من باريس إلى غلاسكو.. العالم أمام حالة "طوارئ" مناخية
انطلق أمس الأحد، مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي "كوب 26"الذي يعقد في غلاسكو، بمشاركة أكثر من 190 دولة.
يأتي ذلك فى الوقت الذي خرجت فيه العديد من الكوارث عن دائرة الأزمات التقليدية، تجلت فى أبهى صورها فى العامين الماضيين، إثر تفشى وباء كورونا، والذى ساهم فى اهتزاز الثقة العالمية، وخاصة في قدرات العديد من القوى الدولية، باعتبارها الكيانات القادرة على حماية النظام العالمي من المخاطر التي تهدده.
إن اهتزاز الثقة العالمية جاءت في ظل حالة العجز التي لاحقت القوى الكبرى، سواء الولايات المتحدة أو دول أوروبا، في التعامل مع الأعداد الكبيرة فى الإصابات في الداخل.
ولم تكن أزمة كورونا، الأولى من نوعها التي يشهدها العالم، في الإطار غير التقليدي للأزمات الدولية، في ظل تجاوزها للنطاق الزمني أو الجغرافي المعهود.
فقد سبق ذلك أزمة التغيرات المناخية، والتي تعد بمثابة الشغل الشاغل للعالم في المرحلة الراهنة، بسبب ما أسفرت عنه من كوارث كبيرة، تجلت في صورة عواصف وفيضانات، بينما تبقى التداعيات الأشد وطأة في الطريق، في حالة فشل المجتمع الدولي، في اتخاذ خطوات حاسمة من شأنها مجابهة الظاهرة الخطيرة.
- مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021.. تغطية خاصة
- من إيبولا إلى هانتا والملاريا.. أمراض نشرتها تغيرات المناخ
وفي ظل الانقسام الراهن حول الالتزام بتقليص الانبعاثات الكربونية، سواء بين الدول المتقدمة والنامية، وهو الانقسام الذي ظهر قبل أكثر من عقد من الزمان من جانب، أو حالة التشرذم بين معسكر القوى الكبرى، في ظل مواقف متعارضة تجاه القضية، بدأت منذ الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة الرئيس السابق دونالد ترامب، والذي قرر الانسحاب من اتفاقية باريس المناخية.
وهنا يصبح العالم أمام حالة "طوارئ" متعددة الأبعاد، في ظل صراع يتجلى بعده الأول في المخاوف الكبيرة إثر موجات الذعر المترتبة على تداعيات التغير المناخي، والتي تأتي في إطار تكشير الطبيعة عن أنيابها بعد عقود طويلة من سياسات الإهمال والاستنزاف التي مارستها دول العالم، لتحقيق التنمية دون النظر إلى مستقبل الأجيال القادمة جراء ما اقترفته البشرية استجابة لأطماعها المرحلية.
ربما لم يكن وباء "كوفيد19" المتغير الوحيد الذي فرض ما يمكن تسميته بـ"حالة طوارئ" طبيعية، فهناك ظاهرة التغير المناخي، والتي تعد أقدم من الفيروس بعدة سنوات، حيث تكمن خطورتها في كونها شاهداً مهماً على فشل المجتمع الدولي في توحيد المواقف، وحشد الجهود لمكافحته، عبر تقليص الانبعاثات الكربونية.
يأتي ذلك في الوقت الذي تواصل فيه الدول جهودها لتحقيق أطماعها التنموية على حساب الأجيال القادمة، وهو الأمر الذي لم يقتصر في حقيقته على بدايات الأزمة، وإنما امتد حتى السنوات الأخيرة، عندما أقدم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على الانسحاب من اتفاقية باريس المناخية، في خطوة أثارت مزيدا من الانقسام الدولي.
إن مفهوم "الطوارئ المناخية" تم الإعلان عنه صراحة من قبل الحكومة النيوزلندية، حيث أعلنت عنه رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن في ديسمبر 2020، وكان ضرورة لاتخاذ العديد من الإجراءات، لاحتواء أزمة التغيرات المناخية، والتي باتت تؤرق قطاعا كبيرا من سكان العالم إثر تداعياتها الخطيرة، في إطار ما اعتبرته متجاوزا أكثر الحروب التاريخية احتداما، وهو ما يشكل أزمة حقيقية للأمن العالمي، وهو ما يبدو واضحا في الاهتمام الأممي بالقضية، سواء على المستوى الجمعي، متمثلا في الأمم المتحدة، أو على المستوى الفردي للدول.
وجاء انعقاد قمة غلاسكو لإعادة النظر في الخطط المعتمدة حتى الآن بشأن الإبقاء على ارتفاع درجة حرارة الأرض، في نطاق أقل من 1.5 درجة مئوية حتى نهاية القرن، التزاماً باتفاقية باريس للمناخ.
ويأتي انعقاد القمة وسط تحديات غير مسبوقة لتغير المناخ ظهرت في الكوارث الطبيعية التي عصفت بمناطق عدة حول العالم في وقت سابق من 2021.
aXA6IDMuMjEuMjQ3Ljc4IA== جزيرة ام اند امز