«6 بطات عرجاء» وميلوني.. قمة «غريبة» لمجموعة السبع
مع تطورات الحرب في أوكرانيا، وصعود اليمين المتطرف والأزمة في الشرق الأوسط، يحتاج الغرب إلى قيادة قوية وعاجلة من مجموعة السبع.
لكن مثل هذه القيادة، محل شكوك كبيرة، إذ يمكن القول إن قمة مجموعة السبع في منتجع بورجو إيجنازيا الساحلي في جنوب إيطاليا، "تضم أضعف تجمع للقادة منذ سنوات"، وفق مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
إذ إن معظم الحاضرين منشغلون بالانتخابات أو الأزمات المحلية، أو خاب أملهم بعد سنوات من توليهم المنصب، أو يتشبثون بالسلطة بشكل يائس.
ويخوض كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، حملتين انتخابيتين مفاجئتين دعوا إليهما في محاولة أخيرة لعكس مسار حظوظهما المتراجعة.
فيما تعرض المستشار أولاف شولتز، لهزيمة صعبة أمام اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي نهاية الأسبوع الماضي، ما يفاقم الضغوط عليه من أجل إجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الكندية المقررة 2025، قد تكون الشمس على وشك الغروب عن جاستن ترودو أيضًا. ووفق معطيات اللحظة الراهنة، من المتوقع على نطاق واسع أن يخسر رئيس الوزراء الكندي بأغلبية ساحقة أمام منافسه الرئيسي، زعيم المحافظين، بيير بويليفر.
بينما يعاني رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا من أدنى مستوياته الشخصية في استطلاعات الرأي، قبل خوضه سباق الانتخابات في وقت لاحق هذا العام.
ثم هناك جو بايدن. إذ أُدين نجل الرئيس الأمريكي (٨١ عاما)، هانتر، بتهمة حيازة السلاح يوم الثلاثاء الماضي، قبل أسبوعين من أول مناظرة حاسمة لوالده مع دونالد ترامب في حملة رئاسية يواجه المرشح الديمقراطي خطرًا كبيرًا بخسارتها.
"ضعفاء للغاية"
وفي هذا الإطار، قال إيفو دالدر، الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة لدى حلف شمال الأطلسي "الناتو" في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما: "باستثناء رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، فإن جميع القادة في قمة مجموعة السبع ضعفاء للغاية".
وتابع "من المحتمل ألا يفوز ترودو في الانتخابات المقبلة. بايدن لديه سباق انتخابي صعب. شولتز ضعيف. ماكرون ضعيف. سوناك رجل ميت يمشي على قدميه، وكيشيدا لديه مشاكل خطيرة في الداخل أيضًا".
من ناحية أخرى، لا تستطع الإيطالية جيورجيا ميلوني التوقف عن الفوز. وبعد عامين من وصولها إلى السلطة كزعيمة لحزب "إخوان إيطاليا" اليميني المتطرف، زادت السياسية البارزة من حصة حزبها من الأصوات في الانتخابات الأوروبية، وتستعد للعب دور حاسم في تشكيل الاتجاه المستقبلي لسياسة الاتحاد الأوروبي.
لكن ميلوني لا تقود قوة عظمى. فعلى الساحة الدولية، لا يوجد الكثير مما يمكن لإيطاليا، تاسع أكبر اقتصاد في العالم، القيام به، على حد قول "بوليتيكو".
ومنذ أشهر، وتحت القيادة الإيطالية، يحاول المسؤولون في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية تسوية خلافات من أجل الإعلان عن خطة مجموعة السبع للاستفادة من الأصول الروسية المجمدة في البنوك الغربية، لتقديم قرض ضخم لأوكرانيا.
ولكن في يوم انعقاد القمة، الخميس، لا يوجد حتى الآن أي مؤشر على التوصل إلى اتفاق في هذا الصدد.
وتحتاج أوكرانيا إلى المال بشكل عاجل. وإذا لم يتم التوقيع على مقترح الاستفادة من الأصول الروسية في قمة السبع، فإن المحادثات قد تطول في الصيف وتقترب بشكل خطير من الانتخابات الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني، التي تعد نتائجها محفوفة بالقلق.
وبغض النظر عن النتيجة، فإن الحملة الرئاسية التي تصل إلى ذروتها في نوفمبر/تشرين الثاني، لن تكون لحظة مواتية لإبرام صفقات متعددة الأطراف مع أمريكا.
هذا لا يجعل التوصل إلى اتفاق حول قرض أوكرانيا، أكثر احتمالاً في اجتماع مجموعة السبع؛ فالقادة على طاولة القمة لديهم جميعًا سبب للانشغال بمخاوفهم الداخلية،
وعلى سبيل المثال، الرئيس الفرنسي منغمس في حملة انتخابية مبكرة. لذلك، قال دالدر: "سيكون من الصعب جدًا على ماكرون الموافقة على استخدام الأصول الروسية قبل الانتخابات".
لحظة ميلوني
وفق ما ذكره مسؤولون إيطاليون لـ"بوليتيكو"، فإن ميلوني ستستغل القمة لتعزيز مصالح إيطاليا. ومن المقرر أيضًا أن تشارك بالتوازي مع القمة، في محادثات مع قادة الاتحاد الأوروبي حول من يجب أن يتولى المناصب العليا في التكتل، بما في ذلك إعادة التعيين المحتملة لـ"أرسولا فون دير لاين"، كرئيسة للمفوضية الأوروبية.
وقالت ميلوني لإذاعة "آر تي إل" يوم الإثنين الماضي: "لقد برزنا كأكثر الحكومات الأوروبية قوةً، على عكس الاتجاه السائد"، مضيفة: "من بين حكومات الدول الأوروبية الكبرى، نحن بالتأكيد الأقوى".
ويتماشى جدول الأعمال الذي وضعته ميلوني لقمة مجموعة السبع، مع المصالح الاستراتيجية لإيطاليا، بما في ذلك ملفات أفريقيا والهجرة والبحر الأبيض المتوسط.
وتهدف الحكومة الإيطالية، إلى تسخير الاستثمار في البنية التحتية الأفريقية للحد من جاذبية الهجرة الجماعية إلى أوروبا، بينما يريد فريق ميلوني أيضًا إبرام صفقات مع الدول الأفريقية لمنع الهجرة.
هنا، قال جيوفاني أورسينا، أستاذ التاريخ السياسي في جامعة لويس في روما، إن نجاح ميلوني في الانتخابات الأوروبية سيساعدها على جذب الدعم لملفاتها المفضلة.
ومضى قائلا "على الرغم من أن تأثير روما محدود مقارنة باللاعبين الرئيسيين في مجموعة السبع مثل الولايات المتحدة، إلا أن ميلوني بالتأكيد قوية جدًا الآن"، مضيفا "إذا كانت ماهرة يمكنها أن تحقق نجاحًا دوليًا مهمًا، حيث يمكنها أن تضع القضايا المهمة بالنسبة لها على جدول الأعمال".