فرنسا تحيي الذكرى السادسة لـ"هجمات باريس" بمشاركة أمريكية
تحيي فرنسا الذكرى السادسة لهجمات باريس الإرهابية، التي راح ضحيتها 130 شخصا، في خضم محاكمة المتهمين.
وسلطت باريس وسان دوني في ضاحية العاصمة الفرنسية، هذه الذكرى، في وقت تثير المحاكمة التاريخية الجارية حاليًا مشاعر الضحايا، وترسم ذاكرة جماعية لهذه الاعتداءات.
وبدأ رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس برفقة رئيسة بلدية باريس آن إيدالغو، جولته لإحياء الذكرى بوضع إكليل من الزهور ثمّ الوقوف دقيقة صمت أمام استاد دو فرانس.
ثم توجها إلى الباحات الخارجية للمقاهي وقاعة باتاكلان للعروض الموسيقية في باريس، حيث قتلت مجموعة تابعة لتنظيم داعش 130 شخصا وأصابت أكثر من 350 آخرين بجروح عام 2015.
من جانبها، وضعت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس التي تختتم السبت زيارة لفرنسا استمرّت 4 أيام، بعد الظهر باقة ورود بيضاء قبالة الباحة الخارجية لحانة "لو كاريون"، ودخلت بعدها الحانة لوقت قصير.
وأمام الباتاكلان، استمع الناجون وأقرباء الضحايا بتأثّر شديد لتلاوة أسماء 90 شخصا قُتلوا في القاعة.
وبعد إحياء الذكرى بدون حضور شعبي عام 2020 بسبب وباء كوفيد-19، تبدو المراسم هذا العام مهمّة أكثر من أي وقت مضى، لأنها تجري بالتزامن مع محاكمة تاريخية تعيد منذ سبتمبر/أيلول إحياء تفاصيل الاعتداء الإرهابي الأكثر دموية الذي شهدته فرنسا على الإطلاق.
وقال الناجي برونو بونسي من أمام الباتاكلان "العام الماضي، مُنعنا من القدوم وعشنا جميعا (الذكرى) بشكل سيئ جدًا. هذا العام، هناك حاجة حقيقية للالتقاء تعززها المحاكمة".
وأضاف "أقمنا روابط حقيقية بفضل هذه المحاكمة"، مضيفا "في المراسم السابقة، كنا نلتقي من بعيد بدون التجرؤ على التحدث، كان هناك خجل حقيقي. الوقوف أمام المحكمة غيّر كل شيء".
بعد الإدلاء بشهادته أمام محكمة الجنايات مطلع أكتوبر/تشرين الأول، لا يزال الرجل الأربعيني يحضر الجلسات، وعلق "من المستحيل بالنسبة إليّ أن أتوقف عن ذلك، نتحدث عن أرواحنا في هذه القاعة ومن المهمّ أن نأتي لدعم الآخرين ومحاولة إنهاء هذه القضية".
وعلى مدى شهر، كشفت شهادات الضحايا وأقربائهم الندوب التي لا تُمحى وحجم الأضرار النفسية التي تسببت بها هذه الاعتداءات بالنسبة للكثير من الضحايا.
ورأى برونو أن لاستكمال ما تبقى من المحاكمة التي يُفترض أن تستمرّ حتى أواخر مايو/أيار "يشعر الناس بوجوب أن يدعموا بعضهم بعضا".
استمرار التهديد
وأكد رئيس جمعية أخرى للضحايا "13 أونز15 أخوة-حقيقة" فيليب دوبيرون أن "المحاكمة عزّزت على الأرجح الحاجة إلى أن نكون معًا".
وأضاف "في قاعة الجلسات، حصل تبادل نظرات وكانت الأيدي ممدودة، شعرنا بتضامن كبير".
وقال المؤرّخ الفرنسي دينيس بيشانسكي أن "إحياء الذكرى يشكل علامة على السرد الكبير المشترك (للوقائع) الذي يتمّ صوغه حاليا خلال المحاكمة".
وبيشانسكي هو المسؤول المشارك في "برنامج 13-نوفمبر"، وهو مشروع بحثي واسع النطاق يدرس تطوّر ذاكرة الاعتداءات على مدى عشر سنوات.
وأضاف أن الجلسات ونقلها في الصحافة "تؤثر على الذاكرة الجماعية للفرنسيين" وسمحت بـ"استكمال الأحجية بقطع لم نكن نعرفها بعد".
وتُظهر أبحاثه التي يجريها لدى عيّنة ممثِلة عن الشعب الفرنسي، أنه أبعد من مجزرة الباتاكلان، سمحت المحاكمة خصوصا بـ"إعادة إظهار مواقع اعتداءات 13 نوفمبر/تشرين الثاني في مجملها"، بفضل شهادات ضحايا استاد دو فرانس والباحات الخارجية للمقاهي، التي كان يميل الرأي العام تدريجيًا إلى نسيانها.
وبعد 6 أعوام من الاعتداءات، لا يزال التهديد الإرهابي مرتفعًا جدًا في فرنسا، لكنّه يتخذ حاليًا أشكالًا أخرى.
وهذا ما أظهره مقتل الموظفة في الشرطة ستيفاني مونفيرميه في أبريل/نيسان في رامبوييه قرب باريس، أو قطع رأس المدرّس سامويل باتي في أكتوبر/تشرين الأول 2020.
من هنا، بات التهديد الإرهابي يأتي من جانب مهاجمين أكثر "استقلالية" ليسوا مرتبطين بشكل وثيق بجماعات جهادية، كذلك لم تعد الأخيرة تعلن بشكل تلقائي مسؤوليتها عن أفعالهم.