أسعار البنزين في السودان.. وطن يكافح ومواطن يئن
خوفُ وقلق هما السائدان في الشارع السوداني صبيحة تطبيق زيادات ضخمة على أسعار الوقود بالسودان، ترقبا لفصل جديد من الغلاء.
وارتفعت وتيرة القلق مع توقعات الخبراء بأن تؤدي الأسعار الجديدة للوقود إلى ما وصفوه بـ"بتوقف عجلة الاقتصاد السوداني" إثر شلل محتمل سيصيب القطاعات الإنتاجية والنقل.
في مقابل ذلك فإن ثمة من يتفاءل بهذه التدابير بوصفها مدخلاً سليماً لإزالة تشوهات الاقتصاد الناجمة عن الدعم السلعي وصولاً لاستقرار مستدام، فضلاً عن أن هذه الإصلاحات ستقود إلى إكمال اندماج السودان في مجتمع التنمية العالمي.
- أسعار جديدة للوقود في السودان.. تعرف عليها
- المزاد الثالث.. "المركزي السوداني" يبيع الدولار بـ395 جنيها لـ174 عميلا
وطرأت زيادات طفيفة على أسعار السلع والخدمات وقطاع النقل والمواصلات رغم تطبيق زيادة كبيرة على الوقود في محطات الخدمة وفق متابعات "العين الإخبارية"، لكن التوقعات تشير إلى أن انعكاسات هذا القرار ستظهر مع بداية الأسبوع المقبل.
أسعار الوقود الجديدة في السودان
وبلغ زيادة أسعار الوقود مستوى خرافي حسب توصيف خبراء، قارب الـ100%، إذ بلغ سعر لتر البنزين 290 جنيهاً بدلاً عن 150 جنيه، فيما صعد سعر لتر الجازولين إلى 285 جنيهاً بعد أن كان في حدود 125 جنيها في السابق.
ووصف الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير هذه الزيادات بالكارثة وأنها ستلقي بمزيد من التعقيد للأوضاع المعيشية في السودان والمتدهور أصلاً قبل صدور قرار رفع أسعار المواد البترولية، قائلاً "هذا أمر لا يطاق".
وأبدى الناير خلال حديثه لـ"العين الإخبارية" خشيته من أن يؤدي هذا القرار إلى توقف عجلة الاقتصاد السوداني تماما، نتيجة شلل سيصيب القطاعات الإنتاجية والنقل، لافتاُ شكك في جدية الدولة لتخصيص دعم للمحروقات المستخدمة في الزراعة.
وأضاف أن "زيارة أسعار الوقود ستجعل الشرائح الضعيفة والتي تشكل 80% من سكان السودان، غير قادرة على الحياة فهي لا تستطيع الوفاء بالاحتياجات اليومية في ظل الغلاء الطاحن المحتمل".
زيادة الأسعار
وأشار إلى أن ما حدث يمثل زيادات في أسعار الوقود تماشيا مع سعر الصرف وتراجع قيمة الجنيه ولم يكن تحريرا او رفع دعم، قائلا "سنتفاجأ بعد أيام بزيادات جديدة".
من جانبه، أعتبر الخبير الاقتصادي أحمد خليل أن رفع سعر الوقود والتخلص من الدعم الموجه إليه من الدولة قرار صحيح أتى في التوقيت الخاطئ، فهي تمثل المدخل السليم لإزالة تشوهات الاقتصاد الناجمة عن الدعم السلعي وصولاً لاستقرار مستدام، فضلاً عن أن هذه الإصلاحات ستقود إلى إكمال اندماج السودان في مجتمع التنمية العالمي.
وقال خليل في حديثه لـ"العين الإخبارية" "توقيت تطبيق هذه الزيادات لم يكن موفقاً حيث تشهد الأوضاع المعيشية تراجعاً كبيراً ومثل هذه القرارات ستؤدي إلى اشتعال السوق بصورة خرافية في ظل غياب الرقابة الحكومية على هذه القطاعات".
وأضاف "أغلبية حركة الاقتصاد السوداني مرتبطة بالسوق والنقل والتبضع، وكان على الحكومة أن تسرع في تنفيذ إجراءات الحماية الاجتماعية التي تمضي ببطء حتى الآن مع الاستمرار في تطبيق روشتة الإصلاح الاقتصادي التي يشرف عليها صندوق النقد الدولي".
وسيطر قرار رفع أسعار الوقود على مجمل المجالس الشعبية في السودان وأثار اهتمام المواطنين بشكل بالغ، معربين عن خوفهم الكبير من تضاعف تكلفة المعيشية في بلاده.
مواطن يئن
ويبدي أحمد إبراهيم 40 عاماً، خوفه الشديد من أعباء معيشية ثقيلة سيخلفها قرار زيادة أسعار الوقود في بلاده، قائلاً "هذا أمر صعب للغاية ونخشى أن نفشل في توفير الاحتياجات اليومية لعائلاتها".
وأشار إبراهيم وهو والد لـ4 أطفال لـ"العين الإخبارية" إلى أنه يتوقع زيادة كبيرة في تذكرة النقل الداخلي وقد تتضاعف عن السعر الحالي، وأنه بحاجة إلى ثلاثة ألف جنيه على الأقل للوصول إلى مكان عمله في مدينة الخرطوم والعودة إلى منزله في أم درمان، هذا بخلاف الاحتياجات الأخرى.
وقال "أعمل في شركة خاصة وراتبي الشهري 50 ألف، ومن ناحية حسابية فإنه لن يكفي سوى ثلث احتياجاتي،. من أين نأتي بالمبلغ المتبقي؟، يجب أن تلتفت الدولة إلينا وتتراجع عن هذه القرارات.
وقالت مالية السودان في تعميم الثلاثاء إن القرار يأتي في إطار سياسية الدولة الرامية لإصلاح الاقتصاد الوطني وتأسيس بنية تمكن مؤسسات الدولة والقطاع الخاص من التعامل مع مؤسسات التمويل الدولية".