نباشو القمامة في تونس.. "حماة البيئة" يقتاتون من "الزبالة"
نباشو القمامة في تونس أناس يعملون في صمت، تراهم صباحا ومساء منهمكون في نبش المزابل والبحث عن قوت يومهم دون مد أيديهم لأحد.
هؤلاء الاشخاص يشقون لتحصيل رزقهم بشرف رغم ازدراء المجتمع ونظرتهم الدونية لهم بسبب عملهم. فمع تصاعد مؤشرات الفقر تونس في العشر سنوات الأخيرة وفي ظل عشرية حكم الإخوان، شق جزء من التونسيين من الطبقة الفقيرة، والتي ازدادت فقرا، طريق النبش في القمامة لتحصيل مبالغ مالية ضئيلة تسد جوعهم.
فكل 20 كيلوجراما من البلاستيك المستعمل يباع بحوالي 5 دولارات، وهو حصيلة جهد يوم كامل يجوب خلاله العديد من حاويات القمامة.
ويجمع نباش القمامة في اليوم العادي بين 10 و20 كيلوجراما في اليوم من البلاستيك والعلب المعدنية.
هذه الفئة من التونسيين يستيقظون مع الفجر قبل انطلاق عمل أعوان البلدية من جامعي القمامات، ويتوجهون إلى حاويات المزابل رفقة كيسهم الموضوع في عربة يدفعوها بأيديهم ويشرعون في البحث عن البلاستيك والخبز القديم والكرتون.
وتقدر مصالح وزارة البيئة كمية النفايات المنزلية المنتجة سنويا بتونس بحوالي 2.5 مليون طن، يتم التصرف في أكثر من ثلثها بالمعالجة والتثمين. كما أن حجم سوق النفايات في تونس يبلغ أكثر من 100 مليون يورو.
كما تشير تقديرات غير رسمية إلى أنّ 8 آلاف شخص يعملون في هذا القطاع، إذ يسهم هؤلاء "البرباشة"، كما يطلق عليهم في تونس، بما يزيد على 60% من البلاستيك المجمع من مكب النفايات.
مخاطر صحية
وقالت كوثر المعروفي، منسقة بجمعية "البرباشة"(جمعية لدعم نباشي القمامة)، إن النباشة يعانون من وضعية صعبة يتعرضون خلالها إلى مخاطر صحية من بكتيريا وفيروسات وجرح حيث يقومون باستخراج البلاستيك رغم قيمته الكبيرة في عملية إعادة تدوير النفايات البلاستيكية، إلا أنهم أضعف حلقة وأكبر حلقة.
وتابعت في تصريحات لـ"العين الاخبارية" أن "البرباشة" يقومون بعمل كبير في إعادة تدوير النفايات البلاستيكية، مشيرة إلى أن هؤلاء مهمشون حيث لم يقع تنظيم هذا القطاع الكبير".
وأكدت أنه من الجانب الاجتماعي لا يتمتع هؤلاء الأشخاص بتغطية اجتماعية، موضحة: "حاولنا مع الجمعية ووزارة التشغيل إيجاد صيغة لجعل عمل النباشة كمهنة معترف بها".
وأضافت: "النباشة يعانون من النظرة الدونية واحتقار المجتمع لهم والجمعية حاولت بتدخل ودعم مادي من بعض المستثمرين لإجراء تلاقيح تحميهم من الفيروسات والبكتيريا التي تنتجها القمامة".
وأكدت أن الجمعية قامت بإجراء دورات تدريبية لنباشي القمامة للتعرف على طريقة كيفية تنفيذ مشروع لتطوير أنفسهم لتصبح جامع نفايات ومهنة مهيكلة قانونيا.
وتابعت: "قدمنا لهم ألبسة مخصصة لمهنة نباشي القمامة كي تكون عازلة للأوساخ وللمياه لتحسين صورتهم في المجتمع، وقمنا بنشاط لجعلهم يجمعون النفايات من المنازل دون النبش في القمامات تجنبا للمخاطر الصحية".
وأوضحت أن هذه الجمعية تفتقر لدعم مادي من المستثمرين ورجال الأعمال لمواصلة عملها".
فئة من حقها العيش
ويرى الباحث في الشأن البيئي وصاحب الإصدارات البيئية سليمان بن يوسف، أن جمع هؤلاء الأشخاص لنفايات البلاستيك يساهم في حماية البيئة بطريقة مهيكلة مع التأطير والتنظيم وتوفير المتابعة الصحية.
ويتابع في تصريحات لـ"العين الاخبارية" أن هذه الفئة من حقها العيش ويمكن توفير أطر لهيكلتها وإدماجها في نشاط الفرز الانتقائي.
ويضيف: "المطلوب مزيدا من التقدم في الدراسات المنجز بمشاركة المتدخلين لضمان مساهمتهم في الدورة البيئية" داعيا إلى تعميم وتطوير بقية المنظمات بإشراف وكالة التصرف في النفايات لتحفيز عمليات جمع واستعادة النفايات.