لماذا نشعر بـ«القشعريرة الجمالية» أثناء الاستماع إلى الموسيقى؟
هل شعرت يومًا بقشعريرة تسري في جسدك أثناء الاستماع لمقطوعة موسيقية مؤثرة؟ هذا الإحساس، المعروف باسم Frisson أو "القشعريرة الجمالية"، يعبر عن استجابة جسدية فريدة لموجات من المتعة العاطفية.
ورغم ارتباط القشعريرة الجمالية بالموسيقى بشكل أساسي، فإنه قد يحدث عند مشاهدة أعمال فنية أو مشاهد سينمائية عاطفية، وأحيانًا خلال تفاعلات إنسانية عميقة.
ما هو المحفز الأقوى للقشعريرة؟
وفقًا لدراسة أجراها ميتشل كولفر وزملاؤه في جامعة شرق واشنطن، تُعد الموسيقى المحفز الأكثر شيوعًا للقشعريرة الجمالية.
وأوضح الباحثون أن التغيرات المفاجئة في الإيقاع أو اللحن، مثل دخول جوقة موسيقية بشكل غير متوقع أو تصاعد تدريجي نحو ذروة اللحن، تلعب دورًا أساسيًا في استثارة هذه الاستجابة.
دور سمات الشخصية في الشعور بـ"Frisson"
تشير الأبحاث إلى أن الأفراد الذين يتمتعون بسمات شخصية مثل "الانفتاح على التجربة" أكثر عرضة للشعور بهذه القشعريرة. وتتميز هذه السمة بخيال واسع، وتقدير للجماليات، ورغبة في خوض تجارب جديدة.
ومع ذلك، لا تعتمد القشعريرة الجمالية على العاطفة وحدها؛ بل تلعب العوامل المعرفية، مثل توقع اللحن والانغماس في أحلام يقظة أثناء الاستماع، دورًا كبيرًا في ظهورها.
القياس العلمي لظاهرة القشعريرة
تم توثيق الارتباط بين القشعريرة والنشاط الفسيولوجي باستخدام جهاز قياس الاستجابة الجلدية الكهربائية (Galvanic Skin Response)، وخلال الدراسة، استمع المشاركون إلى مقطوعات موسيقية مثل أعمال باخ وتشوبان وهانز زيمر، وطُلب منهم الإشارة إلى لحظات شعورهم بالقشعريرة.
أظهرت النتائج ارتفاع النشاط الفسيولوجي أثناء هذه اللحظات، خاصة لدى من يتمتعون بسمات شخصية منفتحة على التجربة. مما يشير إلى علاقة مباشرة بين التركيبة الشخصية والنشوة الجلدية.
الأصول التطورية أو استجابة جمالية؟
يرى بعض العلماء أن القشعريرة بدأت كاستجابة تطورية لتنظيم حرارة الجسم لدى أسلافنا الأكثر شعرًا.
ومع تطور الإنسان، تحولت هذه الاستجابة لتتصل بالجوانب الجمالية مثل الفن والموسيقى.
دور الدماغ في ظاهرة القشعريرة
في دراسة أجرتها جامعة جنوب كاليفورنيا (USC)، نُشرت في دورية Social Cognitive and Affective Neuroscience، تبين أن الأشخاص الذين يشعرون بالقشعريرة بسبب الموسيقى يمتلكون أدمغة ذات روابط عصبية أكثر قوة بين القشرة السمعية ومناطق الدماغ المرتبطة بالمشاعر.
ووفقًا لماثيو ساكس، الباحث الرئيسي، فإن هذه الروابط العصبية تعزز معالجة الدماغ للموسيقى والمشاعر، مما يجعل التجربة الموسيقية أكثر تأثيرًا وعاطفية.
تجربة شخصية مع القشعريرة الموسيقية
أليسا دير سركيسيان، الباحثة في معهد الدماغ والإبداع بجامعة جنوب كاليفورنيا، وصفت شعورها بالقشعريرة أثناء الاستماع إلى أغنية Nude لفرقة Radiohead:
"شعرت وكأن تنفسي يتناغم مع اللحن، ونبضات قلبي تهدأ، بينما أستوعب المشاعر العميقة التي تنقلها الأغنية."
الموسيقى كعنصر ثقافي لا غنى عنه
رغم أن القشعريرة قد لا تحمل فائدة تطورية واضحة، فإنها تُبرز تطور تقدير الإنسان للجماليات.
ويرى العلماء أن الموسيقى، كعنصر ثقافي، لها تأثير عميق على المراكز العاطفية والاجتماعية في الدماغ، ما يجعلها جزءًا لا غنى عنه في حياتنا.
المصادر:
- موقع (Since Alert).
- موقع (IfL Science).