فرنسا تحت المراقبة الصارمة للمركزي الأوروبي.. مخاوف من أزمة ديون جديدة

بينما تعيش فرنسا على وقع أزمة سياسية خانقة بعد سقوط حكومة فرانسوا بايرو وتعيين سيباستيان لوكورنو رئيساً للوزراء، تتحول الأنظار من باريس إلى فرانكفورت.
يراقب البنك المركزي الأوروبي عن كثب تطورات الساحة الفرنسية، وسط مخاوف من أن تؤدي الاضطرابات السياسية والمالية إلى أزمة ديون تهدد استقرار منطقة اليورو بأكملها.
ففي وقت تظهر فيه منطقة اليورو مؤشرات نمو متماسك نسبياً وأرقاماً مطمئنة بشأن التضخم، لا يزال القلق قائماً من احتمال تعرض السندات الفرنسية لموجة بيع حادة بفعل الشكوك السياسية، وهو ما قد يرفع تكاليف الاقتراض ويزعزع الأسواق.
البنك المركزي الأوروبي في حالة ترقب
وقالت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، في تقرير اليوم الخميس، إنه من المقرر أن يجتمع مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت لمناقشة توجهات السياسة النقدية، حيث يتوقع معظم المحللين الإبقاء على الوضع الراهن، مع بقاء سعر الإيداع عند 2%.
لكن على المدى المتوسط، يشكك خبراء اقتصاديون في استمرار هذا الاستقرار، محذرين من أن أي اضطراب في السوق الفرنسية يمكن أن يجبر البنك المركزي على خفض أسعار الفائدة مجدداً.
وفي مقابلة مع إذاعة راديو كلاسيك، لم تخفِ رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاجارد، قلقها من التطورات في باريس، مؤكدة أن: "كل المخاطر المرتبطة بسقوط الحكومات في أي بلد من بلدان منطقة اليورو هي مصدر قلق حقيقي".
المخاطر: كرة ثلج الديون
يحذر خبراء الاقتصاد من أن تجاوز أسعار الفائدة للنمو الاقتصادي قد يؤدي إلى تضخم نسبة الدين العام الفرنسي إلى الناتج المحلي الإجمالي بشكل متسارع، فيما يُعرف بـ"تأثير كرة الثلج".
وقالت الصحيفة الفرنسية إن "الفارق بين السندات الفرنسية والألمانية لأجل عشر سنوات يبلغ نحو 80 نقطة أساس، وهو مستوى مقبول نسبياً، موضحة أنه "إذا ارتفع هذا الفارق إلى 100 نقطة أساس أو أكثر، قد تبدأ الأسواق بالاهتزاز".
من جانبه، قال ألان دوري، كبير الاقتصاديين في بنك Natixis CIB:"إذا تجاوز الفارق 100 نقطة أساس، سيبدأ القلق بالتصاعد. حينها قد يكتفي البنك المركزي بدايةً بإعادة التأكيد على التزامه بحسن سير الأسواق، لكن إذا خرج الوضع عن السيطرة، سيكون عليه التدخل بأدوات أقوى"، وفقاً للصحيفة الفرنسية.
الأدوات المتاحة أمام البنك المركزي الأوروبي
ووفقاً للصحيفة الفرنسية فإن البنك المركزي الأوروبي يمتلك عدة آليات لمواجهة مثل هذه الأزمات، أهمها تعديل وتيرة التشديد الكمي، إذ يسمح برنامج حماية الانتقال بشراء السندات لدعم الدول التي تواجه صعوبات تمويلية خارجة عن إرادتها.
كما يمتلك أيضاً برنامج المعاملات النقدية المباشرة، وهو الأداة التي استُخدمت في أزمة الديون السيادية قبل عقد لشراء سندات إيطاليا واليونان وإسبانيا والبرتغال.
ورغم أن برنامج حماية الانتقال لم يفعل فعلياً بعد، فإنه ساهم في طمأنة الأسواق حيال إيطاليا عام 2022. غير أن شروط الاستفادة منه صارمة، أبرزها الحفاظ على مسار مالي مستقر وسياسات اقتصادية مستدامة، وهو ما يجعل فرنسا حالياً في موقف حرج، وفق خبراء مركز "ريكسود".
دلالات سياسية واقتصادية
واللافت أن المخاوف من فرنسا ليست مرتبطة بغياب الموازنة بحد ذاته، بل بمدى قدرة الحكومة الجديدة على طمأنة المستثمرين ومنع "الانفلات المالي".
بدوره، قال الخبير الاقتصادي شارل-هنري كولومبييه: "ما يخشاه المستثمرون ليس غياب الموازنة – الذي قد يكون إيجابياً أحياناً – بل الخوف من انفلات السياسة الاقتصادية. الكرة الآن في ملعب لوكورنو لطمأنتهم".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI0IA== جزيرة ام اند امز