كيف لمدعى الجبروت أن يتحولوا إلى كائنات هشة تعترف على بعضها البعض؟
كدفقة شلال تحليلى ومعلوماتي، كان كتاب المفكر اليسارى الأشهر د. رفعت السعيد الذى دفع إلينا به من أيام بعد أن أصدرته الهيئة المصرية للكتاب «الإرهاب المتأسلم.. حسن البنا وتلاميذه من سيد قطب إلى داعش»، وأراد د. رفعت ـ عبر صفحات كتابه ـ أن يقود الناس كعادته إلى المعرفة، فنزع إلى تفكيك الظاهرة التى هو بصدد تحقيقها ثم عمد إلى تركيبها من جديد حتى ترسخ فى الوعى العام جُل المعنى الذى تقصاه واستهدفه.
الكتاب يدور حول التنظيمات السرية الإرهابية المتأسلمة التى راح الإخوان ومن لف لفهم يطلقونها على المسرح السياسى عبر عهود ـ لتلعب أخطر وأحط الأدوار، وعلى اهتمامى البالغ بكل صفحات الكتاب، فإننى سأركز ـ هنا ـ على ما أورده د. رفعت عن «جماعة الجهاد.. حماس بلا عقل»، إذ يعمد فيه إلى نشر تحليل اعترافات المتهمين فى قضية تنظيم الجهاد عام 1982 وبتأمل دراسة اعترافات قيادات جماعة الجهاد على بعضهم البعض سنجد أن كلا منهم قد حكى كل ما يعرف عن الجماعة وتأسيسها وقياداتها وأهدافها وما ارتكبه كل فرد من جرائم بحيث يمكن القول إن مجمل هذه الاعترافات يشكل التاريخ الحقيقى والأكثر دقة لجماعة الجهاد.. هذه الاعترافات ـ يراها د. رفعت ـ «تنم عن ضعف وتخاذل إرهابيين استسهلوا قتل البشر وإراقة أنهار من الدماء واستحلوا الأموال وكفروا المسلمين.. ثم لما وقعوا فى قبضة الأمن تحولوا إلى كائنات منهارة تعترف على بعضها البعض دون أى إحساس بالكرامة!».
ومقارنة هذا الوصف بما أورده د. رفعت فى موضع آخر «هو المراجعات خدعة أن تراجع» مستعرضا التلاعب بالألفاظ كسمة رئيسية لفكر الجهاد وهو يقوم على الإرهاب الذى يستأسد أصحابه على المجتمع ويرهبونه باستخدام العنف.
كيف لمدعى الجبروت أن يتحولوا إلى كائنات هشة تعترف على بعضها البعض؟
الإجابة على هذا السؤال تطلبت بحثا استغرق 285 صفحة من الحجم الكبير واشتمل أسماء بينها حسن البنا وسيد قطب وحسن الهضيبى وصلاح شادى وعبدالرحمن السندى وشكرى مصطفى وصالح سرية وعبود الزمر وطارق الزمر وعزة إبراهيم الدورى ود. كمال السعيد حبيب ويطرح أسئلة مثل: إلى من ينتمى داعش إلى البعث أم إلى CIA أم إلى المتشددين الإسلاميين؟.. ويندهش ويدفعنا إلى الدهشة قائلا: إن مبادرة وقف العنف لقيت ترحيبا من المسئولين والإعلاميين وبعض رجال الدين بما فتح السبيل أمام ألغام قابلة للإنفجار.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة