على 9% فقط من الأصوات، للمرشح الاشتراكي بنوا آمون، والذي غادر الحزب فيما بعد، معلناً انسحابه بعد العمل به 30 عاما، مؤكدا أنه يرغب في "إعادة بناء اليسار" من خلال تأسيس حزب سياسي جديد.
وكان لماكرون دور في انهيار الحزب الاشتراكي حيث لم يتوان الرئيس الفرنسي- الذي خرج من تحت عباءة نفس الحزب بزعامة جان كريستوف كامباديليس- باستقالته من منصب وزير الاقتصاد في "حكومة فالس" تحت قيادة الرئيس السابق فرانسوا أولاند، وتكوينه حركة "إلى الأمام"، في استقطاب قادة الحزب من وزراء وبرلمانيين ورؤساء بلديات وغيرهم ممن كانت الدولة تحت قبضتهم منذ 2012 للحصول على دعمهم حتى فوزه بالرئاسة مايو/أيار، وكان لهذا الأمر دور كبير في إضعاف الحزب الاشتراكي.
وشهد الحزب حالة من الانقسام والتشتت غير مسبوقة منذ تأسيسه عام 1905، وكان أكثر الخاسرين هما المرشحان السابقان مانويل فالس الذي انتهى به الأمر إلى دعم ماكرون، وبنوا آمون الذي مني بهزيمة ساحقة في الانتخابات الرئاسية، ولم يحقق نتيجة تذكر رغم تحالفه مع أحزاب يسارية أخرى.
الهجمات الإرهابية
إقرار قوانين جديدة
قانون العمل المثير للجدل
أقر البرلمان الفرنسي، نوفمبر/تشرين الثاني، قانون العمل المثير للجدل، الذي يمنح أصحاب الأعمال المزيد من المرونة للتفاوض مع العمال على المسائل المرتبطة بالأجور وظروف العمل فيما يقلل من تكاليف إقالة الموظفين.
ويضع القانون حد أقصى للتعويضات، وتغيير في عدد ساعات العمل الأسبوعية، ما أثار مظاهرات حاشدة، بدعوة من حزب اليسار المتطرف حركة "فرنسا الأبية" التي يتزعمها جان لوك ميلانشون.
قانون مكافحة الإرهاب
أقر البرلمان الفرنسي، قانون مكافحة الإرهاب المثير للجدل بشكل نهائي ما يعطي السلطات صلاحيات جديدة دائمة لمداهمة منازل وإغلاق مراكز عبادة وتقييد حرية الحركة.
ومن بين النقاط التي أقرها القانون الأكثر جدلاً: تعزيز صلاحيات السلطة الإدارية، لجهة فرض الإقامة الجبرية، والقيام بعمليات دهم وإغلاق أماكن عبادة أو التدقيق بالهويات قرب الحدود، وكل ذلك دون موافقة مسبقة من القضاء، باستثناء القيام بـ "الزيارات المنزلية" التي باتت تحل رسميا محل "عمليات التفتيش الإدارية" التي تثير جدلا كبيرا.
انفصال كاليدونيا
أعلنت الحكومة الفرنسية في نوفمبر/تشرين الثاني أنها توصلت إلى اتفاق مع إقليم كاليدونيا الجديدة، بشأن استفتاء على استقلاله وفقاً للقانون الموقع سنة 1998، الذي ينص على إنهاء الاستعمار بشكل متتابع للإقليم المكون من مجموعة صغيرة من الجزر بالمحيط الهادئ، والذي ينتمي إلى مقاطعات وأقاليم ما وراء البحار الفرنسية.
وبحلول نوفمبر/تشرين الثاني 2018، سيكون سكان كاليدونيا الجديدة قادرين على التعبير عن أنفسهم في استفتاء لتقرير المصير، ويمكن لأرخبيل المحيط الهادئ أن يصبح مستقلاً عن فرنسا، لكن لابد من إجراء استفتاء حتى يقرر سكان هذه الجزيرة الواقعة في شرق أستراليا علاقاتهم المستقبلية مع حكومة باريس
دور رسمي للسيدة الأولى
من المعروف أنه لا يوجد أي نص قانوني في فرنسا خاص بزوجة الرئيس يحدد الدور الذي يمكن أن تقوم به أو راتبها أو الوسائل التي يمكن أن تستفيد منها، وكان الرؤساء المتعاقبون، من اليمين أو اليسار، يرفضون على الدوام تحديد هذا الأمر، إلا أن الرئيس ماكرون استحدث لقب السيدة الأولى.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن المتحدث الرسمي باسم الحكومة الفرنسية، كريستوف كاستنر، أن بريجيت ماكرون، ستحصل على راتب 440 ألف يورو سنويا، نظير توليها منصب السيدة الأولى في فرنسا.
وتشكل هذه الخطوة وفقا لماكرون، تنفيذا جزئيا لوعد قطعه على نفسه بإنهاء "النفاق الفرنسي" عبر تحديد وضع قانوني لزوجة الرئيس. وقرر في نهاية المطاف ألا يمر الأمر بقانون أو مرسوم، مع العلم أن عريضة ضد تحديد وضع رسمي لزوجة الرئيس جمعت أكثر من 316 ألف توقيع خلال بضعة أسابيع.
انتهاء حالة الطوارئ
انهت فرنسا رسميا حالة الطوارئ، في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني بعد عامين من هجمات منسقة شنها إرهابيون في أنحاء متفرقة من باريس وراح ضحيتها 130 شخصا.
على الصعيد العسكري
أعلن رئيس الأركان الفرنسي الجنرال فرنسوا لوكوانتر بأن بلاده ستعدل عملياتها العسكرية الخارجية في الشرق الأوسط والساحل، وبحث سبل لجعلها أكثر فاعلية لمواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي.
مجموعة الـ5 لدول الساحل الإفريقي
كثفت القوات الفرنسية (بارخان)، المتمركزة في منطقة الساحل الأفريقي لمكافحة الإرهابيين، وقوامها 4 آلاف جندي، الدعم لشركائهم من مجموعة الخمس من دول الساحل، لتعزيز قدراتهم الذاتية، عبر محاولة الحد قدر الإمكان من التدخل على الأرض".
ومجموعة الخمس هي ائتلاف جيوش من 5 دول أفريقية هي (موريتانيا، ومالي، وبوركينا فاسو، وتشاد، والنيجر)، ومتمركزين في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، في المناطق غير المستقرة هناك وهذه القوات أجرت أولى عملياتها في مطلع الشهر الجاري، مستفيدة من دعم قوات (البارخان) الفرنسية.
انسحاب فرنسا من مالي
أعلنت باريس سحب قواتها من مالي بعد أربع سنوات من تدخل فرنسا في مستعمرتها السابقة لصد هجوم للمتشددين، إذ تقاتل هذه القوات إلى جانب قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة قوامها عشرة آلاف جندي لتحقيق الاستقرار في مالي وتنفيذ اتفاقات السلام.
تراجع الوجود الفرنسي في سوريا والعراق
أعلنت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي في أكتوبر/تشرين الأول أن انهيار تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق وسوريا سيعطي فرنسا هامش تحرك للحد من وجودها العسكري في هذه المنطقة.
على الصعيد الثقافي
اللوفر أبوظبي..
شارك الرئيس الفرنسي ماكرون خلال زيارته إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، في 8 و9 نوفمبر/تشرين الثاني في افتتاح متحف اللوفر أبوظبي، الذي يعد ثمرة لشراكة إماراتية فرنسية متميزة ونتاجاً لاتفاقية وقعت بين أبوظبي وباريس.
انتزاع رئاسة اليونسكو من قطر
فازت وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة أودري أزولاي بمنصب مدير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم "اليونسكو"، بـ30 صوتا في الجولة الحاسمة للانتخابات بعد منافسة ضارية مع مرشح قطر.
فرنسا اقتصاديا
تعاني فرنسا، ثاني اقتصاد في منطقة اليورو، من مشكلة البطالة، التي ارتفعت فوق 10% مقارنة مع ألمانيا وبريطانيا، فضلا عن وجود نحو 550 ألف عاطل عن العمل، وهو رقم يفوق عدد العاطلين عند انتخاب فرانسوا أولاند في الانتخابات الرئاسية لعام 2012.
وكانت اللجنة الإقليمية للسياحة أعلنت في فبراير/شباط أن باريس خسرت 1.5 مليون سائح في 2016، بواقع 1.3 مليار يورو، بسبب الهجمات الإرهابية التي شهدتها فرنسا، لاسيما مع عزوف زوار من الصين واليابان عن زيارتها.
فرنسا فنيا
وفاة مغني الروك الفرنسي جوني هاليدي، عن عمر يناهز 74 عاماً بعد معركة مع السرطان.
فرنسا دوليا
كانت لفرنسا العديد من المواقف السياسية على الصعيد الدولي
رفض قرار ترامب بشأن القدس..
فقد كانت لباريس موقف حاسمة من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها.
وصرح الرئيس ماكرون بأنه "أبلغ نتنياهو رفض باريس لقرار ترامب، مشددا على أن "الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يجب حله من خلال حل الدولتين عبر آليات التفاوض".
الوقوف ضد أطماع إيران في الشرق الأوسط
دأب الرئيس الفرنسي بالتنديد بالتوغل الإيراني في المنطقة، حيث صرح بأن طهران أساءت تفسير موقف بلاده "المتوازن" في المنطقة العربية، مطالبا إياها في الوقت نفسه بالتوقف عن نشاطاتها العدائية بالمنطقة.
كما طالبت فرنسا مرارا بنهج صارم إزاء برنامج إيران الصاروخي، واقترحت بحث عقوبات جديدة للاتحاد الأوروبي على طهران بسبب تجاربها الصاروخية.
وشددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، أنييس روماتيه إسباني، على قلق بلادها من الوتيرة المستمرة لبرنامج إيران الصاروخي الذي لا يتوافق مع قرار مجلس الأمن رقم 2231 ويمثل مصدرا لعدم الاستقرار وانعدام الأمن للمنطقة".