500 عائلة فرنسية تعود للحياة البدائية حفاظا على البيئة
ماجدالين تصنع بنفسها كل المنتجات التي تحتاجها عائلتها يوميا من مساحيق الغسيل والشامبو ومعجون الأسنان والألبان ومساحيق التجميل
تحضر ماجدالين دولوبورت مزيلا لرائحة الجسم يدوي الصنع، مستخدمة زيت جوز الهند وبيكربونات الصوديوم وبضع قطرات من زيوت عطرية، وهي على غرار 500 عائلة أخرى في روبيه شمال فرنسا عازمة على رفع تحدي النفايات المعدومة.
وتؤكد الممرضة (38 عاما) التي انخرطت عام 2016 في هذه المبادرة غير المسبوقة في فرنسا التي اقترحتها البلدية لتشجيع العائلات على خفض نفاياتها غير الخاضعة لإعادة التدوير: "يستغرق ذلك 5 دقائق، فنذوب المكونات ومن ثم نتركها تتجمد".
وباتت ماجدالين تصنع بنفسها كل المنتجات التي تحتاجها عائلتها يوميا من مساحيق الغسيل والشامبو ومعجون الأسنان والألبان ومساحيق التجميل؛ لتتخلص بذلك من كل القوارير والأنابيب.
وتذهب أيضا إلى حد تضفير إسفنجات "تواشي"، مستعينة بأقمشة مستعملة قديمة.
في مطبخها حلت الأوعية الزجاجية مكان الأكياس الصناعية الصغيرة، وتوضح: "بطبيعة الحال يخلف ذلك كمية أكبر من الأواني للغسل، لكني على الأقل أعرف مكونات المنتجات التي أستخدمها".
وحزمت الممرضة أمرها بعدما رأت "حجم سلال المهملات"، وراحت تفكر في مستقبل ابنتيها اللتين تساعدانها في صنع المنتجات.
وتوضح: "عندما نرى كمية البلاستيك والتوضيب المبالغ به في المتاجر الكبرى ندرك أن ثمة مشكلة".
وتقول إنها باتت تشتري السلع غير الموضبة، مشددة على أنها قلصت من الهدر الغذائي أيضا.
وانخرطت ماجدالين في هذه المبادرة بدافع بيئي، إلا أنها أدركت سريعا تأثيرها الاقتصادي أيضا.
وتشدد: "نحن نقتصد 100 إلى 150 يورو في الشهر، وأرغب في مشاركة تجربتي مع محيطي دون ممارسة الضغوط".
وتؤكد: "لا أعتبر أنني أقوم بأشياء استثنائية بل أعود إلى ما كان معتمدا قبل 50 عاما".
أفكار مسبقة
أُطلق البرنامج عام 2014 لمواجهة قذارة المدينة البالغ عدد سكانها 100 ألف نسمة، وتعتبر الأفقر في فرنسا، لمواكبة عائلات متطوعة من خلال ورشات عمل مجانية هدفها خفض النفايات المنزلية بنسبة 50% سنويا.
ويقول رئيس بلدية روبيه جيوم ديلبار: "كنا على قناعة أننا وصلنا إلى نهاية النهج المعتاد، وكان علينا إما أن نعالج الأمر إداريا وإما أن نشرك المواطنين بطريقة مسلية".
وكانت روبيه أول مدينة فرنسية تقوم بمبادرة كهذه، وباتت تتلقى زيارات وفود للاطلاع على تجربتها، وبعد 4 سنوات على انطلاق البرنامج باتت الحصيلة إيجابية بشكل كبير.
ويقول ديلبار: "أصبحنا تقريبا عند مستوى تخفيض بنسبة 50% في العائلات المعنية لا بل 80% أحيانا، مع تأثير فعلي على القدرة الشرائية، لأن بعض العائلات تقتصد 250 يورو شهريا أي 3 آلاف يورو سنويا"، مؤكدا أن المحافظة على البيئة هو هم الجميع.
قبل خوض المغامرة منذ 8 أشهر، كانت أبيجيل شنوت، وهي مدرسة متخصصة في صفوف الروضة، تلقي نظرة خارجية على المبادرة، معتبرة أنها معقدة جدا.
وردا على المنتقدين الذين يعتبرون أن هذه الممارسات تحتاج وقتا طويلا، تقول: "هذه أفكار مسبقة، لا يحتاج الأمر بالضرورة إلى وقت أطول بل الروتين مختلف". وهي غيرت عاداتها وانتقلت من المتاجر الكبيرة بأسعار مخفضة إلى التجار المحليين مع قواريرها وأكياسها المصنوعة من القماش.
وتشدد على أن "سعر الكيلوجرام قد يكون أغلى أحيانا، لكن بما أننا نتناول نوعية أفضل ونستهلك بطريقة أفضل، فالهدر يكون أقل، وأنا بت أفكر كثيرا قبل أن أشتري"، معتبرة "أن الأمر يستحق كل هذا العناء ولن أعود إلى الوراء على ما أظن".
يهدف البرنامج إلى إبراز إيجابيات اقتصاد التدوير، واتسع نطاقه ليشمل نحو 50 من أصحاب المتاجر والمقاصف المدرسية.
ويقول ديلبار: "بات الهدف الآن تغيير السرعة والوتيرة والانتقال من الاختبار إلى التعميم".
aXA6IDMuMTI4LjIwMS4yMDcg
جزيرة ام اند امز