المحار الفرنسي ضحية جديدة للاحترار المناخي
توقعات خبراء المناخ تشير إلى أن حالات موت الحيوانات المائية التي تحصل حاليا بوتيرة مرة كل 10 سنوات قد تسجل بواقع مرة كل عامين في 2035
يدفع قطاع تربية المحار في فرنسا فاتورة باهظة جراء التغير المناخي، بفعل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة وتفشي الفيروسات، ويبدي العاملون في المجال خشية على استمراريتهم.
ويقول مربي المحار، المتحدر من منطقة بريتاني الفرنسية، ماتيو لومومال "قبل عقدين.. عندما كنا نحضر الطلبيات للأعياد كنا نشعر ببرد قارس داخل المشغل، أما اليوم فمستوى الحرارة هو 15 درجة مئوية".
ويضيف "نحن في حاجة إلى الشتاء لأن المحار ترتاح في هذا الموسم وتنفق طاقة أقل".
في هذه المنطقة، حيث تنتشر مواقع تربية المحار عند مرتفعات خليج كانكال في غرب فرنسا، يأسف العاملون في القطاع إزاء "موسم الجفاف الطويل خلال الصيف".
ويقول برتران راسين "لم تهطل أي أمطار، لا هنا ولا في النورماندي"، لافتاً إلى أنه في غياب الأمطار اللازمة لنقل الأملاح المعدنية إلى البحر "لا توجد الأطعمة الرئيسية للمحار، ما يعني أنها لن تنمو".
وبنتيجة ذلك "ثمة نقص في أنواع المحار الفاخرة"، حسب هذا المربي الذي يبيع أكثرية إنتاجه السنوي في ديسمبر/كانون الأول.
وحسب اللجنة الوطنية لتربية الأصداف في فرنسا، طرحت الشركات الفرنسية الـ4500 العاملة في القطاع 100 ألف طن من المحار في 2017، في مقابل نحو 5 آلاف يورو للطن.
ويوضح الباحث في المعهد الفرنسي للبحوث بشأن استغلال البحار في بريست فابريس بيرنيه أن "المحار له حساسية فائقة إزاء الأوضاع البيئية المحيطة به".
ويشير العالم إلى أن ارتفاع درجات الحرارة في المستقبل سيساعد على تفاقم المشكلات التي تطول المحار.
ومنذ 2008، تزداد حالات النفوق لدى المحار الصغير، وقد فقد ما يصل إلى 75% من هذه الحيوانات المائية في بعض السنوات، وعادة ما تلقي الدراسات باللائمة في هذا الوضع لفيروس "أو أس اتش في 1" غير المؤذي للإنسان والمنتشر منذ 1991، رغم تراجع قوته في الآونة الأخيرة دون أسباب معروفة.
ويقول بيرنيه إن هذا الفيروس يكون شديد الفتك "في مياه تراوح حرارتها بين 16 درجة و24"، أي "في 4 إلى 6 أشهر سنويا" في غرب فرنسا.
كما أن فيروسات جديدة قد تظهر مدفوعة بهجرة أجناس من الجنوب نحو الشمال وفق بيرنيه.
ويلفت الباحث إلى أن ازدياد حموضة المحيطات الذي يرغم المحار على "إنفاق طاقة أكبر" لصنع أصدافها يسهم في إضعافها، كذلك الأمر مع تراجع التنوع الحيوي الذي "يجعل الأنظمة البيئية أقل مقاومة".
كما أن المحار البالغ ليس في حال أفضل، إذ إن أعداداً كبيرة منها قضت منذ التسعينيات، خصوصاً في 2013 بفعل تفشي فيروس آخر.
ويقول الباحث في معهد البحوث بشأن التنمية يوان توما "لقد سجلنا مراحل موت قصوى (أكثر من 25% من المحار) بعد بضعة أشهر من فصول شتاء دافئة وغزيرة الأمطار".
وتشير توقعات خبراء المناخ في الأمم المتحدة إلى أن هذه الظروف المناخية ستسجل بشكل متكرر، كما أن حالات الموت الزائدة للحيوانات المائية التي تحصل حاليا بوتيرة مرة كل 10 سنوات، قد تسجل بواقع مرة كل عامين بحلول 2035، ثم بشكل سنوي بحلول 2100، في حال عدم بذل أي جهد لاحتواء الاحترار المناخي.