القمار والاتجار بالبشر.. ملاذ مليشيات إيران بالعراق من الإفلاس
نقطة فاصلة شكلها مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني بالنسبة لمليشيات طهران في العراق، والتي باتت مشتتة ومقسمة
مرحلة بالغة الصعوبة تواجهها المليشيات الإيرانية في العراق، تضعها على حافة الإفلاس وفوضى القيادة، وفي قلب الانشقاقات والانقسامات.
فبعد عقود من حراسة نفوذ طهران في العراق حصلت خلالها على الدعم بالمال والسلاح، حلت سنواتها العجاف بأمر من توليفة من الأسباب والعوامل، جعلتها تودع "عصرها الذهبي"، لتطرق أبواب الدعارة والقمار والاتجار بالبشر.
ملاذ لا يستبطن فقط الوضع المختنق للمليشيات، وإنما يترجم مستوى العجز المالي والخواء الذي تشهده خزينة حكومة طهران، متأثرة بتداعيات تفشي فيروس كورونا، وانهيار أسعار النفط، والعقوبات الأمريكية.
حافة الإفلاس والتفكك
نقطة فاصلة شكلها مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني بالنسبة لمليشيات طهران في العراق، والتي باتت مشتتة ومقسمة في ظل غياب قيادة قادرة على السيطرة عليها وتجميعها تحت لوائها، قبل أن يفاقم وباء كورونا من أزمتها بتجفيف منابع تمويلها وبعثرة مخططاتها.
ففي أقل من 6 أشهر، فقدت المليشيات العراقية المتنفذة مثل كتائب حزب الله في العراق، وعصائب أهل الحق، ومليشيات النجباء، قائدها سليماني في ضربة ضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي مطلع العام الجاري، وخسرت مصادر تمويلها باستفحال الأزمة الاقتصادية.
وبفقدان قائدها، يقول أسامة بن علية، الخبير في شؤون الجماعات المسلحة، إن المليشيات دخلت مرحلة فوضى القيادة التي أثرت على وحدة المليشيات وضمان انسجامها، وبدأت الانقسامات تدب فعلا في صفوف مجموعات كان سليماني يجمعها تحت مظلة الحشد الشعبي.
ويضيف بن علية، في حديث لـ«العين الإخبارية»: تواجه الحكومة الإيرانية مرحلة صعبة بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، فاقمها انتشار فيروس كورونا وتراجع أسعار النفط، وهو ما أثر على إمداداتها المالية لمليشياتها في العراق بشكل أساسي.
وفي السابق، يتابع الخبير، كانت المليشيات تتسلل عبر غطاء سياسي يتيح لقادتها اختراق المشهد العراقي ووضع أياديهم على المقدرات المالية للبلاد واستغلالها لتمويل أنشطتها المشبوهة الخارجة عن القانون.
ويستدرك: «لكن بدخول العديد من الإحداثيات الجديدة على الخط، ومجيء حكومة عراقية جديدة بقيادة مصطفى الكاظمي غير المحسوب على معسكر الموالين لإيران، انقلبت معادلة طهران في العراق رأسا على عقب، وباتت مليشياتها هناك على حافة الإفلاس والتفكك.
القمار والملاهي الليلية
في عهد سليماني، كانت الفصائل المتنفذة تحصل على تمويلها مباشرة من طهران أو من الخزينة العراقية، فيما كانت المليشيات الأصغر حجما تعتمد على وسائل أخرى غير رسمية للدخل، وتتلقى أيضا تمويلات إضافية من إيران.
كما كانت المليشيات تدير أنشطة أخرى مثل القمار والدعارة والاتجار بالبشر، وإن كان ذلك يتم بشكل محدود، لكن ومع تفاقم أزمتها، وسعت المليشيات من مجال نشاطها.
ووفق تقارير إعلامية، نقلا عن مصادر مطلعة، تفرض المليشيات نوعا من «الحماية» للملاهي الليلية ودور قمار ومحال بيع مشروبات كحولية في بغداد، مقابل الحصول على مقابل مالي.
أما طبيعة «الحماية» المقدمة، فتشمل الحماية من المحاسبة الحكومية، ومن التفجير والقتل، وأيضا من المنافسة، أي أنه في حال تعرض أحد تلك المحال الخاضعة لحمايتها لأي نوع من المنافسة، فإن المليشيات تتدخل بتصفية الخصم بشتى الطرق.
وبالنسبة للمحلات التي ترفض دفع «الإتاوة الشهرية» للمليشيات، فإنها تتعرض لهجمات مسلحة عادة ما تسفر عن قتلى وفوضى تنتهي بإغلاقها.
من جانبه، قال مصدر لـ«العين الإخبارية»، مفضلا عدم الكشف عن هويته، إن المليشيات تدير أيضا أوكارا وملاهي ليلية سرية، تستقطب فيها نساء من جنسيات مختلفة من أجل أنشطة مشبوهة.
كما تدير شبكات للتهريب عبر طرق تغيرها بشكل مطرد وفقا للإحداثيات الأمنية، حيث تعمل حاليا عبر النهر الذي يفصل القائم العراقية عن الباغوز السورية، وتهرب يوميا عشرات الزوارق المشحونة بالبضائع والمسلحين.
ونظرا لعدم استقرار الأوضاع سواء في العراق أو سوريا، تنتعش تجارة تهريب البشر بالمناطق الحدودية بين البلدين، بإشراف المليشيات الإيرانية.
ونقل إعلام أمريكي رسمي عن مصدر من شرطة مدينة القائم العراقية، قوله إن المليشيات «تحصل على 200 دولار للشخص الواحد مقابل السماح له باجتياز الحدود إلى سوريا بدون جواز سفر، كما تهرب عوائل تنظيم داعش الإرهابي من مخيمات سوريا إلى العراق مقابل المال».
المليشيات دخلت أيضا على خط الاختطاف والقتل المأجور، مستفيدة من تواجدها في بلد يشكل خط نار ملتهب على جميع الأصعدة، ويتقاسم حدودا مع بلد تتقاذفه الحرب منذ نحو عقد من الزمن.
aXA6IDE4LjExNi4yMy41OSA= جزيرة ام اند امز