تتباين مستويات التنمية في عالمنا العربي بشكل ملحوظ، وهذه مسألة طبيعية بحكم تباين الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية.
تتباين مستويات التنمية في عالمنا العربي بشكل ملحوظ، وهذه مسألة طبيعية بحكم تباين الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية والموارد والخطط والسياسات، وغير ذلك من عوامل حاكمة لمسارات التنمية في مختلف الدول، وبالتالي أصبح استنهاض الهمم وشحذ طاقات ملايين الشباب في مختلف أرجاء العالم العربي مسألة ضرورية للمستقبل.
مثل هذه المبادرات تصب في مصلحة التعاون والتلاحم العربي ـ العربي، ولا تعمل في فضاء مغاير للأهداف التي تسعى إليها الأطر المؤسسية القائمة منذ عشرات السنوات، بل هي رافد قوي يغذي هذه الأطر ويضخ فيها دماء جديدة ستسهم حتماً في تزويدها بالطاقة اللازمة لاستئناف نشاطها
وتؤمن القيادة الرشيدة في دولة الإمارات بأن استنهاض العالم العربي يقع على كاهل الدول التي حققت إنجازات على دروب التنمية المستدامة، بحكم أن الأمن القومي العربي لا يتجزأ، وأن التصدي للتحديات التي تواجه أمتنا العربية لن يتأتى سوى من خلال إعادة الاصطفاف وبناء القدرات العربية كي تستطيع مواجهة التحديات التي تتنوع بين أمنية وسياسية واقتصادية وتقنية.
في هذا الإطار يمكن فهم أهمية تأسيس أول مجموعة عربية للتعاون الفضائي، والتي وقع ميثاق تأسيسها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بهدف بناء تجمع للكفاءات العربية في مجال الفضاء، فالعلماء العرب برعوا قديماً في العلوم والرياضيات، ومنهم الخوارزمي والبيروني وابن الهيثم وأبو يوسف الكندي وجابر بن حيان والإدريسي وغيرهم، والقائمة تطول ويصعب حصرها في هذا المقال، ومن ثم آن لهذه الأمة أن تنفض عن نفسها ما لحق بها من غبار عقود وقرون طويلة استنزفت جهودها فيها لأسباب وعوامل لا مجال هنا للخوض فيهان ولكنها أسفرت عن المشهد العربي الحالي الذي لا يليق بحضارة أسهمت في مسيرة الحضارة الإنسانية وقدمت الكثير للبشرية.
ما تعمل عليه الإمارات الآن هو رسالتها التي تتمحور حول فكرة صناعة الأمل، وهي جزء من رسالة أشمل تستهدف بناء المستقبل اعتماداً على منظومة قيم ومبادئ أصيلة، سواء بجذورها العربية أو الإسلامية، وتشمل قيم يحتاج إليها العالم أجمع بشدة، مثل التسامح والتعايش.
الرائع في هذا الجهد الإماراتي أنه يبزغ في وقت تعمل فيه أطراف معادية للعالم العربي على الزج بشبابنا في معارك وصراعات قديمة/جديدة، من خلال استحضار عداءات تاريخية بين المسلمين والغرب، والنفخ في نيران الفتنة وتعميق العداوة لتهيئة العقول لتقبل الفكر المتطرف الذي يسعى لإطلاق جولة جديدة من الإرهاب، الذي لفظ أنفاسه عسكرياً بعد هزيمة تنظيم "داعش" واندحاره في سوريا.
وتمثل مظلة التعاون الفضائي العربي وغيرها ترجمة لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بشأن استئناف الحضارة العربية، وهي مبادرة قادرة على الإسهام الجاد في إعادة بناء الأمل لدى ملايين الشباب العربي الذين ينظرون إلى المستقبل في دولهم بعيون مليئة بالشكوك والمخاوف، ومثل هذه المبادرات تعمل خارج نسق التعاون التقليدي العربي المؤسسي، الذي لم يعد يحقق الحد الأدنى من طموحات الشعوب العربية، والكل يعلم أن وتيرة التطور العالمي لم تعد قادرة على انتظار تجاوز العثرات التي تعرقل العمل العربي المشترك، لذا فإن مثل هذه المبادرات قادرة على صياغة البديل بشكل فاعل وواقعي يلبي تطلعات الشباب والشعوب، وينتج الحلول الفاعلة لواقع عربي مؤسسي لم يعد يخفى على أحد.
مثل هذه المبادرات تصب في مصلحة التعاون والتلاحم العربي - العربي، ولا تعمل في فضاء مغاير للأهداف التي تسعى إليها الأطر المؤسسية القائمة منذ عشرات السنوات، بل هي رافد قوي يغذي هذه الأطر ويضخ فيها دماء جديدة ستسهم حتماً في تزويدها بالطاقة اللازمة لاستئناف نشاطها واستعادة دورها، ويلحظ الجميع أن المبادرة الإماراتية قد اتخذت خطواتها الأولى بسرعة تناسب إيقاع العصر، فميثاق تأسيس أول مجموعة عربية للتعاون الفضائي تضم 11 دولة عربية، تعمل على أول مشاريعها الذي سيكون قمراً صناعياً سيعمل عليه العلماء العرب في دولة الإمارات.
الإمارات باتت تمتلك خبرة معرفية متراكمة في مجال الفضاء، وها هي تبادر لبناء مظلة للقدرات العربية في هذا المجال الذي بات يمثل جزءاً لا يتجزأ من التنمية المستقبلية، وهذا ما يفسر قول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إن "الإمارات تقود الحراك العربي في قطاع الفضاء، ولدينا إيمان بقدرات العقل العربي والعلماء العرب"، لافتاً سموه إلى أن "أمتنا العربية لديها من العلماء والخبرات العلمية والطاقات الاستثنائية ما يؤهلها لخوض سباق التطوير والابتكار في قطاع الفضاء وتحقيق التفوق والريادة"، كلمات تعبر عن رؤية استراتيجية إماراتية تقوم في أحد جوانبها على صناعة الأمل واستنهاض الهمم باعتبار ذلك محفزات مهمة لانتشال ملايين الشباب من أجواء اليأس والإحباط التي قد تهيئهم لقبول الفكر المتطرف.
ومن ثم علينا أن نتصور أن هذه الجهود ليست نوعاً من الرفاه أو التسويق الإعلامي، فدولتنا بما تحقق من إنجازات ليست في حاجة لمثل هذا النوع من التسويق، ويكفيها المؤشرات الإحصائية والكمية الواردة في التقارير الدولية الخاصة بالتنمية المستدامة لإبراز إنجازاتها ونجاحاتها، ولكن المسألة هي رسالة حقيقة، ومثلما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم فإن "صناعة الأمل في وطننا العربي ضرورة لمحاربة اليأس والسلبية"، وإن نشر قصص الأمل تفتح آفاقاً جديدة للحياة وتساعد في مواجهة التحديات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة