ماكرون ولوبان وجها لوجه.. توتر كبير وأجواء ساخنة
خاض المتنافسان في الانتخابات الرئاسية الفرنسية إيمانويل ماكرون ومارين لوبان مناظرتهما المتلفزة مساء الأربعاء، وسط أجواء ساخنة.
وهذه المناظرة من أبرز أحداث الحملة الانتخابية للجولة الثانية، وشهدت مناقشة ساخنة في ملفات القوة الشرائية للفرنسيين والسياسة الدولية ولاسيّما الحرب في أوكرانيا.
وبعد مصافحة سريعة، أخذ المرشحان مقعديهما في استوديو تلفزيوني "تي إف 1" و"فرانس 2" لينطلق على مدى ساعتين ونصف الساعة نقاش حول مواضيع عدة ولاسيما القوة الشرائية والأمن والشباب والعلاقات الدولية والتنافسية والبيئة.
وقالت المرشحة اليمينية المتطرفة في مستهل المناظرة إن "خيارا آخر ممكن على أساس الاحترام، على أساس الفطرة السليمة".
وأضافت "إذا منحني الفرنسيون شرف نيل ثقتهم الأحد المقبل، فسأكون.. رئيسة تعمل يومياً من أجل قيمة العمل، القوة الشرائية، المدرسة".
من جانبه، قال الرئيس المنتهية ولايته في مستهل المناظرة "لقد مررنا جميعا بفترة صعبة من الأزمات غير المسبوقة".
وأضاف ماكرون :"قضيت هذه الفترة الزمنية على رأس بلدنا محاولا اتخاذ القرارات الصحيحة وأريد الاستمرار في القيام بذلك لأنني أؤمن أولاً وقبل كل شيء أنه يجب علينا ويمكننا أن نجعل بلدنا أكثر استقلالية وقوة على طريق الاقتصاد والعمل والبحث والابتكار وعن طريق ثقافته".
توتر كبير
وشهدت المناظرة توترا طوال الوقت، تخللتها عبارات مثل "لا تقاطعني"، "هذا خطأ"، واتهامات من كل طرف إلى الآخر بتبني رؤية ضحلة وغير طموحة لفرنسا ومستقبلها.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، اتّهم ماكرون غريمته بـ"التبعية للسلطة الروسية و(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين" وذلك بسبب قرض مالي حصلت عليه المرشّحة اليمينية المتطرّفة من بنك روسي.
وقال ماكرون لمنافسته "أنتِ تعتمدين على القوة الروسية، وتعتمدين على السيد بوتين. لقد حصلتِ على قرض من بنك روسي".
وأضاف: "يمكن تفسير الكثير من خياراتك من خلال هذا الاعتماد. أنت لا تتحدثين إلى قادة آخرين بل تتحدثين إلى المصرف الذي أقرضك المال عندما تتحدثين إلى روسيا، هذه هي المشكلة".
وردّت لوبان بنفي هذا الاتّهام بحدّة، مؤكّدة أنّها "امرأة حرّة تماماً وقطعاً"، ومبرّرة لجوءها إلى البنك الروسي بأنّ ما من مصرف فرنسي وافق على منحها قرضاً.
وقالت لوبان: "أدعم أوكرانيا حرّة، لا تتبع لا للولايات المتّحدة ولا للاتحاد الأوروبي ولا لروسيا، هذا هو موقفي"، مشيرة إلى تغريدة نشرتها عام 2014.
وهذه المناظرة بين لوبان وماكرون هي الثانية بينهما منذ عام 2017، وتأتي في وقت صعب في ظل بحث المرشحة اليمنية المتطرفة عن أصوات خارج معسكرها المعتاد.
وبعض ناخبي اليسار ولاسيما الذين صوتوا لمرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون الذي جاء في المركز الثالث في الجولة الأولى، متشكّكون أو يميلون إلى الامتناع عن التصويت.
ولا تخلّ المناظرة الرئاسية عادة بتوازنات نوايا التصويت، لكن هذه المرة يمكنها إعادة تعبئة بعض الناخبين و"حشد أصوات أكثر من أي وقت مضى منذ بداية الجمهورية الخامسة" عام 1958 ، بحسب تقديرات بريس تينتورييه نائب المدير العام لمعهد "إبسوس" للاستطلاعات.
مناظرة مهمة
وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة أوبنيان واي-كيا بارتنرز لصالح صحيفة "ليزيكو" في وقت سابق اليوم الأربعاء، أن حوالي 14 % من الناخبين كانوا ينتظرون المناظرة لتحديد من سيصوتون له، بينما قال 12 بالمئة إنهم سيحسمون أمرهم إذا كانوا سيصوتون من الأساس.
وتقدم الانتخابات للفرنسيين رؤيتين متعارضتين لبلادهم، إذ يقدم ماكرون برنامجا ليبراليا مؤيدا لأوروبا، بينما تأسس برنامج لوبان القومي على شكوك عميقة تجاه أوروبا.
وقبل أربعة أيام من موعد الجولة الثانية، لا تزال استطلاعات الرأي تمنح الأفضلية للرئيس المنتهية ولايته بنوايا تصويت تراوح بين 54 إلى 56,5 % مقابل 43 إلى 46% لمنافسته اليمينية المتطرفة، وهي فجوة أضيق بكثير مما كانت عليه عام 2017 عندما فاز ماكرون بنسبة 66 بالمئة من الأصوات.
ذكرى صعبة
وقبل خمس سنوات، ارتبكت لوبان على الهواء مباشرة أمام 16,5 مليون مشاهد للمناظرة السابقة، وبدت عدوانية وغير مستعدة في وجه مرشح شاب هادئ وملمّ بمواضيع النقاش رغم أنّه لم يكن معروفا على نطاق واسع حينها.
لكنّ الزعيمة اليمينية المتطرفة حسّنت أداءها من خلال الإلمام أكثر بملفاتها ولمّعت صورتها وأعدّت نفسها بشكل مكثّف للنقاش خلال مناظرة اليوم.
أما الرئيس المنتهية ولايته فقد صار عليه أن يدافع عن حصيلة ولايته التي شهدت احتجاجات وانتقادات عديدة.