اليمين الفرنسي.. رحلة البحث عن مخرج بعد نكسة الانتخابات الرئاسية

ما زال اليمين الفرنسي يبحث عن مخرج من أزمات متتالية عقب نتائجه الكارثية في الانتخابات الرئاسية السابقة، بالإضافة إلى ملاحقات قضائية وخصومات داخلية.
ويحاول اليمين الفرنسي في كل الاتجاهات، سواء الاتجاه إلى أقصى اليمين أو الارتكاز في الوسط أو حتى التحالف مع الرئيس إيمانويل ماكرون.
وفي خضم تلك الأزمات يختار حزب "الجمهوريين"، وريث الأحزاب الديجولية التي هيمنت على الحياة السياسية الفرنسية على مدى عقود، رئيسا جديدا له في انتخابات تجري دورتها الأولى اليوم السبت وغدا الأحد.
وقال إيميليان هوار فيال المختص في السياسة بمعهد العلوم السياسية "سيانس بو" لوكالة فرانس برس إن اليمين في البرلمان "لعب في الأشهر الأخيرة دورا لم يأمل به كثيرا تجاه الغالبية الرئاسية، لكن على الصعيد الانتخابي، وضع اليمين كارثي".
واعتبر أن اليمين مشتت بين يمين ليبراليّ معتدل لم يعودوا يجسّدونه، وقطب يميل أكثر إلى القومية والهوية.
وقال "في كل من هذين الاتجاهين، ثمة من بات يعتبر أكثر كفاءة ومصداقية منهم، كما أنه لم يحدث منذ 5 سنوات أي تجديد أيديولوجي لإعادة بناء مشروع مبتكر".
وانعكس هذا التقهقر، على نتائج مرشحة اليمين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة فاليري بيكريس التي خرجت من الدورة الأولى محققة أدنى نتيجة تاريخية بحصولها على 4,78% فقط من الأصوات، ما أرغمها على توجيه نداء لجمع التبرعات حتى تتمكن من تسديد نفقات حملتها، إذ ينص القانون الفرنسي على إعادة تسديد نسبة ضئيلة جدا من هذه النفقات للمرشحين الذين يحصلون على أقل من 5% من الأصوات.
كما لم يبرز مرشحو "الجمهوريين" في الانتخابات التشريعية في يونيو/حزيران الماضي، حين تراجع عدد مقاعدهم في الجمعية الوطنية من 112 إلى 61.
عدد الأعضاء يتراجع
وأثرت هذه النكسات والأزمات المتتالية على عدد أعضاء الحزب الذي تراجع إلى حوالي 91 ألفا، بعدما كان "الاتحاد من أجل حركة شعبية"، التسمية السابقة للحزب، يضم 250 ألف عضو في 2010.
كما خسر حزب "الجمهوريين" بعض كوادره الذين انضموا إلى الغالبية الرئاسية الوسطية، أو التحقوا باليمين المتطرف سواء في صفوف التجمع الوطني أو خلف إريك زمور.
ويقضي التحدي خلال الأشهر المقبلة بإعادة تعويم حزب في انهيار منذ سنوات، وتحديد خط معارض مسؤول يصطف خلفه، في وقت يدعو ماكرون اليمين إلى تحالف سياسي، أقلّه لإقرار بعض النصوص المتعلقة مثلا بإصلاح نظام العمل ونظام التقاعد والهجرة والطاقات المتجددة وغيرها من المواضيع.
غير أن تقاربا كهذا ينطوي على مجازفة، وقال الخبير السياسي جان دانيال ليفي لوكالة فرانس برس "إنهم في وضع لم يعد لديهم فيه تمايز كافٍ لفرض توازن قوة أيديولوجي وسياسي" مع الغالبية الرئاسية.
3 مرشحين
ويتنافس ثلاثة مرشحين لرئاسة "الجمهوريين"، أوفرهم حظا هو النائب عن مقاطعة الألب البحرية إريك سيوتي (57 عاما) المؤيد لخط متشدد حول الهجرة في وقت باتت هذه المسألة من مواضيع الساعة في فرنسا، غير أن البعض يخشون أن تتسبب مواقفه اليمينية المتشددة بموجة خروج من الحزب وخاصة بين المسؤولين المنتخبين، كما يبدون مخاوف بشأن العلاقات مع الحلفاء الوسطيين.
المرشح الثاني هو رئيس كتلة "الجمهوريين" في مجلس الشيوخ برونو روتايو (62 عاما) الذي يقدم نفسه باعتباره "الشخصية الجامعة".
وحصل روتايو في وقت مبكر من الحملة على دعم بين المسؤولين المنتخبين، وهو يحظى بصورة أكثر اعتدالا بالرغم من مواقفه المحافظة، وتبنى نبرة حازمة جدا حيال الهجرة.
أما المرشح الثالث فهو أوريليان برادييه، النائب عن مقاطعة لوت (جنوب غرب) والمسؤول الثالث في الحزب، ويظهر كثيرا في إعلان مواقف مخالفة لمواقف عائلته السياسية، خاصة في مسائل جوهرية مثل تأخير سنّ التقاعد، مستخدما نبرة شديدة.
ووسط التوتر القائم بين المرشحين الثلاثة، عكرت مسألة قضائية جديدة نهاية الحملة، مع فتح النيابة الوطنية المالية تحقيقا أوليا إثر ورود مقالات صحفية تفيد بأن زوجة إريك سيوتي السابقة شغلت عدة وظائف على مدى حوالي 10 سنوات.
وتعيد هذه المسألة إلى الذاكرة فضيحة وظائف وهمية وقعت في 2017 وأطاحت بمرشح الجمهوريين للانتخابات الرئاسية آنذاك فرنسوا فيون في وسط حملته.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTQ5IA==
جزيرة ام اند امز