الجيش الفرنسي يضع أجندة أولوياته أمام ماكرون الجمعة
استراتيجية جديدة لتعديل ترتيب الأولويات العسكرية فيما يخص عمليات الجيش الفرنسي بعد تزايد مخاطر الإرهاب والصراعات الدولية
تكشف فرنسا، الجمعة القادمة، أولوياتها الاستراتيجية العسكرية الجديدة، بعد تعاظم خطر الإرهاب والتطورات في ملفات كوريا الشمالية والعلاقات مع روسيا وانتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
واليوم الأربعاء، سيناقش مجلس الدفاع "التقرير الاستراتيجي للقوات المسلحة" قبل أن يسلمه الجمعة إلى الرئيس إيمانويل ماكرون.
وتحدد الوثيقة الواقعة في 50 صفحة "المصالح والأولويات الاستراتيجية" لفرنسا على ضوء البيئة الجيوسياسية "الحالية والمرتقبة"، بحسب ما أوضح مصدر مطلع على الملف.
وهذا التقرير الاستراتيجي هو تحديث لـ"الكتاب الأبيض للدفاع والأمن القومي" الذي أقر عام 2013 في عهد فرنسوا هولاند، بعد سلسلة الاعتداءات الإرهابية التي هزت فرنسا وأوروبا السنتين الماضيتين.
وبحسب مصدر دبلوماسي فإنه منذ ذلك الحين، تبدل حجم التهديد الإرهابي وازدادت المخاطر الروسية والمخاطر الإلكترونية وتضاعف "الغموض المرتبط ببعض الشركاء الأساسيين"، خاصة مع اختيار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي ووصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وبعدما أبقى ترامب الغموض مخيما حول الالتزامات الأمريكية في أوروبا، يهدد اليوم بالانسحاب من الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، ولو أدى ذلك إلى تصعيد مخاطر انتشار الأسلحة النووية من جديد، كما يتوعد بـ"القضاء تماما" على كوريا الشمالية التي تتحداه يوميا.
كذلك سيكون الدفاع الأوروبي في صلب هذه التحديات بعدما جعل منه ماكرون إحدى أولوياته.
الإرهاب الخطر الأكبر
وسبق أن قال ماكرون في 13 يوليو/تموز الماضي إن "الظاهرة الإرهابية تشكل اليوم الخطر الأكثر جلاء ووضوحا".
غير أنه أضاف: "لكنها ليست إطلاقا التهديد الوحيد. فظهور سياسات قوة والتأكيد عليها يبعثان مخاطر بأننا نشهد اشتعال العالم من جديد"، في تلميح إلى دول مثل روسيا والصين وإيران.
وفي حال التصديق على الوثيقة الجديدة بعد عرضها على ماكرون، فإنها ستكون المحدد للمهام المقبلة للقوات المسلحة، خاصة في الخارج.
وينتشر الجيش الفرنسي في أماكن عدة بالخارج، خاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا، كما أضيفت له مهام أخرى في الداخل بعد نزول ما بين 7-10 آلاف جندي إلى الشوارع لمساعدة الشرطة في تأمين الأماكن الهامة لمواجهة العمليات الإرهابية.
وأدى تزايد هذه المهام والأعباء إلى ظهور مطالب بإعادة تقييم المشاركات الفرنسية في الخارج، بحيث يكون الجيش أقل تواجدا.
فبالنسبة لأفريقيا على سبيل المثال، تود فرنسا أن تتولى دول أفريقية -بها قوات فرنسية- الدفاع عن نفسها بشكل تدريجي بعد تأهيل جيوشها بما يلزم.
غير أن هذا لن يعني انسحابا فرنسيا عسكريا تاما من هذه الدول.
وفي ذلك قالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي، الجمعة الماضية، لإذاعة "فرانس إنتير" إنه "من المستحيل على الأرجح اليوم أن نتصور انسحابا من عملية برخان".
وتابعت "في المقابل، إننا نشطون جدا مع شركاء أوروبيين آخرين، لتمكين هذه الجيوش (المحلية) من امتلاك المعدات والتجهيزات التي تحتاج إليها".
وعملية "برخان" تطلق على المهمة العسكرية التي تقوم بها فرنسا في موريتانيا ومالي وبوركينافاسو والنيجر وتشاد على الساحل الغربي لإفريقيا تحت لافتة مكافحة الإرهاب ودعم جيوش هذه الدول.
في المقابل، فإن انهيار تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا سيعطي فرنسا هامش تحرك للحد من وجودها العسكري في هذه المنطقة.
برمجة الإنفاق العسكري
واستنادا إلى "التقرير الاستراتيجي"، سيتم إصدار "قانون لبرمجة الإنفاق العسكري" في النصف الأول من العام 2018، يحدد الوسائل المخصصة للقوات المسلحة للفترة 2019-2025 بموجب المهام الموكلة إليها.
ووعد ماكرون بزيادة ميزانية القوات المسلحة بـ1,7 مليار يورو في السنة خلال ولايته، لرفع المجهود الدفاعي إلى 2% من إجمالي الناتج الداخلي بحلول 2025، ليصل إلى 50 مليار يورو بالمقارنة بـ 32 مليار حاليا.
وعلق الجنرال فينسان ديبورت، الأستاذ في جامعة العلوم السياسية الفرنسية، على هذا الأمر بقوله: "ما يمكن أن نأمله من هذا التقرير هو إعادة ترتيب المهام والمواءمة بين المهام والوسائل".
وأبدى أسفه لـ"مضاعفة المهام بدون زيارة الوسائل بصورة موازية" خلال السنوات الأخيرة.
كما دعا إلى "تقليص" المهام و"بقعة تحرك" الجيش الفرنسي لما هو في المصلحة "الآنية" للبلاد "أي جنوب حوض المتوسط وأفريقيا".
وفي حال لم يتم ذلك، يحذر بأن فرنسا ستواجه "صعوبة في التوصل إلى استعادة قوة" الجيش الفرنسي بما يحقق هدف الرئيس المعلن.