شوبان.. موهبة عبقرية تحدت المرض لتنتج موسيقى عالمية
الموسيقار البولندي فريدريك شوبان ولد لأسرة تهوى الفن وقاوم مرضا رافقه منذ صغره، ليقدم ما يزيد على ٢٣٠ مقطوعة موسيقية من تأليفه.
39 عاما كانت كافية ليخلد التاريخ اسمه كأفضل موسيقيي العالم وألمع فناني الحقبة الرومانسية في أوروبا وليتردد صدى موسيقاه في أهم المسارح حتى بعد ما يزيد على 200 عام منذ أن عزف مقطوعته الأولى، إنه الملحن الشهير وأسطورة الموسيقى البولندي فريدريك شوبان.
ولد شوبان عام 1810 في قرية زيلازوفافول، غرب العاصمة البولندية وارسو، لأسرة عشقت الموسيقى وامتهنتها، فوالده نيكولاس شوبان كان عازفا للناي والكمان، أما والدته فقد كانت عازفة ومعلمةً للبيانو، وما أن بلغ شوبان 6 أشهر حتى انتقل والداه إلى العاصمة وارسو، حيث عمل والده مدرّسا للغة الفرنسية ودرّست والدته البيانو.
وتميز بموهبة موسيقية عبقرية فرضت نفسها في عمر مبكر جداً، ففي الـ7 من عمره كان قادرا على عزف ما تردد على مسامعه حين كان طفلا يشهد دروس والدته في العزف، لتقوم التشيكية فويتشخ زفني بصقل موهبته وتدريبه على العزف، والتي كانت أولى معلماته المحترفات، وما لبث أن ألّف أولى مقطوعاته عام 1817 وأهدى الثانية لمعلمته عام 1821.
التحق شوبان بمعهد وارسو الموسيقي عام 1823، وتعلم فيه العزف على عدد من الآلات الموسيقية، ودرس النظريات الموسيقية وألّف مقطوعات مميزة وشارك بعدد كبير من الحفلات.
ولشوبان ما يزيد على 230 عملاً موسيقيا، جذبت ناشري الموسيقى في عصره وسحرت جماهير كبيرة من معجبيه وألهمت أجيالا من مؤلفي الألحان والمقطوعات، وتم تسجيلها من قبل أعظم موسيقيي العالم على مدى 200 عام منذ تاريخ مولده حتى يومنا هذا.
معاناة مبكرة مع المرض
حين كانت الظروف بمجملها مشجعة وداعمة لنجاحه، كانت صحة شوبان عدوه الأول، فقد رافقه المرض منذ مراحل مبكرة من حياته، وعانى من ضعف في بنيته كما تكررت إصابته بأنواع عدة من الأمراض.
وخلال ظروفه الصعبة، كانت علاقته بالروائية جورج ساند هي الجانب المضيء من حياته، حيث أثْرى ارتباطه بها مسيرته المهنية وألّف خلال فترة ارتباطهما أجمل ألحانه، لما عاشه من استقرار نفسي بجوارها، إلا أن مرضه كان سببا لتدهور علاقتهما التي استمرت 10 سنوات وانتهت قبل سنة من وفاته.
وبدلا من أن يكون الطب سبيلا لخلاص شوبان مما عانى منه من أمراض، كانت أساليب العلاج المتبعة لعلاج أعراضه قبل ما يزيد على 200 عام مصدراً آخر لمعاناته المزمنة، ويذكر كتاب The Disease of Chopin أن الموسيقار الشهير خضع لسلسة من العلاجات المؤلمة والمزعجة في مراحل عدة من حياته، إضافة لإجراءات طبية لم تأخذ سلامة المريض بعين الاعتبار، كما صادف في حياته فترة حرجة من تاريخ فرنسا، التي انتقل إليها عام ١٨٣٥.
وقاوم شغف شوبان بالموسيقى ضعفه الجسدي، فحتى حين أصيب بمرضه الأخير، قاوم أوجاعه وقام بجولة في بريطانيا بدعوة من طالبته جين ستيرلينج، وقدم عروضا في كل من أدنبرة وجلاسكو، لتشهد قاعة جيلدهول في لندن عرضه الأخير.
وفاته
عاد شوبان من جولته إلى باريس وتوفي فيها بعمر الـ39 عام 1849، ليدفن فيها دون قلبه، الذي أوصى بنقله إلى وارسو، حيث وضع ضمن نصب تذكاري في كنيسة في مدينته الحبيبة وارسو، والذي لا يزال حتى اليوم يحظى باهتمام العلماء الذين يتوقون لمعرفة المرض الحقيقي المسبب لوفاته.
رمز وطني
تفخر كل من فرنسا وبولندا بنجاح الموسيقار العظيم، حيث أفردت العاصمة البولندية متحفاً خاصة لشوبان، وأعيد ترميمه قبل 9 سنوات بتكلفة وصلت لـ٢٠ مليون يورو، كما تم تسمية مطار العاصمة وارسو باسمه، ليكون رمزا وطنيا لها وأول ما يسمعه الزائر لتلك البلاد.
aXA6IDE4LjExNy43OC44NyA= جزيرة ام اند امز